رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المواقع الإباحية".. لامصر الثاني عالميًا.. و3 أحكام قضائية بحجبها.. والحكومة"ترفض".. خبراء اتصالات: "منعها سهل بنسبة 90%"..وقانونيون: الوزير معرض للحبس والعزل

جريدة الدستور

"المواقع الإباحية" مرض العصر الإلكتروني حيث أدمن ملايين الشباب والفتيات، مشاهدة هذه المواقع التي تنشر ثقافة مغلوطة تضر بالعلاقات بين الجنسين وخاصة في الدول العربية والإسلامية حيث المجتمعات المغلقة والتي تعتبر العلاقات ما قبل الزواج محرمة، بخلاف نشرها أعمالًا تحرض على جرائم زنا المحارم وحفلات العري كما حدث قبل أيام إلى جانب انتشار ظاهرة التحرش بالفتيات في الشارع المصري.

وارتفعت مؤخرًا نسب مشاهدة المصريين والعرب للمواقع الإباحية، حيث احتلت مصر "المركز الثاني" في ترتيب الدول الأكثر مشاهدة وتصفحًا للمواقع الإباحية حول العالم وفق التقرير الذي نشره محرك البحث " PornMD" مؤخرًا، وهو ما يستدعي دراسة طرق مواجهة هذه الظاهرة قانونيًا وأخلاقيا ونفسيًا وتكنولوجيًا.
وبحسب نسب الأعلى مشاهدةً تصدرت دولة باكستان الترتيب الأول عالميًا، فيما حلت جمهورية مصر العربية بالمركز الثاني، تلتها فيتنام، وجاءت إيران في المركز الرابع، ثم المغرب، فالهند، وتلتها في المركز السابع المملكة العربية السعودية ، ووصيفتها تركيا، والمركز التاسع كان من نصيب الفلبين وتزيلت بولندا القائمة بالمركز العاشر والأخير للدول الأكثر مشاهدة، ليكشف هذا التقرير عن خلل ظاهر في الأنظمة الاجتماعية للدول العربية وخاصة التي تطبق الشريعة الإسلامية مثل المملكة العربية السعودية.

مصر

بدت تعلو ظاهرة الدخول علي المواقع الإباحية وزيادة روادها من الشباب المصري بجنسيه، مطلع الألفية الثانية، بيد أن أول حكم قضائية يلزم الدولة والحكومة بغلق المواقع الإباحية صدر عام 2009، عندما أصدرت محكمة القضاء الإداري، حكماً يلزم وزارة الإتصالات بحجب المواقع الإباحية من على شبكة الإنترنت في مصر.

ولم تنفذ الحكومة حكم القضاء، حيث تعللت وزارة الاتصالات حينها باستحالة حجب هذه المواقع، بسبب صعوبة تحديد هوية المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت، فيما أكدت أنها تعمل بكل جهدها للسيطرة على هذه المواقع.

وفي مارس من العام 2012 أصدرت محكمة القضاء الإداري، حكماً بحجب "جميع المواقع الإباحية" على شبكة الإنترنت في مصر، وألزمت وزير الاتصالات ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بحجبها، بعد ان أقام المحامي عبد العزيز إبراهيم عرابي، بدعوى قضائية ضد رئيس الوزراء ووزير الاتصالات، يطالبهما فيها بمنع المواقع الإباحية التي تبث عبر شبكة الإنترنت.

وقالت المحكمة في حيثيات الحكم،:"حفاظًا على التقاليد والآداب والأخلاق العامة، وعدم انتشار الرذيلة في المجتمع، فقد أصدرت المحكمة حكمها حفاظًا على ثوابته، وعدم تعرضه للاختراق من أي جهات أخرى، وحفاظًا على الأسرة المصرية".

ولم تكن الأحكام السابقة هي الأخيرة حيث اصدرت محكمة القضاء الإداري في 20 مايو 2015، حكمًا قضائيًا برئاسة المستشار يحيى دكروري نائب رئيس مجلس الدولة، بإلزام رئيس مجلس الوزراء باتخاذ ما يلزم لحجب المواقع الإباحية داخل مصر.

وألزم الحكم رئيس الحكومة ووزراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والداخلية والإعلام، ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، باتخاذ ما يلزم نحو حجب المواقع الإباحية، إلا أن تصريحات مسئولين بوزارة الاتصالات حينها أكدت أن سرعة الإنترنت في مصر لا تتحمل حجب المواقع الإباحية.

وقال وزير الاتصالات السابق، المهندس خالد نجم،:" إن الوزارة لا يمكنها التدخل في حجب أي محتوى إلكتروني على شبكة الإنترنت، بدون نص قانوني إو دستوري، وبعد صدور حكم القضاء الإداري سنتقدم بمذكرة إلى النيابة نطلب فيها حجب مجموعة من المواقع الجنسية على سبيل المثال، بعد ذلك ستأخذ القضية دورة العمل المخصصة لها، فإذا صدر الحكم بالحجب، سننفذ ذلك، وهو أمر بسيط من الناحية التكنولوجية"، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.

وقال المهندس هشام العلايلي، رئيس جهاز تنظيم الاتصالات السابق، إنه حال صدور حكم قضائي أو قرار سياسي بحجب أو غلق موقع معين فإن جهاز الاتصالات سيقوم بهذا الحجب، قائلًا:" يمكن اتخاذ إجراءات فنية بحجب المواقع الإباحية بعد صدور قرار سيادي أو قضائي وستكون نسبة حجب المواقع 80%".


