ليست هذه هى مصر

ومنذ أيام تلقيت رسالة هامة من صديق عزيز نشرتها فى المقالين السابقين وكانت تتحدث عن الظواهر الجديدة فى المجتمع والتى تتمثل فى طوابير حجز الشقق والفيلات الفاخرة وقوائم الانتظار فى المدارس الدولية التى تتراوح مصاريفها بين 50 و200 ألف جنيه سنوياً، وكذلك الزحام الشديد فى المولات الكبرى والفنادق وعلى قاعات الأفراح الخمس نجوم وغير ذلك ..

وقلت إننى أتفق وأختلف مع تلك الرسالة .. وإذا كنت قد اتفقت مع ما جاء بالرسالة حول هذه الظواهرالجديدة .. إلا أننى اليوم أختلف وأقول كما قال الدكتور كمال الجنزورى .. ليست هذه هى مصر ..

نعم مصر ليست الفئة المحدودة فى الكامباوندات .. ولكنها الفئة الكبيرة التى تقيم فى المساكن البسيطة التى تزدحم بالملايين فى ربوع مصر المحروسة والتى تعانى من مشاكل الزحام وتنخر فيها التكاتك كالسوس الذى ينخر فى الجسد ..مصر ليست فى طوابير الكامبوندات ولكنها فى طوابير الإسكان الاجتماعى التى يقف فيها الآلاف يبحثون عن مأوى غرفتين وصالة لا أكثر .. ناهيك عن عشرات الآلاف الآخرين الذين عجزوا عن تدبير المقدمات.

مصر ليست فى الربوة وماونتن فيو ومدينتى وبالم هيلز .. ولكنها بولاق وشبرا وطنطا والمنصورة والزقازيق وأسيوط والمنيا وبورسعيد وغيرها من العواصم المكدسة بالملايين والتى لم تعد تحتمل المزيد.

مصر ليست فى رواد المولات الفخمه ولا أصحاب السيارات الفارهة ولا نزلاء فنادق السبع نجوم .. ولكن مصر تتمثل فى شعب مكافح يعيش حياة بسيطة يبحث أبناءه عن الستر ويقضون أكثر من 12 ساعة يومياً ما بين عمل أساسى وآخر إضافى ليتمكنوا من تلبية حاجاتهم الأساسية.

مصر هى شعب صامد .. يخرج الملايين منه كل صباح يبحثون عن لقمة العيش وسط ظروف قاسية.. شعب يكافح الفقر منذ عشرات السنين ويكتوى بلهيب الأسعار ليس اليوم فقط ولكن منذ زمن بعيد .. حتى أننى أتذكر عبارة للأستاذ مصطفى شردى رحمة الله عليه عندما كان يرد على سؤال عن سر صمود الأسره المصريه وسط الغلاء الفاحش والأزمات المتلاحقة .. قال الأستاذ مصطفى أن ست البيت المصرية هى أعظم وزير مالية فى العالم .. لأنها تحقق أكبر قدر من إشباع الحاجات الأساسية بموارد مالية معدومة..

هذه هى مصر الأخرى ..مصر الحقيقية .. مصر المحروسة ..