رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النظم التعليمية.. وعمليات الغش الجماعية


أسباب عديدة للغش، خاصة فى شهادة الثانوية العامة، فهى مرحلة فاصلة للطالب، وأهمها الأساليب التعليمية المطبقة بمدارسنا، فمنذ عقود يرتفع بين فترة وأخرى صوت يؤكد تطبيق سياسة تعليمية جديدة تتناسب مع متطلبات العصر، وتطوير البرامج التعليمية فى مرحلة ماقبل التعليم الجامعى، ورغم ذلك فالتعليم محلك سر، ويبدو أن هناك حلقة مفقودة بين التصريحات الوردية والواقع التعليمى الأليم . وربما لم يجد برنامج التطوير من ينفذه بطريقة سليمة، إذ لم نشهد على أرض الواقع نتائجه، ونظرة للتعليم فى الماضى القريب والذى كان أكثر جاذبية للتلاميذ، فكان التلميذ يذهب لمدرسته فرحاً ومتشوقاً للحصول على المعلومات والمعارف الجديدة، من مدرس قدوة ملتزم يبذل الجهد لتوصيل المعلومات الجديدة لتلاميذه ويستغل إمكانيات المدرسة البسيطة ونقوده القليلة لتحقيق هذا الهدف النبيل، فكان يمنح بعض تلاميذه المتفوقين هدايا مدفوعة من جيبه الخاص، ورغم ما يتقضاه من أجر ضئيل، لم يعطل الدراسة يوماً فى وقفات احتجاجية للمطالبة بزيادة المرتب، رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وأن أغلبهم يمارسون إعطاء الدروس الخصوصية، وما أدراك قيمة تكاليف الدروس الخصوصية، والتى تؤخذ بسيف الحياء.

وكل المهتمين المخلصين بشأن التعليم ، يرى أن الإصلاح الحقيقى للمنظومة التعليمية، يجب أن تشمل، المدرس والمدرسة –، وأساليب التعليم والمنهج والوسائل التعليمية المتقدمة، وللأسف ففى الوقت الذى تقدمت فيه طرق الغش باستخدام أحدث التكنولوجيات،توقفت طرق التدريس الرسمية عن التقدم، وأصبح التلميذ يبتدع طرقاً عبقرية للهروب من المدرسة، بعد أن أصبح مناخ المدرسة طارداً للتلاميذ، وهنا أتذكر المثل الشعبـــى «مفيش قطة تهرب من فرح». فالتلاميذ بمعظم مدارسنا، لا يجيدون كيفية الحصول على المعارف الجديدة، فالتعليم يعتمد على الحفظ عن ظهر قلب، ولا يقدم للتلميذ كيفية إعمال الفكر وحب الاستطلاع، والحصول على المعلومة، والمعروف أن معظم المخترعين، استلهموا أفكارهم من الملاحظة الذكية، فاختراع الطائرة قامت على تحقيق حلم، عباس بن فرناس الذى أراد التحليق فى الجو بجناحى نسر وللأسف لم يتحقق حلمه إذ سقط من حالق، وبقى حلمه الذى تحقق فيما بعد، واخترعت الطائرات النفاثة والطائرات دون طيار وهلم جرا.

ويجب أن لا نغفل دورالتنشئة الأسرية، فالأسر تلهب ظهور أبنائها للحصول على أكبر مجموع، ليلتحق بكليات القمة، وهذا الإلحاح يجعلهم يلهثون للحصول على الدرجات سواء بالتحصيل أو الغش، كما الإلحاح الأسرى يسبب للتلاميذ نوعاً من الضغوط النفسية، فيفشل فىالتحصيل ويلجأ للغش. والمهم أن نحقق المعادلة الصعبة ونعيد التلاميذ والمدرسين لمدارسهم بحب وشوق، وهذه مسئولية الأسر والمدرس ووزارة التعليم. وإذا صلح التعليم صلح الوطن كله.