رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قماشة تعبانة.. وترزى مبتدئ!


مسألة القماشة التعبانة لا يختلف عليها أحد، فهذا شعب يعانى الظلم والاستبداد والاستعباد طوال مراحل تاريخه، وطبيعى أن يفقد وعيه السياسى والثقافى والدينى فى أى أزمة لأنه أصلا لم يكتسب هذاالوعى بصورة صحيحة حتى الآن، القماشة التعبانة هى التى خلقت فى مصر الجماعات الدينية والفتن الطائفية والسلبية السياسية والعشوائيات الفكرية والثقافية والتعليمية والإعلامية والتربوية والاقتصادية والفنية «إلخ».

القماشة التعبانة هى التى خلقت مبارك والإخوان والحزب الوطنى والطوارئ والعادلى والبلطجية وشركات توظيف الأموال وانفتاح السادات وتزوير الانتخابات وكل الكوارث الأخرى التى نحصد ثمارها هذه الأيام.

الترزى المبتدئ هوالشخص الذى يفشل فى مداواة عيوب القماش حال تصديه لصناعة رداء من ذلك القماش، والأخ محمد مرسى قبل ترشيح نفسه لرئاسة هذه الدولة وهذاالشعب رغم أنه -بالضرورة وبحكم تكوينه الطائفى- يستحيل أن يفهم الفرق بين السياسة والمسايسة، الأخ الرئيس كان يفترض أن يلجأ إلى مسايسة هذا الشعب قبل أن يطبق أى نوع من أنواع السياسة عليه. كان المفروض أن يفهم أنه قادم من جماعة يرفضها قطاع كبير من الشعب، وكان المفروض أن يفهم أن شعبية الجماعة كانت تعتمد على عنصرين أحدهما جهل الناس، والثانى اضطهاد النظم السابقة لتلك الجماعة، العنصرالثانى زال تماما بوصول الجماعة إلى السلطة، والعنصر الأول زال أغلبه بسبب الممارسات العملية لأعضاء الإخوان بعد نجاحهم فى استفتاء الدستور وانتخابات البرلمان، ومن هنا هبطت شعبية الإخوان من 70٪ فى انتخابات البرلمان إلى 20٪ فى انتخابات الرئاسة.

فى هذه الحسابات الواقعية كان ينبغى على «محمد مرسى» أن يترك السياسة ويلجأ إلى «مسايسة» كل طوائف الشعب خاصة تلك التى يعلم أنها ليست فى صف جماعته، كان عليه .. مثلا .. أن يمنع الإسلاميين من التصريحات العدائية ضد غيرهم، وكان عليه التدخل لتشكيل جمعية تأسيسية للدستور لا تضم أغلبية من التيار الإسلامى وكان عليه التفاهم مع المؤسسات الدستورية والقضائية والأمنية حتى يتقى غضبهم أو تحاملهم على الرئاسة، وكان عليه التفاهم مع كل قطاعات الشعب حتى يصل بهم ومعهم إلى حد أدنى من التوافق على السياسات التى يرغب فى تطبيقها. صحيح أنه من الصعب أو من المستحيل إرضاء كل الناس خاصة فى بلد مثل مصر وفى ظروف كظروفها، ولكن صحيح أيضا أنه من الممكن ومن السهل التفاوض وتقديم بعض التنازلات من هنا وهناك حتى يمكن إزالة الاحتقان من نفوس وصدور كل الناس، ولو حتى من خلال وعود تتحقق فى مراحل مقبلة وليس الآن. كل طرف فى مصر يمارس الآن أسوأ ما عنده، الرئيس يمارس العزة بالإثم، والإسلاميون يمارسون التعصب بدلا من سماحة الإسلام، والآخرون يمارسون المزايدات والمبالغات والحرائق وسائر الحماقات الأخرى، لا أحد يريد أن يبدأ بنفسه ويقدم تنازلاً واحداً تعقبه تنازلات أخرى من الأطراف الأخرى، والمفروض بالطبع أن يأتى التنازل أولا من الكبار، أو من يفترض أنهم كذلك