رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما يجب علينا أن نفهمه..!


تكشف وقائع الأيام والسنوات الماضية أن لدينا من «يبحث عن جنازة، ليشبع فيها لطم»، وتناسى كثيرون أن الجنازة المقصودة ستكون على حساب تشييع بلد بالكامل، وهدمها للأبد.. عبر افتعال أزمات بعينها، وتهويلها وتضخيمها، ومن ثمَّ نعود إلى المربّع الأول. بصراحة، لن تكون الأزمة المفتعلة بين وزارة الداخلية، ونقابة الصحفيين، الحلقة الأخيرة فى مسلسل تعمد فقدان الثقة بين مؤسسات الدولة، والقطاع العريض من المواطنين، لأن ذلك هو المخطط المقصود والهدف الذى يسعى إليه بعض من تلوثت عقولهم وقلوبهم بأفكار سوداء، وتورطوا فى أجندات باتت معروفة للمواطن البسيط فى أقصى حارة مصرية، ونلمس تداعياتها فى كل ما يتردد حولنا.

وبعيداً عن ملابسات القضية، احتراماً لقرار النائب العام بمنع النشر، فإن مجرد التصعيد هو اختبار معنوى جديد، فى لعبة شدِّ الحبل، واستعراض العضلات، التى تكررت كثيراً فى السنوات الأخيرة، سعياً وراء امتيازات فئوية، وانتصاراً لكيانات وظيفية، متناسين جميعاً أنه إذا أردنا أن نبنى دولة قانون، فلا بدَّ أن ينصاع الجميع لهذا القانون. وبدلاً من مقارنة تطبيق القانون بسلبيات النماذج الأسوأ، علينا أن نعى أن من ينظر للأمام، عليه ألا يظل يعيش فى مقارنات الماضي، وليس معنى أن تجاوزاً حدث، أو سلبية وقعت، أنها يُمكن أن تكون نموذجاً نستجديه، ونطلب المعاملة على أساسه بالمثل.

السعى للأفضل، هو ما يجب أن يكون عنواناً عريضاً لنا فى مصر، وليس معنى أن لدينا سلبيات كثيرة، أن نظل ندور حولها ونتمسك بها، بدلاً من مواجهتها والاستفادة من أخطائها، لأنه لا دولة ولا مؤسسة فى العالم دون أخطاء، والشعوب الراقية، والنخبة السياسية الحقيقية، هى من تتغلب على هذه الأخطاء، بدلاً من استمرار حالة «اللوكلوك» حولها، وإدمانها. وبينما ينفخ كثيرون فى نار الفتنة، باحثين عن وقيعة بين الدولة والشعب، لأسباب واهية، فى عمليات استعراضية، لم يُفكر أحد فى فتح نافذة أمل، لهذا الشعب الذى صبر كثيراً وتحمل كثيراً من أجل تحسين واقعه ومستقبله.

طاقة الأمل هذه، تحتاج لمن يترجمها فعلياً على الأرض، وليس بمجرد الشعارات الجوفاء والزعامات الورقية، وربما كانت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى حفل حصاد أول إنتاج لمشروع الفرافرة، من القمح، وما كشفه عن سعيه لأن تكون مصر دولة حقيقية بالقانون والمؤسسات، وليست شبه دولة، إلا تجسيداً لنموذج العمل الجاد والمخلص، والذى للأسف يغيب كثيراً ـ ولا أريد القول إنه عن عمدٍ ـ عن ذاكرة إعلامنا الوطني، المشغول بالخلافات الجانبية. وإذا كان من حقنا أن نتساءل عن المستفيد من النفخ فى نار الوقيعة والفتنة، إلا أن السؤال الأكثر أهمية، هو من المستفيد فى استمرار حالة التعامى المقصودة عما يتم إنجازه من مشاريع قومية كبرى، بدأت فعلاً وفى أوقات قياسية، وأعتقد أنها ستغير وجه مصر عند إتمامها واكتمالها. ما نريد أن نفهمه، أن من ينفخ فى النار، سيأتى يوم ويحترق بجمرها، وسيعرف عندها أن من يحتضن العقارب، لن يأمن لدغتها أبداً.. وأن من يصبر على الأذى، ويعمل وينتج من أجل رفاهية كل مواطن، سيتذوق يوماً ثمرة الحصاد.. وهذا هو الفارق الكبير.