الرقابة المجتمعية على الإعلام
مما لاشك فيه أننا نعيش فوضى إعلامية اختلطت فيها المفاهيم خاصة بين السياسة والإعلام، الأمر الذى أدى إلى الإمعان فى الانفلات، حيث تختلف الرقابة الإعلامية عن الرقابة بمعناها السياسى أو الأمنى، لكن النظر إليها على أنها واحدة وفى كل الحالات وعلى كل المستوبات هو خروج متعمد عن دائرة الصواب لإبقاء الوضع على ما هو عليه من عدم استقرار مهنى فى الأداء الإعلامى، ويجب أن نتعامل مع مفهوم الرقابة فى الإعلام من رؤية مختلفة تماما عن البعدين الأمنى والسياسى لأنهما مرتبطان بمستوى صنع واتخاذ القرار أو بمستوى عملية رسم السياسات لكن الرقابة الاعلامية المقصود بها هنا أنها تعنى المحاسبة الذاتية بما يخضع الأداء لمجموعة من القيم والمعايير المهنية، بحيث يضع الإعلامى أو صانع الرسالة الإعلامية سواء كان محرراً معداً ومذيعاً مقدما للبرامج أو مراسلاً فى إطاره المرجعى سؤالا من الضرورى أن يجيب عليه قبل إرسال رسالته للمستقبل أو المتلقى .. ما ردود الأفعال المتوقعة بعد وصول الرسالة الإعلامية؟ هل هذه الردود متفقة مع الهدف من الرسالة؟ هل نجحت وبأى نسبة فى الالتزام بالقيم والمعايير المهنية؟ من هنا نكتشف أن الرقابة الذاتية تصحح المسار الإعلامى وتبتعد سواء بالإعلامى أو المتلقى عن حالة العشوائية فى العلاقة بينهما وتضمن أداء مهنياً تحكمه قواعد علمية محددة.
لكن السؤال إذا غابت الرقابة الذاتية واستمرت الفوضى الإعلامية ما السبيل للخروج من هذه المعضلة إذا جاز التعبير؟ هنا نقول إنه يجب أن يتوافر مستوى أوسع من الرقابة وهو ما يمكن تسميته برقابة المجتمع المدنى من خلال مؤسسات غير حكومية متخصصة ترصد الأداء فى وسائل الإعلام وتفتح حوارا ايجابيا حول ما يثار فى هذه الوسائل من موضوعات وقضايا لكن فاعلية هذا المستوى من الرقابة يتم بعد إرسال الرسالة وليس قبلها، وهنا نعتقد أن دورها تقييمى للأداء وليس تصحيحا له، فدائما تصحيح الهدف يتم قبل إطلاق الرسالة وتسهم الرقابة المجتمعية للإعلام فى عملية إيقاظ الرقابة الذاتية لدى القائم بالرسالة وتشجع المؤسسات الإعلامية على وضع دليل عمل للسياسة التحريرية يضبط الأداء ويحقق الهدف من الرسالة ويضمن وجود ما يعرف بمواثيق الشرف الإعلامية!!