رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أسرار الصيام


من أسرار الصيام الاجتماعية أنه تذكير عملى بجوع المحرومين وبؤس البائسين بغير موعظة بليغة ولا لسان فصيح. تذكير يسمعه الصائم من صوت المعدة ونداء الأمعاء فالذى نبت وترعرع فى أحضان النعمة ولم يعرف طعم الجوع ولم يذق مرارة العطش لعله يظن أن الناس كلهم على وتيرته. وأنه ما دام يعيش فى رخاء فالناس مثله ومادام يطعم لحم طير مما يشتهى وفاكهة ممايتخير فلن يحرم الناس الخبز والبقول. ومن حكمة الصوم أن الجوع فيه ضريبة إجبارية يدفعها الموسر والمعسر ويؤديها من يملك القناطير المقنطرة ومن لا يملك قوت يومه حتى يشعر الغنى أن هناك بطوناً خاوية وأحشاء لا تجد ما يسد الرمق ويطفئ الظمأ وحرى بالإنسان وإنسانيته وكذا إسلام المسلم وإيمان المؤمن أن يرق قلبه وأن يعطى المحتاجين وأن يمد يده إلى المساكين فالله تعالى رحيم ويرحم من عباده الرحماء، وقد روى أن يوسف عليه السلام كان يكثر من الصيام وهو على خزائن الأرض بيديه المالية والتموين فسئل فى ذلك فقال «أخاف أن أشبع فأنسى الجائع والفقير» ونحن فى صيامنا هذه الأيام لا ننسى إخواننا الأقربين الجوعى والعرايا فى كثير من البلاد الإسلامية فقد فقدوا أبسط بديهيات المعيشة الإنسانية. يبرهن على ذلك ما تناقلته وسائل الإعلام ولم يلتفت إليه أحد، حيث نشر أن أحد سكان رفح بقطاع غزة ويحمل هويه رقم «...» ورب أسرة مكونة من 7 أفراد ويطمع فى بيع بعضهم أو تبنى أحدهم وبالشروط المتعارف عليها. بالتأكيد من قرأ الإعلان وشاهده ربما حسبه نوعاً من المزاح المفرط أو الضيق الذى صاحبه فى أوقات الشدة، والرأى الثانى هو الصحيح المعتمد ولكن يا لها من طامة كبرى.

إنه إعلان واقعى يعنى صاحبه ما يقول فقد جال بخاطره التخلص من زينة الحياة الدنيا ولما لا وهو يراهم يتجرعون مرارة الجوع والحرمان والقهر وهو وإن كان يعانى شظف العيش وقلة الزاد إلا أنه رأى الحل فى تخفيف العبء عن كاهل السفينة لينجو بالآخرين. لم يحدث هذا فى عام الرمادة. زمن الخليفة العادل عمر بن الخطاب. عندما هلك الحرث والنسل وجف الضرع وأكل عمر الزيت حتى أسود وجهه ولم يحدث فى بلاد الواق واق، بل حدث فى فلسطين وهى لمن لا يعرف مسرى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ومولد عيس ابن مريم. ولك أن تتساءل: كم أسرة فلسطينية وأخرى عراقية وثالثة سورية ورابعة ليبية تعيش هذه الظروف الصعبة لا نعلمهم الله وحده أعلم بما يعانونه من حرمان. ولا حول ولا قوة الا بالله.