رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نحن.. واتهام الغرب لنا بالهوس الجنسى


اهتزت القاعة بتصفيق متواصل من جميع الحضور تعبيراً عن قناعتهم بأن الغرب ليس دائماً منصفاً فى نظرته إلى الشعوب الأفريقية والآسيوية ونستكمل فى مقال مقبل باقى الأحداث عن ثورة يناير.

فى الأسبوع الماضى دعتنى هيئة التنمية المجتمعية فى أفريقيا للمشاركة فى مؤتمرها لهذا العام بالقاهرة عن تأثير تغيرات المناخ فى النوع البشرى خاصة النساء والأطفال بصفتى صاحب أول كتاب يصدر باللغة العربية عن تأثير تغيرات المناخ على القطاع الزراعى والأمن الغذائى والذى صدر منذ نحو عامين معظم المدعويون والباحثين كانوا من الدول الأفريقية مع عدد من ممثلى بعض المنظمات الدولية فى أوروبا والتى تشارك فى تمويل الأبحاث والمؤتمرات الخاصة بهذا الأمر، ولأن المؤتمر سيمتد لمدة ثلاثة أيام بنظام اليوم الكامل من التاسعة صباحاً وحتى التاسعة مساء فقد طلب الحاضرون بتخصيص جلسة عن ثورة 25 يناير وأسباب تعثرها طوال ما يقرب من عامين، نظراً لعدم وجود كفاءات مصرية مشاركة بالمؤتمر ممن يحملون لقب الأستاذية سواى ومعى زميلة جامعية أسن عمرا، فقد طلبت إدارة المؤتمر أن نتولى إلقاء محاضرة مشتركة توضح الثورة وأسبابها وتعثرها، بحيث تجلى الأمور وتوضحها لأشقائنا الأفارقة.

وبحكم الأقدمية والسن بدأت زميلتى الأستاذة المصرية فى إلقاء كلمتها ولكنها تركت الثورة وتفرغت لسرد تاريخ التيار الدينى فى مصر منذ إنشائه قبل الثورة ثم دوره فى عهد جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك، وانتهاء بوصوله للحكم بعد الثورة مع التركيز على الجرائم التى ارتكبوها ودورهم فى أفغانستان وباكستان والخليج العربى وتنظيم القاعدة ثم بروز التيار السلفى كأكثرهم تشدداً وإصرارهم على احتقار النساء وإخفائهن= تحت النقاب وحتمية جلوسهن بالمنزل فقط وعدم وجود أى دور مدنى أو مجتمعى أو سياسى لهن وتركيز دورهن فقط فى إمتاع الرجال وإنجاب الأطفال!!.. ثم كانت الطامة الكبرى ونحن نتحدث أمام الأجانب من الأفارقة والأوروبيين ومعظهن من النساء والذين بدأوا فى إطلاق ضحكات استهزاء من وقت لآخر على ضحالة نظر المتشددين للمرأة وإصرارهم على هدم الحضارة المصرية والأهرام وأبوالهول وصيحات الاستنكار تتزايد، وجاءت الطامة الكبرى بتركيز الزميلة الفاضلة والتى يتجاوز عمرها منتصف السبعينات أى تتمتع بحكمة السنين وخبرتها على موضوع إصرار الأصوليين الدينيين على الزواج من الأطفال بدءاً من عمر التسع سنوات!!، وهنا تعالت التأوهات الاستنكارية ووضعت المشاركات إياديهن على الخدود استنكاراً وتعبيراً عن هول مثل هذه المأساة بل والجريمة التى ترتكب فى حق الأطفال تحت زعم الدين وعدم مجاراة تطور الزمن واختلاف الظروف والتحضر الواجب.

وبمجرد أن انتهت الزميلة من كلمتها انفعلت باحثة إيطالية وممثلة لإحدى المنظمات الأوروبية المشاركة فى المؤتمر وأمسكت بالميكروفون صارخة ومتسائلة: لماذا يعانى المسلمون «لاحظ الجمع الآن بين جميع المسلمين» من الهوس الجنسى ؟، ولماذا يؤثر فيكم هذا العضو الجنسى للمرأة إلى هذا الحد؟، وقالت اسمه «الدارك» عارياً وكأننا كمسلمين نعبده بعد الله تعالى، فهكذا تسببت الزميلة المصرية فى إعطاء هذه الفكرة غير الصحيحة عن جميع المسلمين وعن جميع العرب وهنا كان لابد لى من تصحيح الوضع وتدارك أو إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال وصول الكلمة إلى شخصى، بدأت كلمتى بالرد أولاً على هذا الاتهام الظالم لنا بالهوس الجنسى الذى لا يعبر عن رأى سيدة إيطالية ولكننى واثق من أنه رأى جميع الأوروبيات ورجالهم أيضاً.

