رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفتنة ليست نائمة.. وبغض النظر عن الذكرى


ما زالت عوامل الفتنة قائمة، وما زال التخوين جارياً وإثارة الشكوك مستمرة، ومازال هناك من يستغل كل خطأ لكى يفرق بين عناصر الدولة خاصة بين الشعب وعناصر البناء فيه، لكن أيضاً هناك من يساعده عن قصد...


 

... وآخرون يساعدونه بغير قصد. وكانت أهم عناصرها العلاقة بين الشعب والشرطة، والعلاقة بين الشعب ومجلس النواب، وأخيراً بين الشعب والمؤسسة الدينية. وكلها عناصر مهمة من أجل تجانس الأمة وقوة الدولة وللحق فإن العلاقة بين الشرطة والشعب عموماً وفى أى دولة دائماً موضع شك، باعتبار أن الشرطة هى وسيلة الدولة لمواجهة المنحرفين والخارجين عن القانون.

وبالتالى فإن الاحتكاك بين الشرطة والمواطنين مستمر وعلى شكل يومي، ومن الطبيعى أن يكون بين المواطنين خارجون عن القانون، وأن يكون بين رجال الشرطة من يسيء استخدام سلطاته أو من يتصرف خارج نطاق القانون، وبالتالى فإن هناك من يستغل أخطاء بعض أفراد الشرطة للوقيعة بين الشرطة كجهاز والمواطنين الذين هم موضوع عمل الشرطة.

وقد كانت الشرطة موضوع بحث فى مجلس النواب لإدخال تعديلات على قانون الشرطة فى محاولة لضبط العلاقة، لكن مثيرى الفتنة يصرون على تعميم الخطأ واعتبار كل خطأ من أفرادها هو خطأ منهجى مقصود لا من الأفراد الذين قاموا بها، وبالتالى فكل ما يقال عن أخطاء من الشرطة تصاحبه مطالبة باستقالة وزير الداخلية، والهدف ليس الوزير ولا الشرطة أو الداخلية كما يقال، لكن الهدف هو إثارة الفتنة بين الشعب والشرطة حتى تعم الفوضى ويتحقق انهيار مصر.

ومع تعديلات قانون الشرطة تستغل الفرصة للوقيعة بين مجلس النواب والشعب الذى انتخبه، والوقيعة ليست نبت اليوم، ولكنها قديمة لكن إثارتها اليوم تأخذ شكلاً وأشكالاً ومناهج جديدة، فرغم أن المجلس يختلف عن باقى المجالس باعتبار أنه يفتقر إلى التنظيمات السياسية التى يمكن التنبؤ بمواقفها فى الحالات المختلفة، إلا أنه لا يمكن إنكار أن أعضاء المجلس، نتيجة لما سبق، أصبحوا أكثر حرية فى معارضة ما يرونه غير مناسب من القوانين وأكثر استقلالاً عن مسار الحكومة، وساعد البعض إلى انتقاد بعض تصريحات رئيس المجلس وقراراته للإيقاع مرة أخرى بين الشعب ونوابه.

إن من أخطر ما تقوم به الفتنة التى تمتنع عن النوم أنها تشكك فى استقلالية السلطات التنفيذية مع التشريعية التنفيذية مع القضائية، ومرة أخرى ليس المقصود هنا شخص وزير أو شخص قاض أو مستشار، وإنما العلاقة بين السلطات بحيث توحى بأن القرار ليس قرار القاضى أو قرار رئيس أو وكيل النيابة وإنما قرار الرئيس أو الوزير أو من يقوم مقامهما، وهو ما يعنى سقوط الدولة لأنه يضربها فى العدل، وكما نعرف فإن العدل أساس الحكم، وإذا فقد الناس الثقة فى العدل، فقد سارت الدولة نحو الفوضى.

على الجانب الآخر هناك من يساعد عن دون قصد على إثارة المخاوف والشكوك، وبعضها عن مزيد من الحب والإعجاب للرئيس أو للقوات المسلحة، أو للشرطة والحماس لهم، فيريد أن يحميهم من النقد أومن التهم التى يرى أنه ظالم أو غير صحيح أو يعتمد على معلومات غير صحيحة فينبرى للدفاع عنهم ناسياً أو متناسياً أن كلاً منهم قادر على الدفاع عن نفسه أكثر منه، وأن أفضلدفاع عن الأجهزة هو مزيد من الانفتاح بين الشعب وأجهزته وإتاحة المعلومات الحقيقية لمن يريدها، وتوضيح الواقع بمزاياه ومصاعبه، وهنا أقول إننا يجب ألا يضيق صدرنا بما يوجه من تشكيك وما يثار من تساؤلات كثيراً ما تكون مغرضة وتقصد الإساءة، لكن يجب أن يكون هناك نظام لبيان الحقيقة ويجيب عن التساؤلات بما فيها الأسئلة المغرضة، ونقول إن من مصلحتنا أن يكون هناك من لديه نظرة نقدية تدعونا إلى شرح وتدقيق المعلومات والجهود لتصحيحها، خاصة إذا كانت أجهزة الرقابة لم تكتمل بعد، وهى، وإن كانت قد استكملت ما سمى فى 3 يوليو أنها خريطة المستقبل، إلا أنها لم تشتمل على المجالس المحلية التى تؤدى فى حال تشكيلها، إلى إضافة آلاف بل عشرات الآلاف من المواطنين إلى أجهزة الرقابة لمواجهة مستوى الفساد الذى يعانى منه الجهاز الإدارى للدولة، ولنتذكر أن حرية تدفق المعلومات هى من أهم أركان الديمقراطية وأن إتاحة المعلومات تؤدى إلى إحجام فاسدين عن فسادهم خوفاً من انكشافهم وبالتالى تعرضهم للمسئولية والعقاب.

أخيراً يقترب موعد ذكرى فض رابعة والنهضة، وإذا كان الإرهابيون لا يألون جهداً لضرب الدولة والنظام فإنهم قد يدخرون بعض إمكانياتهم لمواجهة بالمناسبة، وأرى تعاوناً مع أجهزة الأمن افتقدناه فى الماضى فهل نراه فى المستقبل القريب؟!