رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

" الجينز " ينجح في توحيد العالم وأن يصبح رمزًا للديمقراطية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يصادف اليوم مرور 143 عاما على أشهر اختراع في عالم الأقمشة، اختراع غيّر ثقافة الملابس في العالم أكمل، لعدم اعترافه بالتفريق الطبقي بين فئات المجتمع ولا بالتمييز الجنسي بين الذكور والإناث، كما أنه لم يعرف أي طريق للتمييز العنصري بين الشعوب، وصاحب كل هذه المزايا العينية هو (الجينز)، الذي بات رمزا للديمقراطية، ووضع طبقات المجتمع المختلفة على أرضية متساوية تقريبا.
قبل عام 1873 وبالتحديد قبل يوم 20 مايو لم يكن أحد من البشر يعرف معنى كلمة جينز ، واليوم غزا الجينز خزانات ودواليب الملابس في مختلف دول العالم، سراويلا وقمصانا وأحذية وحقائب، يرتديها المشاهير والفقراء على حد سواء، عارضات أزياء، فنانون، رؤساء دول، نساء عاملات وربات بيوت، عمال وفلاحين، صغار وشباب ، وكبار وكهول ، مهما اختلفت الثقافة أو تغيرت الديانة، ومهما بعدت المسافات، يبقى الجينز على رأس قائمة الأزياء التي وحدت العالم، وغيرت أذواق البشرية بالكامل.
وكانت إطلالته الأولى السروال الأزرق ، واليوم لا يعرف البشر ملابس يرتدينها على هذا النطاق الواسع على مستوى العالم ويحبونها مثل الملابس الجينز، حتى أن نجمات هيوليوود وبوليوود بتن يفضلن الظهور بإطلالة بسيطة خالية من الماكياج، مع ارتداء بنطلون جينز في السهرات ، بدلا من الفساتين الكلاسيكية التي دائما ما كن يرتدينها، لما يجمعه بين البساطة والأناقة في نفس الوقت.
والسبب وراء هذا الإقبال منقطع النظير والجاذبية المفرطة للملابس للجينز، يكمن في أنها عملية ومريحة ومتينة وسهلة أيضا، وأسعارها في متناول الجميع، كما أنها أكثر متانة وحداثة، ولا تحتاج للغسيل بطريقة مستمرة ولا للكي بالمرة، بالإضافة إلى احتفاظها بالمظهر الجيد رغم طول مدة الاستعمال.
تم تصميم الجينز لأول مرة كبنطال للعمال في المزارع والمناجم في الولايات الغربية بأمريكا في أواخر القرن التاسع عشر، وعندما طلب من خياط يعمل في نيفادا ويدعى جيكوب ديفيس صناعة بنطال قوي لعمال يشتغلون بقطع الأخشاب، خطرت بباله فكرة عمل بنطال مع تقويته بعدد من الدعامات الحديدية الصغيرة حتى لا يتمزق بسهولة، وأثبت بالفعل متانته، مما زاد من الطلب عليه بشكل سريع.
وأصبحت شركة ليفايز - نسبة إلى ليفاي ستروس- هي صاحبة الملكية الفكرية لبنطال الجينز، ونالت شهرة واسعة ، وعندما بدأ الناس يرتدون الجينز بشكل غير رسمي، بدأ ينتشر كرمز للتمرد، جسده الممثل مارلن براندو في دوره في فيلم البريء ، والممثل جيمس دين بعد ذلك بعامين في دوره في فيلم متمرد بلا قضية ، ثم قاما بارتداء الجينز خارج الشاشة أيضا، مما شجع على انتشار ارتدائه ، ولأنه كان رمزا للتمرد فقد لاقى إقبالا من الشباب في سن المراهقة الذين تمسكوا به أكثر.
وانتشر الجينز أيضا في فترة الستينيات بين الأمريكيين من أبناء الطبقة الوسطى، وبدأ المتظاهرون من طلاب الجامعات ارتداء الجينز كرمز للتضامن مع الطبقة العاملة، حيث كان هؤلاء أكثر الطبقات تأثرا بأزمات التمييز العنصري وقرارات الحرب ، وفي العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، وضعت كل ثقافة فرعية بصمتها على الجينز، مثل تمزيق مواضع معينه فيه، ووضع أختام مختلفة عليه .