رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفاصيل اقتراض مصر من روسيا 25 مليار دولار لبناء 4 مفاعلات نووية في الضبعة.. خبراء: شروطه ممتازة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في أضخم قرض حصلت عليه مصر مؤخرًا، جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم 484 لسنة 2015، بالموافقة على الاتفاقية الموقعة بين مع روسيا بشأن تقديمها قرض تصدير لإنشاء المحطة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية.
ووفقا للاتفاق، الذي اعتمده رئيس الجمهورية في 24 ديسمبر الماضي، قبل أيام من تشكيل البرلمان، سيتم تقديم القرض الروسي لمصر على أقساط لمدة 13 عاما، تبدأ من العام الجاري، بينما ستسدد الحكومة المصرية أصل القرض على مدار 22 عاما، من خلال 43 قسطا نصف سنوي ، في 15 أبريل و15 أكتوبر من كل عام، على أن يكون أول سداد في منتصف أكتوبر 2029 .
وستبدأ مصر في سداد فوائد القرض مع بدء استلام أقساط القرض من الطرف الروسي.
واختلفت الآراء حول القرض، حيث يرى البعض أن فائدته، البالغة 3%، منخفضة مقارنة بالقروض التجارية بينما يحذر البعض من ضخامة حجمه ومخاطر تركز الاستدانة لدى روسيا.
ويهدف القرض، الذي نُشرت تفاصيله في الجريدة الرسمية منذ ثلاثة أيام، إلى تمويل أعمال إنشاء وتشغيل محطة الطاقة النووية المعروفة باسم محطة الضبعة، والتي ستضم أربعة مفاعلات تبلغ طاقة كل منها 1200 ميجاوات.
وستستخدم مصر القرض لتمويل 85% من قيمة كل عقد توقعه مع الجانب الروسي يتعلق بالمحطة النووية، بينما ستتحمل مصر وحدها سداد النسبة المتبقية من التمويل، والبالغة 15% من قيمة المشروع، لصالح المؤسسات الروسية القائمة على تنفيذ أعمال الضبعة.
يمني الحماقي، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس، قالت إن القرض يأتي في إطار إقامة أول محطة نووية، من خلال مساعدة روسيا لمصر بتوفير التمويل، موضحة أن المشروع له سيكون له جدوى اقتصادية كبيرة، ومضمون أن يحقق العائد المطلوب منه، خاصة في ظل تنمية منطقة العلمين بالكامل اقتصاديًا.
وذكرت أن القرض الروسي لمصر، سيجعل إجمالي القروض الخارجية للدولة تقترب من الخمسين مليار دولار، وبهذا فإنه يتخطي الحدود التي كانت تسير عليها الدولة سابقًا، حيث كان يصل إجمالي القروض إلي 30 أو 33 مليار دولار.
وتابعت الحماقي، إن زيادة الدين الخارجي ليست مشكلة في حد ذاتها، ما دامت الدولة قد أعدت خطة مسبقة للتعامل معها، والوقوف علي الموارد التي سيتم السداد من خلالها، مؤكدة علي أنه لو خططت الدولة بشكل صحيح فلن يكون هناك أزمة مطلقًا.
وعن سؤال هل أن مصر قادرة على سداد القرض أم أن أعبائه ستتحملها الأجيال المقبلة، أوضحت أن الإجابة علي هذا السؤال تكمن في قدرة المجموعة الاقتصادية ووزارة التعاون الدولي ، بالتنسيق مع مجلس النواب، الذي يشترط موافقته أولا علي القرض، في التعامل والتخطيط.

وأضافت الحماقي، أنه يتوجب عليهم أن يضعوا جدول زمني محدد، يتم فيه تحديد التزامات مصر من القروض، ومصادر سدادها، مع وضع خطة للصرف، لأن الطاقة الكهربائية التي سيتم إنتاجها من المشروع، سيتم بيعها بالجنيه في الوقت الذي نسدد فيه القرض بالدولار، وهو ما يتطلب جدولة المشروعات وتحضير الدولارات مسبقًا، حتى لا نتأثر باحتمالية رفع سعر الدولار من عدمه وقتها.
من جانبه، أكد الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، أن القرض الروسي خطوة إيجابية نحو تعظيم إنتاج مصر من الطاقة خاصة مع تزايد احتياجاتنا من الطاقة سنويًا من ناحية، وتوفير بيئة خصبة لجذب المستثمرين من ناحية أخرى، مضيفًا أن الاتجاه نحو الطاقة النووية أصبح البديل الوحيد أمام دول العالم كافة، بديلا عن المصادر التقليدية للطاقة مثل المشتقات البترولية و المصادر المائية مثل السد العالي.
وشدد علي أن القرض لن يمثل عبئًا علي الدولة السنوات المقبلة، لاسيما مع انخفاض فائدة القرض وتحديد فترة سماح طويلة، لذا يعتبر القرض بلغة الأرقام ممتاز، ويمكن أن تجد مصر في صعوبة في الحصول علي قرض مماثل في الفترة المقبلة.
