رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورة الشباب والفقراء.. خطفها الأمراء الجدد!!


حطم الشعب فى طليعة شبابه أسوار السجن الكبير الذى شيده نظام مبارك وسقطت أغلاله وحديده وأصفاده بالميادين والشوارع تحت هتافات الملايين التى تطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. ودفع الشعب من خلال الشباب ثمن إسقاط النظام بدماء طاهرة

سالت وتدفقت بجانب نهر النيل.. فقد كانت مياه النهر توهب الحياة والدماء تنيرها.. وكانت تبغى من ذلك كله أن تعيش حياة مختلفة كانت تعيشها فى الماضى.. فقد كانت الجماهير ترى بعيونها كيف نهبت ثروات البلاد وساد الفقر فى ربوع البلاد وكانت شريحة واحدة تمتلك كل شىء أصبحت نسب الفقر 40٪ من الشعب طابور طويل من البطالة يهدد أركان البلاد كلها كان الحلم أن ننتقل إلى مجتمع جديد يملك فيه الشعب حريته وثروات بلاده فقد كان المجتمع يملك من الثروات الهائلة والهانئة.. ولكن جاءت الرياح قوية تريد أن تقطع أحلام الشعب وشبابه.. واكتشفت الجماهير أن هناك عملية استبدال ومشاركة بين الاستغلال القديم والجديد فهم متحدون فى هدف واحد هو كيف يستغلون الشعب بهذه الصورة إذ إن وحدة الاستغلال قائمة من قبل الثورة وبعدها.. وجاءت مسودة الدستور لتقول لنا دستور يحمى الاستغلال وينشئ طبقة جديدة من الأمراء.. وكانت المواد الدستورية تسحق الفقراء وتضرب أحلام الشباب من هنا كانت رياح الثورة الجديدة تمرق فى الشوارع والميادين!!

إن هناك من المواد ما يجعلنا نبطش بأغلبية المصريين فكيف يصبح العلاج لغير القادرين. فمنهم القادرون وغير القادرين، إن القادرين لا يتقدمون للعلاج على نفقة الدولة أو المستشفيات المجانية ولكن الهدف كان غير القادرين كيف يثبت غير القادر ذلك؟ فهل يأتى بشهادة فقر تثبت إفقاره حتى يتم علاجه.. ومن هى هذه الجهة التى تحدد من هو الغير قادر. فهل هناك هيئة عامة ستمنحنا شهادة الفقر حتى يمكن علاجنا؟ لقد كانت الدساتير السابقة تؤكد أن العلاج حق لكل مواطن ولكن الآن العلاج أصبح ليس حقاً لكل مواطن.. نعم سيسقط الفقراء موتى من عدم علاجهم.. سيحدد ذلك كل مواطن كى يتم معرفة أنه قادر أو غير قادر؟، حتى الحد الأدنى للأجور والمعاشات قد ارتبط بقوانين قديمة ستجعلنا أسرى فقر منظم وقانونى ودستورى.

فقد خرج علينا الوزير محسوب ليعلن علينا أنه سيرفع الحد الأدنى منها إلى 750 جنيها وكذلك الحد الأدنى للأجور وكنت أتمنى أن أصدقه والحقيقة تؤكد أن هذا الكلام من أجل الخداع والتضليل وأن ذلك لن يحدث فما الوعاء الذى يصرف منه ذلك وبعد الانتهاء من الدستور سيخفى الدستور وعوده فكلامه ليس نصاً فى الدستور أو القانون!!

وجاءت الضربة القوية فى استيلاء الخزانة العامة على أموال التأمينات بحجة حمايتها وضمانها وهذا هو حلم الوزير الهارب بطرس غالى الذى نهبت أحلامه بأن تستولى الخزانة العامة على أموال التأمينات وأصبحت المادة 28 هى التى حققت «حلم غالى»!!، وذهبت كل حقوق العمال والفلاحين التى تحققت عبر سنوات طويلة من الكفاح إلى أدراج الرياح فقد سقطت حقوقهم المادية والمعنوية وأصبح دخولهم المجالس النيابية من الخطوات حتى تتمتع جماعة الإخوان المسلمين بشرف الاستيلاء عليها!! وتبقى لنا كلمة فى أهمية هذا الموضوع فقد سالت دماء الشهداء والمصابين والشعب كله من أجل أن تعود ثروات البلاد وتنعكس عليهم.. ولكن الحقيقة أن هناك 12 مليون شاب وشابة لا يجدون فرص عمل.. وهناك خزانة عامة ديونها اقتربت من التريليون وأصبحت مهددة بالإفلاس.. وهناك عدد من المستثمرين يستولون على غالبية الطاقة من بترول وغاز وكهرباء مدعومة من أجل الشريحة وأصبحت الموارد السيادية فى البلاد تدفع فوائد ديون الخزانة العامة.. فهذا الخراب الاقتصادى كيف يمكن علاجه وهناك 40٪ من الشعب تحت خط الفقر فكيف يمكن علاج كل ذلك؟

