رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توابع زلزال أزمة "قمح الأرجوت".. بوادر أزمة بين مصر وروسيا وسيناريوهات خطيرة تهدد الصادرات الزراعية.. خبراء يحذرون من قيام دول أخرى بنفس الخطوة

جريدة الدستور

لا يزال الجدل دائرًا حول تلميح روسيا إلى اعتزامها وقف استيراد الفاكهة والخضروات المصرية، لأسباب صحية، خصوصًا وأنه جاء بعد أن وضعت وزارة الزراعة المصرية، القمح الروسي في قائمة الأقماح المحظور استيرادها لإصابته بفطر "الإرجوت"، الأمر الذي لم يجد تفسيرًا عند كثير من المتابعين سوى أنه معاملة بالمثل، وردٌ على القرار المصرى، على نحو يحمل صبغة سياسية.

ورغم إعلان وزارة الزراعة عدم علّمها، أمس الجمعة، بالقرار الروسي ولم تتلق أي إخطارات رسمية من ‏موسكو، ألا أنها عادت وأعلنت أن الإدارة المركزية للحجر الزراعي تلقت خطابًا من الممثل ‏التجاري للسفارة المصرية بروسيا، يفيد بمطالبة الجانب الروسي عقد اجتماع مشترك بين مسئولي الحجر ‏الزراعي المصري ونظيره الروسي.‏

وأوضحت الوزارة، أن الاجتماع يأتي لدراسة ومناقشة الاشتراطات الفنية لعدد من الشحنات المصرية الزراعية ‏إلى روسيا، التى تم رفضها مؤخرًا من الجانب الروسي، وكذلك الاشتراطات الفنية الحجرية المتعلقة ‏بتصدير شحنات الخضر والفاكهة، خاصة قبل بداية الموسم الجديد، وليس وقف الصادرات المصرية ‏لروسيا.‏

خبطتان فى الرأس
وبعيدًا عن فكرة الربط بين القرارين، واستبعاد فرضية المصادفة، فإن ما زاد من الإثارة في القضية، أن هذه الأزمة تأتي بعد أيام قليلة، من تقرير وزارة الزراعة الأمريكية بشأن الصادرات المصرية من ‏الخضار والفواكه والأغذية وعلي رأسها الفراولة، الذ أكد أنه يتم ريها بمياه المجاري وتسبب الإصابة ‏بمرض الكبد الوبائي.‏

وأشار إلى وجود إجراءات صارمة سوف تتخذها وزارة الزراعة الأمريكية حيال السلع المصرية الواردة ‏إلى أمريكا منها منع استيراد الفراولة أو أي فواكه مصرية تم ريها بمياه المجاري ووضع شروط جديدة ‏صارمة بشأن غسيل الخضار المجمد الذي يصل الي أمريكا من مصر.‏

‏تأثير القرار الروسي
قرار وزارة الزراعة المصرية، صحيح مائة بالمائة، أيًا كانت تداعياته، ذلك أنه ينطلق من ركيزة وطنية خالصة، ولا يستهدف سوى مصلحة المواطنين، والحفاظ على أرواحهم، لكن القرار الروسي في المقابل خلق معادلة صعبة، ذلك أن روسيا شريك استراتيجي مهم لمصر، على مختلف الأصعدة وفي القلب منها التعاون التجاري، من ثم فإن حل هذه المعادلة بسلام هو الأهم، إذ هناك – وفقًا لخبراء الاقتصاد والزراعة– ثلاثة سيناريوهات سلبية تحيط بالقرار ‏الروسي حال تنفيذه، لا سيما أن روسيا اشترت منتجات وموالح مصرية بلغت قيمتها ‏نحو 150 مليون دولار في 2015 بما يمثل نحو 13 % من إجمالي حجم واردات الموالح.‏

‏ثلاثة سيناريوهات
يقول الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، إن ‏روسيا هي أكبر شريك لمصر من ناحية المنتجات الزراعية، مُشيرًا إلى أن القاهرة تستورد أغلب منتجاتها ‏الزراعية من موسكو، وفي حال تنفذ روسيا تهديدها ستجد مصر صعوبة في إيجاد منفذ استيراد جديد لها.

وأضاف: على الجانب الآخر فإن محاصيل الفاكهة لدى مصر محدودة بشكل كبير، ولا يتم تصدير سوى ‏عدد قليل منها لبعض الدول الخارجية، وهو الأمر الذي يهدد مستقبل الإنتاج السنوي المستقبلي لمصر حال ‏تنفيذ روسيا تهديدها ووقف استيراد الفواكة وبعض الخضروات، ستجد مشكلة لديها بعدم القدرة على ‏تصريفها.‏

واستنكر سليمان شرط وزير الزراعة المصري بتخفيض نسبة فطر الأرجوت إلى 0%، لأنه ليس نسبة ‏عالمية متعارف عليها بين الدول، مشيرًا إلى أن روسيا تعتبر الجهة الأولى لمصر في استيراد القمح، ‏وحال تعنت مصر في شرطها ستقابل مشكلة توفير الكميات الكبيرة التي تحتاجها لاسيما أن مصر أكبر ‏مستورد للمقمح، ولن تستطيع الاتجاه إلى سوق أخر بسبب السعر الروسي المناسب.‏

وربط الخبير الاقتصادي بين القرار الروسي، والخطوة الأمريكية التي سبقته بحظر استيراد الفراولة، ‏مؤكدًا أن العالم بدأ يعزل مصر، بسبب الاستخدام المفرط للمبيدات في الزراعة، وعدم وجود رقابة آمنة ‏للمحاصيل.‏

وأشار إلى أن العالم الغربي يتعامل دومًا كأنه كلتة واحدة، ففي حال حظر روسيا استيراد المحاصيل من ‏مصر ستقوم الكثير من الدول بنفس الخطوة، فالسعلة الزراعية التي تخرج من سوق لا تعود إليه مرة ‏أخرى، ولا تجد نفس المكانة في الأسواق الأخرى.‏

‏مصر الخاسر الوحيد
وهو نفس الطرح الذي توجه إليه الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، الذي ‏أوضح أن القرار له تأثير كبير على مصر؛ بسبب أن مصر تعتمد في استيرادها من الخارج على ‏المنتجات الزراعية، ولا تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي حال تنفيذ روسيا تهديدها.‏

ولفت إلى أن حجم الصادرات في مصر متدنٍ بنسبة كبيرة، كما أن روسيا لديها بدائل وأسواق متعددة حال ‏وقف مصر استيراد القمح منها سيكون أمامها منافذ كثيرة لتسويق منتجاتها، عكس الحالة المصرية التي ‏لا توجد أمهاما أسواق لاستيراد الخضروات بنفس الأسعار مع الجانب الروسي.‏

وأوضح أن الخطأ من البداية مع قرار تخفيض نسبة الإرجوت في القمح، وعدم قدرة مصر على تطبيق ‏معايير الاتحاد الأوربي في عمليات التصدير والاستيراد، لافتًا إلى أن مصر ستكون الخاسر الوحيد حال ‏تنفيذ روسيا تهديدها.‏