نحن كعرب وأفارقة ومسلمين لا نعانى الهوس الجنسى ولا نعانى أيضاً الإفراط فى ممارسة الجنس ولكن أنتم تريدون أن تروننا كذلك لأن هذا يتناسب مع نظرتكم إلينا، هكذا بدأت ردى وأضعفت: تستطيعين يا سيدتى أن تخرجى الآن وأنتى مرتدية ثيابك الأوروبية وتستقلين أى تاكسى وتذهبين إلى أى مكان تريدينه دون أن يتعرض لك أحد بالاغتصاب، وتستطيعين أيضاً أن تخرجى وتتريضى بعد منتصف الليل فى المنطقة المحيطة بالفندق وأنت واثقة من عودتك سالمة إلى الفندق دون ضرر، فالواقع يقول إن عدد قضايا الاغتصاب فى جميع بلدان أوروبا وأمريكا أضعافاً مضاعفة لقضايا الاغتصاب فى البلدان العربية والأفريقية والإسلامية، فلا أنت ولا حتى أنا كرجل نستطيع أن نخرج بعد العاشرة مساء فى روما ونيويورك وأغلب البلدان العربية دون أن نتعرض لسرقة أو اغتصاب للسيدات أو للاختطاف لا العرب ولا المسلمين من أسباب الانحلال فى العالم، فقد رأيت بنفسى أثناء إقامتى فى الولايات المتحدة حفل زفاف لرجلين أحدهما سيقوم بدور المرأة والآخر سيكون الرجل.

ثم تابعت فى تليفزيونكم زفافاً مماثلاً لسيدتين إحداهن ستقوم بدور الرجل والأخرى بدور المرأة، والغريب فى كلتا الحالتين أن كلا الزوجين الرجلين فى جانب والمرأتين فى الجانب الآخر كانوا يتبنون أطفالاً وكان صبياً فى حالة زواج السيدتين وصبية فى حالة زواج الرجلين!! وعلى الرغم من بالغ اشمئزازى من هذا السلوك فلم أتهم الغرب بالإنحلال ولا الهوس الجنسى، لأنها مجرد حالات فردية فى وسط مجتمع كبير يعيش على طبيعة الخلق فى احترام الرجولة والأنوثة كما قدرها الخالق، وعلى الرغم أيضاً من اشمئزازى وامتعاضى ممن سمح لهذه القذارة بتبنى أطفال تعيش وتكبر وسط الشواذ، لأن الولد والبنت سيخرجان للحياة وقد اختلطت عندهم المفاهيم، فالبنت تعيش بين رجلين تقول للأول «ماما» وتقول لرجل مثله تماماً «بابا»، وبالتالى فالمفاهيم اختلطت عندها ولم ولن تعى وتفهم أن الأم ينبغى أن تكون سيدة وأن الأب ينبغى أن يكون رجلاً! الأمر نفسه فى حال زواج السيدتين، فالابن هناك سيجد نفسه يقول لسيدة منهما «بابا» ويقول لسيدة مثلها تماماً «ماما» وبالتالى ستختلط المفاهيم عندها فى ماهية الأب وماهية الأم ومن منهما يلد ومن منهما يحمى؟! ومع هذا الخروج غير المألوف عن كل الشرائع السماوية مسيحية وإسلامية ويهودية وحتى الإنسانية أو المجتمعات البدائية لم نتهم الغرب بالانحلال والهوس الجنسى لأنها حالات فردية نتفهم أنها لا تمثل المجتمع الغربى كله.

المشكلة فى الغرب أنهم يريدون أن يصدروا إلينا فى أفريقيا وآسيا الحرية الجنسية التى قبلوها لأنفسهم وحرية زواج الشواذ تحت غطاء الحرية الشخصية المطلقة والديمقراطية متناسين أن لكل مجتمع عاداته وتقاليده وآدابه ثم عقيدته وإذا لم نترض يتهمونا بالتخلف وإهدار الحريات والهوس الجنسى على الرغم من وضوح أن الهوس الجنسى موجود فى الغرب أكثر مما هو أفريقياً وآسيوياً.

■ كلية الزراعة جامعة القاهرة

Nader هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.