إن هذا كله لا يهم الأمراء الجدد أصحاب الجماعة الجديدة التى تحكم البلاد الآن. فكل ما يهمهم كيف يستبدلون رجال أعمال نظام مبارك برجال أعمالهم أو حتى على الأقل أن تصبح هناك مشاركة فى الاستغلال لا وطن له.. ولكن الاستغلال الجديد سيكون أبشع من الاستغلال القديم فهو مغلف بالحلال والحرام والجنة والنار!!.. من هنا كان الحلال لديهم وعندهم هو أن يستمر عمال مصر حوافز لاستثماراتهم فهم ينتظرون إليهم كجانب من العملية الإنتاجية حيث سيحصلون على الأراضى بلا قيمة والقروض من البنوك بلا ضمانات وهناك عمال بلا حقوق.. إذاً الثورة انتهت بنقل الاستغلال القديم إلى المستغلين الجدد من أمراء الجماعة.

إننا نعيش فترة لم تمر فى تاريخ مصر المعارض وحتى القديم فكيف يمكن أن يتم استبعاد 70٪ من الشعب ليتحول إلى خادم إلى هؤلاء الأمراء الجدد الذين يتحركون ويتسارعون بشراسة وشراهة ليحصلوا ويستولوا على ثروات البلاد ومن سوف يعترضهم سيدخلونه نار جهنم!.. إن دستور الأمراء الذين خطفوا ثورة الشعب وفقرائه وشبابه لنا يستطيعوا أن يستمتعوا بآلام الشعب وآهاته.. فهناك طليعة خرجت يوم 25 يناير من شباب هذه الأمة لتعلن سقوط نظام إذا هؤلاء الشباب هم أمل هذا الشعب الآن ولن تستطيع الجماعة وأمراؤها من هم مارسوا البطش والتنكيل والخداع والتضليل أن يهزموا هذه الطليعة الشابة التى قدمت للعالم كله أروع ثورة إلكترونية.. وحتى إذا كانت الجماعة تملك التنظيم القوى فلن تصمد أمام تنظيم الشباب الذى هزم مبارك نفسه.. لم تكن فى يوم فصائل الثورة سوف تتحول هكذا لتبطش بكل الفصائل ولم نكن نفكر لحظة واحدة أن خداعهم التاريخى كان لنقل الاستغلال أو المشاركة فيه للأغلبية المقهورة التى سارت لتطيح بأقوى نظم الوطن.. نحن نعيش الآن نحو بزوغ فجر جديد من الاستغلال بأهداف أخرى ومختلفة ليرفع هذا الاستغلال شعارات مختلفة ولكنها تدخل فى وجدان البشر أنفسهم.

إن هناك اقتصاداً منهاراً تماماً ويوجد 2500 مصنع فى كل المدن الصناعية وغيرها متوقفة تماماً عن العمل والإنتاج وهذه المصانع ضحية الاستيراد المفتوح الذى دمر الاقتصاد الوطنى ولكن أمراء الجماعة يرون أن التجارة واستغلال العمال هما حق مشروع كى تترفع بيانات ثرواتهم فهم قد يرون أن حقوق أمراء مبارك يجب أن تنقل إليهم فهم يتمتعون بشرعية الثروة والدولة. إننا نعيش الآن فى جماعة ترى أن الاستغلال حق لهم وموروث من النظام السابق.. ولكن الثورة التى قام بها الشباب كطليعة للشعب كله خاصة فقرائه لن تسقط وتتحول إلى لقمة سائغة لدى الأمراء الجدد ومهما كانت هذه الجماعة لن تستطيع هزيمة الشعب خاصة طليعته الشابة.. وقد سقطت دساتير كبيرة قبل هذا الدستور قيمة متغيرات مختلفة وهذا الدستور الذى يحتوى على عداء علنى للفقراء لن يستطيع أن يصمد طويلاً أمام رياح ثورة الشباب.. إننا كنا نتمنى أن يكون الموقف غير ذلك.. ولكننا لم نكن نعلم حقيقة هذه الجماعة التى خرجت لتنتقم من شعب أراد الحرية والعدالة الاجتماعية لتقف فى وجهه وتنتقم مما حققوا منذ تاريخه والغريب أن كل طبقات الشعب أصبحت تكن عداء متبادلاً بينها وبين هذه الجماعة!!

