رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مناورة جديدة في جدار التنظيمات الإرهابية.. جبهة النصرة تعلن انفصالها عن تنظيم القاعدة.. والظواهري يحل الجولاني من مبايعته..وزعيم داعش ..احذر سوء الخاتمة

جريدة الدستور

تغيرات طارئة تشهدها شجرة التنظيمات الإرهابية حاليًا بين انفصاٍل عن الكيانات وتغييٍر للمسميات بهدف التزلف من رضاء البيت الأبيض، حيث أعلنت جبهة النصرة فى سوريا، بقيادة زعيمها "أبو محمد الجولاني"، أمس الخميس، انفصالها رسميًا عن تنظيم القاعدة وإعلان العمل باسم "جبهة فتح الشام".

وقال الجولاني فى كلمة متلفزة، إن الجبهة الجديدة لن تكون لها علاقة بأي جهة خارجية، مضيفًا: "تشكيل الجبهة الجديد يهدف لتقريب المسافات بين فصائل المجاهدين فى الشام".

وأضاف الجولاني، أن التشكيل الجديد يهدف إلى "العمل على إقامة دين الله وتحكيم شرعه وتحقيق العدل بين الناس والعمل على التوحد مع الفصائل لرص صف المجاهدين ولنتمكن من تحرير أرض الشام من حكم الطواغيت والقضاء على النظام وأعوانه"، كما شكر الزعيم الجديد لـ"جبهة فتح الشام" قادة تنظيم القاعدة على تفهمهم ضرورات فك الارتباط.

من جهته، أعطى أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، الضوء الأخضر لجبهة النصرة فى سوريا، لفك الارتباط عن التنظيم وتكوين تنظيم منفصل عن القاعدة، مؤكدًا للجبهة بأنه يمكن التضحية بالانتماء الحزبي بلا تردد، وأن الوحدة تعلو فوق كل ذلك.

وقال الظواهري في تسجيل صوتي موجه لجبهة النصرة "إن أخوة الإسلام التي بيننا هي أقوى من كل الروابط التنظيمية الزائلة والمتحولة وإن وحدتكم واتحادكم وتآلفكم أهم وأعز وأغلى عندنا من أي رابطة تنظيمية".

وأضاف، "وحدتكم واتحادكم ووحدة صفكم تعلو فوق الانتماء التنظيمي والحزبي بل يضحي بلا تردد بتلك الروابط التنظيمية الحزبية إذا تعارضت مع تآلفكم ووحدتكم واصطفافكم فى صف واحد كالبنيان المرصوص فى مواجهة عدوكم العلمانى الطائفى وتتواطأ معه الحملة الصليبية المعاصرة."

من ناحية أخرى، توجه تنظيم "داعش" برسالة لوم لزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، على ثقته في أبو محمد الجولاني، أمير جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة بسوريا.

وقال التنظيم في رسالة صوتية موجهة إلى الظواهري: "نعم أنت سببها، إذا جعلت من نفسك ومن قاعدتك أضحوكة ولعبة بيد صبي غرًا خائنًا ناكسًا للبيعة لم تره، وتركته يلعب بكم لعب الطفل بالكرة، أضعت تاريخك ومجدك، وأذهبت هيبتك، فبادر واحذر من خاتمة السوء".

وفي ابريل 2013، رفضت جبهة النصرة الاندماج مع تنظيم داعش وبايعت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الذي أعلن في نوفمبر من العام ذاته، أن جبهة النصرة هي الممثل الوحيد للقاعدة في سوريا.

وتعد "جبهة النصرة" أكبر مجموعة جهادية فى سوريا بعد تنظيم داعش، والتي برزت فى يناير 2012، وتبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع مشروع القرار الروسي الذي يهدف إلى تجفيف مصادر تمويل المجموعات الإرهابية، في فبراير 2015.

ونص القرار رقم 2199، على تجريم كل من يشتري النفط من تنظيم داعش، وجبهة النصرة، وغيرهما من الجماعات المتطرفة التي ذات علاقة بتنظيم القاعدة، وطالب بتقديم المتورطين للعدالة كمتواطئين مع الإرهاب، كما طالب القرار كل الدول بعدم دفع الفدى للمجموعات الإرهابية.

وكانت الولايات المتحدة صنفت "جبهة النصرة" ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، واستهدفتها الضربات الجوية التى شنها التحالف الدولى بقيادة أمريكية فى سوريا عدة مرات عدة، كما تم استبعادها من اتفاق التهدئة في سوريا الذي أبرمته الولايات المتحدة مع روسيا في فبراير الماضي، كما تبحث روسيا والولايات المتحدة تعزيز التنسيق بينهما ضدها.

وفي أول ردّ فعل رسمي، قال البيت الأبيض: "إننا لدينا مخاوف متزايدة من قدرة "النصرة" على مهاجمة الغرب ولا نزال نجري تقييماً حيال وضعها"، كما قالت الخارجية الأمريكية أمس: "إنّ تغيير "النصرة" لإسمها لا يعني تغيير سلوكها وأهدافها وعقيدتها، ونحن ما زلنا نعتبرها منظمة إرهابية".

وقال الناطق باسم الوزارة، جون كيربي، إن إعلان تنظيم "جبهة النصرة" عن تغيير اسمه وفك ارتباطه بـ"القاعدة" لا يعني توقفه عن كونه إرهابيًا، بحسب تصنيفه من قبل الأمم المتحدة.

وأشار كيربي إلى أن التنظيم لا يزال خارج نظام وقف إطلاق النار في سوريا وأنه يعد "هدفا مشروعا للولايات المتحدة "وطبعا لروسيا التي لها وجود عسكري في سوريا".

كما اعتبر الجنرال فوتيل، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، أن "النصرة" لا يزال يمثل تهديدًا، ويبقى على صلة بالشبكات الجهادية.

وقال فوتيل، في منتدى أمني عقد في مدينة أسبين (ولاية كولورادو): "إنها تنظيمات ماكرة جدة وشديدة المرونة.. قد تضيف ربما غصنا آخر للشجرة وتجعلها مختلفة إلى حد ما، لكن أصل هذا الغصن يكمن في إيديولوجيا ورؤية ثابتة، وفي قلب كل هذا تنظيم القاعدة ذاته".

سامح عيد، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أكد أن انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة جاء في إطار رغبة الأولى، في تلقي الدعم من جانب دول الخليج، والدخول في اتفاق مع الولايات المتحدة، وبالتالي فإن جبهة النصرة رأت أن سلبيات ارتباطها بتنظيم القاعدة أكثر من إيجابياته.

وأكد في تصريح خاص "للدستور"، أن انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة، هو انفصالًا تنظيميًا فقط، وليس انفصالًا عن الأفكار والأهداف، مشيرًا إلى أن دخول جبهة النصرة في العمل السياسي في سوريا ليس أمرًا يسيرًا، وبالتالي فإن الأمر بات مقبلًا على مشكلة في غاية الصعوبة.

وأوضح عيد، أن "جبهة النصرة" لن تقرر الانفصال عن تنظيم القاعدة، والتخلي عن زعيمه أيمن الظواهري، دون مقابل، وإنما الهدف الرئيسي الذي تسعى "النصرة" إليه، هو الدخول في المعادلة السياسية للولايات المتحدة الأمريكية.