رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتوح الشاذلي يكتب ..ليس هذا هو الحل


 سألت المرحوم الدكتور عاطف عبيد، رئيس الوزراء الأسبق، حول أزمة الدولار التى تفجرت فى عهده، وكانت وقتها أزمة خانقة تهدد اقتصاد البلاد.. وبكل هدوء أجابنى قائلاً: طالما هناك ندرة.. فلابد أن تكون هناك أزمة.. ولا ينطبق هذا على الدولار وحده، ولكن على أى سلعة.. وقال إن ما نفعله اليوم لمواجهة هذه الأزمة هو مجرد مسكنات مؤقتة لن تستمر طويلاً والحل لابد أن يكون جذرياً وذلك بزيادة مواردنا من الدولار حتى لا تكون هناك ندرة.. كان الرجل واضحاً مع نفسه ومع الآخرين.. فعلى الرغم من أننى صحفى معارض.. والأزمة وقتها كانت خانقة.. إلا أن الرجل كان صريحاً معى.. عاصرت هذه الأزمة عن قرب عندما كنت محرراً لشئون مجلس الوزراء بجريدة «الوفد» وشاهدت كيف تعاملت الحكومة مع الأزمة.. فعلى الرغم من شدتها إلا أن القيادات التى تعاملت معها كانت عند مستوى المسئولية.. فالدكتور «عبيد» والدكتور يوسف بطرس مثلاً يكفى أحدهما ليدير اقتصاد دولة فما بالك بالاثنين معاً.

واليوم.. نعيش نفس الأزمة ولكن الفارق هنا فى القيادات.. فرئيس الحكومة رجل مرتبك ليست له وجهة اقتصادية ولا تصورات واضحة.. فهو تارة يتحدث عن الاقتصاد الحر وفى مناسبة أخرى أثناء لقائه القيادات العمالية فى «عيد العمال» يتحدث عن انتهاء عصر الخصخصة والإبقاء على سياسة قطاع الأعمال والقطاع العام التى انتهت من العالم كله.

لا يمكن لرئيس وزراء من الدولة العميقة كان موظفاً كبيراً «وكيلاً لوزارة البترول» أن يقود اقتصاد بلد بحجم مصر.. ليس هذا فحسب بل إن وزراء المجموعة الاقتصادية غير مؤهلين لإدارة هذا الملف الصعب ولا غيره من الملفات وكانت النتيجة انفراد طارق عامر، محافظ البنك المركزى، بإدارة الملف، ويبدو أن خبرة الرجل محدودة فهو لا يملك إلا الحل الأمنى الذى وصل إلى إعداد قانون جديد يغلظ عقوبة الحبس على المتاجرة بالدولار فى السوق السوداء لتصل إلى 5 سنوات ومصادرة الأموال وفرض غرامات مالية كبيرة.. ربما ينجح هذا الحل فى ضبط إيقاع السوق لفترة مؤقتة ولكن أبداً لن يكون هذا حلاً.

إن الأوضاع التى وصلنا إليها سيئة.. فعندما يعلن نائب المحافظ أننا نسحب 1٫4 مليار دولار من الاحتياطى النقدى شهرياً لسد الاحتياجات الأساسية مع ضرورة توفير 8 مليارات دولار خلال الشهور الثلاثة القادمة كالتزامات حتمية من حجم احتياطى 17 مليار دولار فإن هذا الأمر يتطلب وقفة وإعادة نظر وعلينا أن نفعل كما فعل «عبيد» و«غالى» فى الماضى.