رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السجون أسرار».. الدستور تكشف الحياة داخل «المتر في متر».. "المُسير وخبيني والمراية" محطات كل معاقب

جريدة الدستور

للسجن قانون، وهو عرف خاص بها، يختلف عن الحياة خارج الأسوار، تحوي الجدران بداخلها أطيافا شتى من مثيري الشغب والخارجين عن القانون أو ممن أوقعهم حظهم العاثر فلم ينتبهوا إلا وقد حوتهم جدران الزنازين.

عالم السجن لا يعرف الضعف أو اللين ولا يعرف القيم المتعارف عليها بين الناس خارجه، لو لم تكن مستعدًا للمواجهات بالداخل، فحاول أن لا تفعل ما من شأنه أن يعرضك لذلك.

"الدستور" في هذا التقرير تلقي الضوء على هذا العالم الذي يخفى عن الكثيرين منا، وتكشف الستار عن كيف تدار الحياة داخل الغرف المغلقة، وكيف يدبر السجناء أمورهم بإدارة موازية بعيدا عن سلطة إدارة السجن الرسمية.

"حفلة الاستقبال"
بمجرد أن تطأ قدميك الحجز أو السجن فأنت على موعد مع عالم جديد، ربما لو لم تكن من معتادِ الإجرام فستكون أمام واحدة من العلامات الفارقة في حياتك، ربما تنظر للأرض وتدعوها أن تبتلعك، فأول مشهد تراه عينك هو تواجد فردين على باب الحجز أو السجن لاستقبالك مع أصوات تعلو من هنا وهناك تردد عبارات مثل "قابل وقعد"، هنا تكون قد وقعت في قاع البئر وتنتظر الفرج، وتكشف عن معدنك، فإما أن تكون عزيزًا أو ذليلًا ما بقيت.

"مرحلة التقليب"
بعد إطلاعك على الداخل والذي تلمحه بأنفك قبل أذنيك وعينك بسبب التكدس الكبير الموجود بالداخل، وبعد استعراضك لأفراد الاستقبال، تدخل العلاقة بينك وبين المكان في طور جديد وهو طور "التقليب"، ستجد من يطلب منك أموال بأسلوب يحوي الكثير من التهديد، في حال قمت بدفع المبلغ فأنت ستكون قد وقعت في فخ كبير، فستكون أنت مخزن الأموال الذي يرتكن إليه الجميع حينما تأخذهم الحاجة لشئ له مقابل مادي.
ربما تكون قد شاءت الظروف أن تصل هناك بزيك الجيد، وهو ما يعني أن هناك معجبين بما ترتدي، وهو ما يستتبع انك قد تجد نفسك مضطرًا للنوم بملابسك الداخلية فقط، هذا إن لم يجدها أحد الأشخاص مفيدة له.
«لكل امرئ درجة».."للمُسير" غرفة الانتظار و المراية و"وللآخرين" دورة المياه!

تبدأ التفرقة بين المساجين في المراحل التالية، فمن يملك المال للذود عن نفسه إذا لم يكن ذراعه يكفي، سيكون من المكرمين؛ فالخدمة بالداخل كأنما تختار بين العيش في فندق بلا درجات أو فندق خمس نجوم، طبعًا مع حفظ الفوارق بينهما.
هناك غرفة بالداخل تسمى "الانتظار" وهي غرفة "المعلم" أو ما يمكنك أن تسميه "المُسير"، و غالبا ما يكون من أقدم السجناء و أكثرهم إجراما و اعتيادا علي دخول السجن من وقت الي آخر ،ويحظي بشهرة كبيرة بين الضباط والأمناء والمحتجزين في المكان، وهو"المعلم الكبير" المسئول عن الحجز، وهنا يختلف الحجز عن السجن ففي الحجز ربما لا يكون هناك معلم واحد فقد يكونوا أكثر من واحد، ولكن لكل منهم أتباعه ولا يتعدي أحدهم على الآخر، ومن الممكن أن يتبدل المُسير في حال خروج أحدهم.
أما في السجن الوضع يختلف لأن فترة البقاء بداخله تكون أطول فكل منهم يقضي محكومتيه، ويكون معروفًا من منهم يقود ومن منهم يُقاد.

يتمتع "المُسير" بوضع مميز داخل المكان، وينام على أفضل ما يكون، والمشمولين بحمايته هم من الآمنين بشكل نسبي في الداخل، وتكون مهمته حل الخلافات ويكون حلقة الربط بين إدارة السجن والمساجين في أوقات كثيرة ، كما انه يحظي باحترام نسبي من قبل إدارة السجن عن باقي المحتجزين.

"خبيني"
يأتي بعد درجة المسير في السجن، أشخاص اقل منه في المرتبة والمكانة وهي تعلوا قليلًا المجرمين العاديين أو المتهمين، وهؤلاء لهم مكان خاص، يتم حجزهم في مكان يدعي"خبيني"، هؤلاء على الأغلب يكونوا في الأساس قادمين من المؤسسات العقابية "الأحداث"، ومعروف عنهم كثرة المشاكل والتجارة في المخدرات.

"المخدرات والنصب"
تعد تجارة الأقراص المخدرة هي التجاري الأنشط والأربح داخل الحجرات الضيقة، ويتحصل التاجر السجين علي بضاعته من خلال الزيارات التي تجلبها له أسرته وفي بعض الأحيان يكون هناك نوع من التواطؤ بين التاجر السجين و بعض أفراد الأمن داخل السجن أو مقر الاحتجاز علي توريد ما يلزمه من أقراص مخدرة و بعض الممنوعات مقابل نصيب في الأرباح.

"وسع طرقة" لفظة تعني الكثير
سواء كان السبب النصب أو الاستقواء آو البلطجة أو أيًا ما كان، فعندما ينشب شجار بالداخل ويكون بين العديد من الأطراف والمناطق، تتعالي الأصوات بعبارة "وسع طرقة"، وهي الكلمة التي تعني انه سيتم إظلام الحجز عن طريق كسر اللمبة و"العين اللي تغفل تستاهل خرقها"، وتستمر المعركة حتى يصل الضباط والأمناء المكلفين بالإدارة والتأمين لفض الشغب والسيطرة على الموقف، وهنا يأتي وضع مميز "للمعلمين" والذين لا يخضعون لنفس قواعد السيطرة، مثل الوقوف بجوار الحائط وربما بعض العنف البدني.

طرق إخفاء الممنوعات داخل الحجز

حيث يقوم السجين بربط خيط في أسنانه وطرف الخيط الآخر في كيس من البلاستيك موضوع بداخله الشيء المراد إخفائه مثل مخدر الحشيش و البرشام، ثم يقوم ببلعهم ليستقروا بداخل البطن، و بعد ذلك يقوم بسحب الخيط وقت الحاجة لاستخراجهم.