وأضاف أن الاقتصاد المصري ظل حبيس طوال السنوات الخمس الماضية في ظل ضعف إنتاج الطاقة وندرة الاستثمارات، ما أدي الي تراجع معدل الناتج المحلي الي 3% فقط مقارنة بنسبته 7% قبل ثورة يناير، مشيرا الي أن الطاقة النووية ستمنح الاقتصاد المصري دفعة جديدة تساعده علي التحرك الي الأمام، خاصة وان المواطن لن يشعر بتحسن الاقتصاد إلا بعد وصول الناتج المحلي الي حدود ال 5- 7%.
أكد الدكتور جمال القليوبي الخبير البترولي وأستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية، أن الدولة المصرية تواجه حاجة ملحه في الاتجاه نحو الاعتماد علي الطاقة النووية في توليد الكهرباء بتكلفة منخفضة مقارنه بالمصادر الأخرى لتوليد الطاقة.
وأوضح أن تكلفة إنتاج الكيلو وات من المحطات النووية لن يتعد 1.8 دولار مع اقل معدل من التلوث البيئي، مقارنة بـ 2.8 دولار لكيلو وات المولد من المحطات الشمسية التي تحتاج الي صيانة دورية عالية التكلفة، إضافة الي أنها ستتوقف عن العمل مع غروب الشمس، ما يتطلب الاستعانة ببطاريات طويلة العمر بعد الغروب وهي تكنولوجيا مكلفة للغاية، وترتفع تكلفة الكيلو وات المولد من المشتقات البترولية الي 5.5 دولار.
وشدد على أهمية الاتجاه نحو الاعتماد علي الطاقة النووية في التوقيت الراهن، لاسيما وأن مصر مقبلة علي تحدي يتعلق بنقص إمدادات مياه النيل، ليصبح البديل المتاح تحلية مياه البحار اعتمادا علي المحطات النووية التي تقع بالقرب من البحر المتوسط، بتكلفة محدودة.

ولفت إلي أن الطاقة النووية من شأنها توفير ما تحتاجه الدولة المصرية من النظائر المشعة ذات التكلفة المرتفعة والتي تستوردها مصر سنويا، إما لاستخدامها في المجال الطبي لمعالجة الأورام السرطانية أو استخدامها في الصناعات الحديثة مثل الغزل و النسيج و المبيضات وإنتاج المواد الحافظة، وهي جميعها تطبيقات استراتيجية للدولة.
وأضاف أن الدولة المصرية تأخرت كثيرا في الدخول عالم الطاقة النووية، رغم أنها امتلك أول مفاعلين نوويين في منطقة الشرق الأوسط في ستينات القرن الماضي، لكنها توقف بفعل فاعل، حتى لحقت بها إسرائيل و تفوقت في ذلك المجال و تبعتها إيران، لذا فلابد أن يكون لدي مصر درع نووي.
وعن توقيت القرض، أكد أن شروط المتفق عليها للحصول بموجبها علي القرض تمنح مصر فترة سماح طويلة، علي أن يبدأ السداد بعد 10 سنوات من تاريخ التوقيع، إضافة الي أن العرض الروسي تعاملت مع الدولة المصرية بنوع من الاحترام والدعم، ولم يسع إلى تحقيق مكاسب اقتصادية من وراءه.
وتطرق الي بنود الاتفاقية والتي تتضمن بناء أول مفاعلين بصناعة روسية اعتمادا علي الوقود النووي الروسي على أن يتم تنفيذ المفاعلين الآخرين بالاشتراك مع الخبرات المصرية بنسبة 60%، مع التزام روسيا بتدريب جيل كامل من العمال المصريين عبر تنظيم بعثات الي المعهد القومي لديهم لأكثر من 600 عامل لدراسة هذا النوع من التكنولوجيا.
علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة المحطات النووية اﻷسبق، أكد علي أن هذا المشروع حيوي وحتمي ومسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر، ولابد من إنشاء المحطة النووية لتوليد الكهرباءـ.
وأوضح أن المحطة النووية لتوليد الكهرباءـ بالضبعة، ستكون بديلة للمحطات الكهربائية التي تعمل بالوقود والغاز والبترول الغير متجددة، متابعًا أن الطاقة الكهربائية التي سيتم توليدها، ستكون نظيفة ورخيصة وآمنة.
وأضاف عبد النبي، أن الطاقة النووية للكهرباء ستوفر 360 مليون دولار سنويًا، مقارنة باستخدام الوقود والغاز والبترول في توليد الكهرباء، كما أن سعر الوات لها سيكون أرخص، مؤكدًا علي أنها مشروع استثماري لأنها توفر الوقود النووي.
وذكر أنه يمكن الاستفادة من مشروع المحطة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، خلال 10 سنوات من بدء تشغيلها.