الاتصالات

المستشار القانوني بوزارة الاتصالات، الدكتور حسام لطفي، أكد أن عقد ايواء الانترنت والسيطرة عليه تكون من منظمة "آي كان" المتصلة بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي منبع المواقع ويأتي الغلق منها، رغم انه تم الاتفاق على تدويل الإنترنت إلا أن ذلك لم ينفذ حتى الآن.

وأضاف لطفي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"،:" لا يتطلب الدخول على مواقع الانترنت أي بيانات للشخص أو كذلك إنشاء موقع الكتروني بأي محتوى، ولذلك الحكم لا يمكن تنفيذه الا من خلال الولايات المتحدة الامريكية لأنه يمكن عند غلق الروابط المؤدية للمواقع الإباحية الدخول عليها من روابط أخرى وذلك يؤدي إلى استحالة تطبيق قرار المنع دون التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية".

وتابع،:" قد نجد صعوبة في التوصل إلى اتفاق مع أمريكا لأن ما قد نعتبره خروجًا عن الأخلاق العامة في بلادنا قد لا يعتبر كذلك لدي الولايات المتحدة، وذلك يجعل الوزير لا يملك غلق المواقع".

خبراء تكنولجيا

محمد حسن، الخبير التكنولوجي، أكد أنه من السهل على الحكومة حجب المواقع الإباحية في مصر عن طريق "الدومين" بكل "آي بيهات" شبكة الإنترنت، وحظر المواقع التي تحتوي على كلمات جنسية مثل "بورنو" أو " سكس"، وهو مفعل ببعض برامج الحماية الخاصة.

وأضاف حسن، في تصريح خاص لـ"الدستور":" هناك دولًا عربية ومنها السعودية تحجب المواقع الإباحية، بنسب كبيرة ما يؤدي الغرض من قرار المنع لنشرها الرزيلة بالمجتمعات العربية، حيث أن القانون السعودي ينص على معاقبة كل شخص يرتكب مخالفة إنشاء أو ترويج المواقع الإباحية، بالسجن 5 سنوات، وبغرامة 3 ملايين ريـال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية أغلقت أكثر من 600 ألف موقع إباحي على مدى العامين، وهو ما تفعله الإمارات وعدد من الدول الأخرى".

رامز فؤاد، المتخصص في تكنولوجيا الاتصالات، قال،:" الحكومة بيدها حجب هذه المواقع وسبق أن تم حجبها من قبل، إلا أنه تمت إتاحتها مرة أخري"، لافتًا إلى أن تكلفة حجب هذه المواقع تكاد تكون معدومة بالمقارنة بالأضرار التي تخلفها في المجتمع.

وأردف رامز،:" الجهات المسئولة تستطيع غلق هذه المواقع إلا أن هناك برامج يمكنها اختراق المواقع ولكنها ليست متوفرة لدى العامة وهو ما يجعل نسبة الحجب تصل إلى 90% ".

الموقف القانوني

الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أكد الاحكام القضائية تلزم الجهة المعنية تنفيذ الحكم، قائلًا:" صدور حكم قضائي وعدم تنفيذ الحكومة له يعتبر جريمة منصوص عليها بقانون العقوبات وهي جريمة الامتناع عن تطبيق حكم قضائي والعقوبة تكون العزل من الوظيفة والحبس سنة إذا كان الحكم صادر في مواجهة زير الاتصالات فعلى صاحب المصلحة تحريك جنحة ضد وزير الاتصالات للمطالبيبة بحبسه وعزله من منصبة".

وأضاف في تصريح خاص لـ"الدستور"،:" المصلحة في قضية حجب المواقع الإباحية شائعة لكل مواطن مصري يهمه الحفاظ على القيم والاخلاق المجتمعية والدينية ويسعى لانقاذ ما تبقى من دين واخلاق وانقاذ ابنائنا وشبابنا من الفتنة والضياع والانسياق وراء هذه الرزائل أن يطالب الدولة بتنفيذ الحكم أو تحمل المسئولية نتجية الامتناع عن ذلك".

وتابع،:"يبدوا أن الموضوع في حقيقته أكبر بكثير من الدولة الدولة المصرية حيث يرتبط بمواقع دولية ومصالح اقتصادية واعلانات ونفقات باهظة الثمن ومكاسب وأرباح ضخمة من وراء هذه المواقع ونشرها داخل منطقة الشرق الاوسط والدول العربية بشكل خاص"، لافتًا إلى أن هناك مخططات دولية من اعداء يتربصون بالوطن وابناءه وشبابه لا يريدون للأمة النهوض ويسعون إلى استمرار هذه المواقع والترويج لها ونشرها والحفاظ على بقاءها مفتوحة".

ومضى قائلًا:" احصائية شبكة جوجل حول أكثر زوار المواقع الإباحية في العالم، أظهرت مصر في المركز الثاني بعد باكستان، وذلك يظهر جليًا في انتشار زنا المحارم والدعارة والفساد وحفلات العراة وهي آثار مترتبة على الأفكار التي تم زرعها في عقول الشباب والفتيات من هذه المواقع إلى جانب انتشار التحرش الجنسي وشواطئ العري والسرقة والقتل والاغتصاب وذلك كله يمثل ضرورة قصوى لغلق هذه المواقع".