رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفتاوى السلفية.. تحليل الكذب باسم الله


السياسة تعرف الكذب، ولكن الأديان تمقته، ولا نعرف دينا من الأديان أو مذهباً من المذاهب يبيح الكذب، وهناك قول مأثور عن الرسول الأكرم ـ صلى الله عله وسلم ـ يفيد بأن المؤمن قد يسرق أو يزنى ولكنه أبدا لا يكذب، لأنه لو فعل الموبقات

والمعاصى فسوف يفضح نفسه إذا سُئل عما فعل لأنه مؤمن لا يكذب، ومن ثم فلا يقترب من المعاصى لأن الصدق يمنعه، والحديث الشريف الذى يبيح الكذب فى ثلاثة مواضع وهى الحرب وعلى الزوجة وللإصلاح بين الناس، يأخذ المسلمون به للإصلاح بين الناس، وليس للفتنة أو الوقيعة أو تقسيم المجتمع لمؤمن وكافر، ومن هنا ندرك أن الإسلام يعتبر الكذب من الكبائر مثل شهادة الزور تماماً، لا حد دنيويا له.

ولكن عقوبته فى الآخرة عظيمة، ومن ثم عندما يفتى أحد الناس بإباحة الكذب، أو يدُعى على غيره بما ليس فيه، أو يقسم الناس المصريين المسالمين لمؤمن وكافر بدلا من الخطأ والصواب، فإنه يفترى على الله والرسول، السلفيون يكذبون على الناس باسم الله ويبيحونه، ويعتبرونه كذباً حلالاً طيباً، مثلما أفتى الشيخ السلفى ياسر برهامى بجواز أن تخدع الزوجة زوجها بهدف الذهاب للتصويت فى الاستفتاء على مشروع الدستور، فى حال إذا كان زوجها يرى أن الدستور غير صالح لأن نقبله، ففى سؤال وجهته سائلة إليه هل يجوز لها النزول يوم السبت القادم للتصويت على الدستور دون إذن زوجها، نظراً لأنه معارض للدستور؟ فتنحنح الشيخ الجليل ولم ينس قبل فتواه أن يصلى على النبى ثم يقول لها بملء فيه: «استأذنيه للخروج لأى سبب آخر دون ذكر الاستفتاء، ثم اذهبى إلى الاستفتاء». ويعتبر الشيخ برهامى أن هذا من الكذب المباح، رغم كل الفتاوى السلفية التى لا تبيح للزوجة الخروج من بيتها أبداً إلا بإذن زوجها ومعرفة الجهة التى ستذهب إليها، حتى لو ذهبت لبيت أبيها، وهى فتوى سياسية براجماتية لا علاقة لها بالدين، أما الشيخ السلفى الآخر محمد عبد المقصود فقد أفتى أيضا بالكذب المباح قائلاً: «نحن ضد الدعوة لإقامة الدولة العلمانية التى يسميها البرادعى وحمزاوى بالمدنية والتى تشجع على الخروج عن الدين، وأننا نريد دولة ديمقراطية تقوم على الشورى والاحتكام للصندوق وليس الديمقراطية التى تدعو للكفر والضلال وأن يكون الشعب فوق كتاب الله»، وهى فتوى سياسية أيضاً، لأنه لا يقول الحقيقة، فلا أحد ممن ذكرهم الشيخ عبد المقصود شجع أو يشجع الخروج على الدين أو من الدين، ثم إن السلفيين أنفسهم يحرمون كلمة الديمقراطية من الأساس، ولا يعترفون بها ولا بصندوق الانتخابات، ومن لا يصدقنا فما عليه إلا الرجوع إلى فتاوى شيوخ السلفيين المصريين وشيوخهم من الوهابيين، وهو يكذب كذباً حلالاً طيباً عندما قال عن التيارات المدنية تروج للكفر، وأيضا عندما يضع الإخوان المسلمون صورة أحد المصابين على أنه منهم، وعندما يدعى وزير الإعلام الإخوانى أن الحسينى أبو ضيف إخوانى رغم تحقيقاته عن فسادهم، وعندما يدُعون أن شهداء الاتحادية المسيحيين من الإخوان، فهو يكذبون الكذب الحلال الطيب باسم الله والرسول. بل وعندما يراوغ حازم أبو إسماعيل حول جنسية والدته ويقول إنه خلال أسابيع سيحضر ما يثبت أنها لم تحصل على الجنسية الأمريكية، رغم حصولها عليها رحمها الله، ثم لا يوفى بوعده، وعندما يحاصر مدينة الإنتاج الإعلامى لإسكات القنوات الفضائية المعارضة، مدعياً أنها قنوات الضلال، ثم عندما يذهب أنصاره لحرق حزب الوفد، ثم يدُعى أنه لا يعرفهم، فهو يكذب الكذب الحلال المبارك، وعندما أفتى الشيخ السلفى خالد سعيد بتحريم حضور جنازة اللواء الراحل عمر سليمان ويحلل الفرح والشماتة فى موته، وعندما يفتى الشيخ السلفى فوزى السعيد عن المعارضين، قائلاً على الملأ: «قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار»، وبهذا ينقسم المجتمع ويصبح نصف المجتمع كافراً، لأنه قال لا للدستور، فهم يكذبون كذباً حلالاً، لأن ذلك جاء فى الوقت الذى أكد فيه الأزهر الشريف أن عملية الاستفتاء لا علاقة لها بأحكام الشريعة ولا بالحلال والحرام، مطالباً الخطباء أبعاد المنابر عن الصخب السياسى مصداقاً لقوله تعالى: «وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً»، تلك بعض الأمثلة للكذب السياسى الحلال، أو الفتاوى التى تفرق ولا تجمع، وتفتى بغير علم ولا نور ولا هدى ولا كتاب منير، ونتساءل بنية صادقة، لماذا لا نسمع تلك الفتاوى من علماء الأزهر الشريف، ولماذا وحدهم السلفيون الذين يحللون الكذب باسم الله دون باقى الأديان والمذاهب، لماذا؟؟!!!

■ كاتب