رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مهمة الأمن أمام مؤتمر القمة العربى القادم!


قد يكون بعضنا قد نسى أنه كان من المفترض أن يجتمع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى رؤساء الدول من الملوك والرؤساء والأمراء والمشايخ وغيرهم فى شهر مارس الماضى وفقا للتعديلات التى أدخلت على ميثاق جامعة الدول العربية فى زمن تولى السيد عمرو موسى أمانة الجامعة، والذى تحدد فيه شهر مارس لانعقاد ما عرف إعلامياً بمؤتمر القمة العربي، ولكن كان الدور هذا العام على المغرب ليستضيف اجتماع المجلس على هذا المستوى، وكان المفروض أن يستقبل ملك المغرب الملوك والرؤساء العرب فى شهر مارس الماضى ويتسلم الرئاسة من السيد عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية باعتباره رئيس الدورة السابقة التى انعقدت فى شرم الشيخ والتى أصدرت فى نهاية اجتماعها ما سمى بإعلان شرم الشيخ والذى جاء فيه مايلى:

«نعقد العزم على توحيد جهودنا والنظر فى اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية لصيانة الأمن القومى العربى فى مواجهة التحديات الراهنة والتطورات المتسارعة وخاصة تلك المرتبطة بالممارسات لجماعات العنف والإرهاب والتى تتخذ ذريعة لوحشيتها ونؤكد فى هذا السياق احتفاظنا بجميع الخيارات المتاحة بما فى ذلك اتخاذ اللازم نحو تنسيق الجهود والخطط لإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا ولصيانة الأمن القومى والدفاع عن أمننا ومستقبلنا المشترك وطموحات شعوبنا وفقا لميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربى المشترك والشرعية الدولية وهو ما يتطلب التشاور بيننا من خلال آليات الجامعة تنفيذا للقرار الصادر عن هذه القمة».

لكن كما نعلم فإن المغرب وعلى رأسه ملكه اعتذر عن استضافة اجتماع المجلس وكان أن اتفق على أن تتولى الدولة التى عليها الدور من بعده وهى وفقا للأبجدية موريتانيا واتفق على تأجيل الاجتماع إلى شهر يوليو حيث تكون موريتانيا قد منحت فرصة للاستعداد للحدث الذى يعتبر مفاجئا بالنسبة لها، وقد قبلت موريتانيا أن تستقبل وتستضيف الاجتماع ولكن بعد التأجيل وهى معذورة ومشكورة. الحقيقة أنى أخشى أن تكون هناك محاولة لا لتأجيل الاجتماع وإنما لإلغائه أو التجاوز عنه، وتعتبر موريتانيا معذورة لو طالبت بتأجيل آخر، لكن إلغاء الاجتماع غير مقبول، فمن أهم علامات المؤسسات التزامها بما قررته لنفسها، بل وكان لا بد أن يلتزم المغرب بالموعد، فالمؤسسات تدرك أهمية الزمن، وتحترم المواعيد التى تقررها لنفسها. وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن الحديث عن الأمن القومى العربى يصبح خاليا من المضمون، فصيانة الأمن القومى والدفاع عن أمننا ومستقبلنا المشترك لا يمكن تأجيلها، ولذا فإن الاجتماعات يجب أن تتم فى موعدها، وأن تلتزم الدول بما وافقت عليه، خاصة أننا نجد أن المغرب قد حضر اجتماعات مع قوى أجنبية فى الفترة التى كان يفترض أن يستضيف فيها مؤتمر واجتماع رؤساء الدول العربية.

هنا أتساءل عما حدث بالنسبة لقرار الرؤساء والذى ذكر فى إعلان شرم الشيخ أنه «لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا: ولصيانة الأمن القومى والدفاع عن أمننا ومستقبلنا المشترك وطموحات شعبنا ... الخ إلى أن يرى أنه يتطلب التشاور من خلال آليات الجامعة وتنفيذا للقرار الصادر من القمة. يذكر من تابع هذا الموضوع أن رؤساء أركان حرب بعض الدول العربية اجتمعوا مرتين فى جامعة الدول العربية وحددوا موعدا للاجتماع الثالث ولكنهم لم يجتمعوا لأن المملكة العربية السعودية طلبت التأجيل وأيدت دول مجلس التعاون الخليجى طلب المملكة السعودية والذى برر طلبه بأن التأجيل لمزيد من الدراسة، وهو يمكن قبوله من حيث المبدأ، لكن التأجيل قارب على السنة وليس هناك ما يؤكد ـأن هناك دراسة تمت أو جارية، والسؤال لماذا؟ خاصة أن فى هذه الفترة أعلن عن قيام تحالف يضم 33 دولة من بينها دول عربية، كما جرت مناورات مشتركة ضمت أعدادا كبيرة من الجنود من دول عربية وغير عربية، مما يجعلنى أسأل هل تمت دراسة لهذه التحالفات التى لم تعرف حتى الآن ولا تحددت طبيعتها ولا نصوص الاتفاقات الخاصة بها إذا كانت لها نصوص.

هنا أتذكر بعض ما جاء فى إعلان شرم الشيخ المذكور ويقول: «وإذ نستشعر أن الأمن العربى قد بات تحت تهديدات متعددة الأبعاد، فبنيان الدولة وصيانة أراضيها قد أضحيا محل استهداف فى أقطار عربية عديدة. وأننا نؤكد تأكيدنا على أن ما يجمع الدول العربية هو أكبر كثيرا مما يفرقها. أتمنى أن تكون الرئاسة المصرية للدورة قد وضعت ما سبق فى اعتبارها وهى تستعيد لتسليم الأمانة إلى موريتانيا، وأن تطالب الشعوب العربية بتنفيذ القر ار السابق.