رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إسرائيل تغزو أفريقيا.. ونحن نتفرج


قام رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو فى ذكرى عملية عنتيبى بزيارته الرسمية الأولى فى أفريقيا وتشمل أوغندا وكينيا وإثيوبيا ورواندا، بأهداف ظاهرة وأخرى خفية، والأهداف الظاهرة فتحدث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلى فى اجتماع مجلس وزرائه أنه: العودة إلى أفريقيا من الباب العريض والبحث على حلفاء تجاريين إضافيين... 


 

... بالإضافة إلى رغبة إسرائيل فى كسب تأييد أكثر عدد من الدول الأفريقية لبلاده فى المؤسسات الدولية. أما الأسباب الخفية فأبرزها حرب المياه التى تدور بين دول حوض النيل وتسبب لمصر أضراراً بالغة تؤثر على الحياة على أرضها من خلال التأثير على تدفق المياه على أراضيها كما كانت عبر آلاف السنين وتلعب إسرائيل دوراً غير مباشر فيها.

واختيار نتنياهو يوم 4 يوليو ليكون موعد انطلاق جولته الأفريقية كان مدروساً بدقة، حيث يتزامن مع ذكرى عملية عنتيبى التى قتل خلالها شقيقه الأكبر «جوناثان نتنياهو» وكان مكتب نتنياهو أعلن عن تخصيص 13 مليون دولار «لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون مع الدول الأفريقية»، تشمل تدريباً فى مجالات الأمن الوطنى والصحة. وصادقت حكومة نتنياهو مؤخراً على خطة تقضى بمساعدة شركات إسرائيلية على دخول الأسواق الأفريقية بتكلفة تبلغ 50 مليون شيكل، تشمل إقامة مكتبين تجاريين جديدين خلال العامين المقبلين.

وتسعى إسرائيل لمواصلة تعميق العلاقات التجارية مع الدول الأفريقية الصاعدة اقتصادياً، حيث توجد نحو ستة اقتصاديات أفريقية من بين أسرع عشر اقتصاديات نمواً فى العالم.

وتتضمن الخطة الإسرائيلية تخصيص أموال لبعض دول القارة فى البنك الدولى مع استخدام المزايا النسبية لإسرائيل، وإنشاء أربعة مراكز للتميز فى أوغندا وإثيوبيا وكينيا ورواندا تعبر عن قدرات إسرائيل التكنولوجية المعروفة ومساعدة رجال الأعمال والمسئولين الحكوميين فى الدول الأفريقية وزيادة الصادرات الإسرائيلية لدول القارة السمراء.

إن إسرائيل تقوم بأدوار متعددة فى القارة، ونجحت فى تطوير علاقاتها مع عدد من الدول المحورية فيها، ونسجت شبكة متينة من المصالح مع غالبيتها ونحن نقف نتفرج ونمصمص الشفاه مكتفين بأن نتحدث عن المؤامرة الغربية ضدنا وهى قائمة فعلاً والدور الأمريكى والإسرائيلى فى دعم سد النهضة حلقة منها ويرتبط بسعى إسرائيل الدائم للوصول إلى منابع النيل. مثلاً بما يسمى «مشروع اليشع كالى» الذى طرح عام 1974 كان يهدف إلى نقل مياه النيل إلى صحراء النقب عبر أنابيب تمر أسفل قناة السويس.

وإسرائيل لديها حسابات عميقة فى ملفّ مياه النيل، وطموحات قديمة أن تصل إليها مياهه عبر سيناء. وقد تحدّثت تقارير عن مساعدات مالية ولوجيستية إسرائيلية قدّمت لأثيوبيا لمساعدتها على بناء السد..ولفتت تقارير دولية مؤخراً إلى أن محاولات إسرائيلية ترمى إلى مراجعة اتفاقية المجارى المائية الدولية والتصديق عليها، وهو اتفاق إطارى عالمى من شأنه أن يمنح دول المنطقة الحق فى تقاسم الموارد المائية، وتقنين عمليات إعادة توزيع الحصص. إن إسرائيل تعمل بالفعل فى قطاعات المياه والزراعة الخاصة أكثر من دول حوض النيل، مثل كينيا وإثيوبيا، فضلاً عن الاحتفاظ بقاعدة عسكرية مهمة فى إريتريا. كما وقعت إسرائيل اتفاقيات مع جنوب السودان وإثيوبيا تضمن توزيع الكهرباء التى سيتم إنتاجها من سد النهضة، وبدأت بإنشاء خط لنقل الكهرباء إلى كينيا، وخط آخر إلى جنوب السودان.

إن هدف إسرائيل من خلال تغلغلها فى دول حوض النيل استكمال خطة محاصرة مصر عبر بوابات أوغندا وكينيا وإثيوبيا ورواندا، والتعامل مع المنطقة من خلال إحكام الطوق الأفريقى على رقبتها، وإيجاد آلية للتعاون مع الصين التى تملك الكثير من الشركات والمصالح فى دول القارة السمراء فهل تنبهت حكومتنا إلى الأخطار الناتجة من زيارة «النتن ياهو» إلى أفريقيا وهل بحثتها فى اجتماع يضم وزارات الخارجية والزراعة والرى والاستثمار والتعاون الدولى ومعهم أجهزة الأمن القومى لمواجهة نتائج تلك الزيارة وإعداد زيارة مصرية فى الأشهر المقبلة تحافظ على حقوقنا التاريخية ومصالحنا الحيوية وتعيد أفريقيا إلى مصر كما كانت فى سبعينيات القرن الماضى والتى قطعت فيها كل الدول الأفريقية علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب ما عدا دولة جنوب أفريقيا عندما كانت عنصرية.