إن مائد الطعام سوف تحتوى مهما كانت الظروف على ما يطعم الناس.. فهل هذه الجماعة تستطيع أن تلبى الاحتياجات الضرورية للشعب الثائر..؟.. إننا لأول مرة فى تاريخ حياتنا سوف نأكل الخبز بكوبونات موزعة، رغيف لكل مواطن فلم يتذكر الشعب أن حدث هذا منذ عهد قراقوش الذى حرم أكل الملوخية فى البلاد والآن يمنح الخبز حصة لكل مواطن وسوف تحمل لنا الأيام القادمة خبر أن الطاقة خاصة البنزين والسولار سيوزع أيضاً بالكوبونات أى أننا سنعيش فى ظل الأمراء الجدد حياة تجعلنا نتمنى العيش فى ظل نظام الديكتاتور الذى نهب ثروات البلاد.. إن قوة هذه الجماعة وبطشها لن يقارن بما كان يملكه نظام مبارك وقد هُزم هذا النظام فكيف سينتصر إرهاب واستغلال الجماعة نحن نعلم مدى قدراتها وهى لن تصمد طويلاً أمام احتياجات المواطنين من الخبز وليس وحده هو الذى به يحيا الإنسان.. فهناك أيضاً الحرية وهى الأقوى من رغيف العيش!! الجماهير التى خرجت فى يوم 25 يناير لن يستطيع أحد إخماد مطالبها أو الاستيلاء عليها.. فهى خرجت تطالب بحياة جديدة وليس بقيود أخرى تكبلها.. إن هناك أكثر من 50 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر ولذلك كانت ثورتهم قوة عارمة وهى ترى أن من تقدموا لقيادة هذه الثورة أصبحوا الآن فى منفى ليس اختياريا بل بقوة وجبروت جماعة كانت فى حقوقهم يوم من الأيام وأمنوا عليها واحتضنوها كى يحمى كل فصيل آخر وكانت ميادين الثورة تشهد لهم بذلك.. ولكن الأطماع المخفاة بين الفصيلة المنفردة والتى انقضت على كل الفصائل لم تكن واضحة للفصائل الأخرى، حيث تعلن الجماعة أنها مع الاستغلال وهم كذلك.. وتبقى كل الطبقات الفقيرة والمنتجة حتى الطبقة الوسطى وهم يمثلون أكثر من 80٪ من المجتمع أقوى من أن تهزمهم جماعة قد خسرت فى شهور ما لم تخسره فى تاريخها كله.. إن الهيمنة والسيطرة لن تكون الطريق لخطف الدولة والثروة مهما كانت قوة الأمراء الجدد فإن تحولوا إلى السادة فى هذا الزمان وأن تحول الشعب إلى عبيد لهم لن يستطيعوا أن يحققوا ذلك ومهما كانت نتائج الدستور فلن يستطيعوا تنكيل الشعب وتكميم أفواهه فإن الحرية قد تم دفع ثمنها من دماء الشعب الذى سوف يحمى هذه الثورة وهذا الوطن.

إن الدستور مهما احتوى فى مواده على حقوق اليهود إرضاء لإسرائيل وأمريكا كنواة حسنة لن يستطيعوا اكتساب شرعية العالم.. إن العالم كله لم يعد يتعامل مع التخلف الذى يخرج منه ومن عباءته الإرهاب الذى يحاول أن يدمر أساسيات الحرية والعدالة الاجتماعية.. إن الثورة التى قامت من أجل الحياة الكريمة لن يخطفها أمراء يريدون استمرار النظام السابق.. لذلك على الشباب المصرى أن يعى تماماً أنه أصبح طليعة هذا الشعب كله وعليه واجب واضح بأن يحمى الوطن والشعب من أن تستولى عليه جماعة تعمل من أجل أن تعيد النظام القديم وعليه أيضاً أن يدفع الكثير من ثمن الحرية حتى يعيش الوطن والشعب بلا تضليل ونهب لثرواته.. إننا نريد الشمس أن تضىء ربوع الوطن ولا نريد من يريدون أن يحجبوا هذا النور