رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاقتصاد المصري فى ميزان "المؤسسات الدولية".. النقد يخفض توقعاته لمعدل النمو.. وفيتش: ضغوط النقد الأجنبي تجبر مصر على الاقتراض

جريدة الدستور

بين نظرة متفائلة وأخري يشوبها الحذر وثالثة متشائمة، تنوعت رؤي وتقييم المؤسسات المالية والنقدية الدولية لحال الاقتصاد الوطني المصري، في ضوء المتغيرات العديدة التي تطرأ علي طبيعة الأوضاع الاقتصادية في مصر منذ بداية العام الحالي وحتي الشهر الجاري.

أولًا: عجز الموازنة:
يعد من القضايا المؤرقة للحكومات المتعاقبة، فعلي الرغم من المحاولات المتواصلة لخفض نسبة العجز إلا أنه أخذ منحني الصعود ليصل إلى 192 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو 2015 وحتى يناير 2016 مسجلًا 6.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتستهدف وزارة المالية الوصول بمعدل العجز خلال العام المالي الجاري 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي و9.8% العام المالي المقبل و8.5% بحلول السنة المالية 2017- 2018.

"موديز"
حللت مؤسسة "موديز" العالمية للتصنيف الائتماني، البيانات الرسمية حول نسبة العجز بنظرة تشاؤمية، حيث حذرت في تقرير صادر عنها من ارتفاعه في الحساب الجارى لمصر، والتى قفزت بأكثر من الضعف إلى 8.9 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالى الحالى، مقابل 4.3 مليار دولار فى نفس الفترة من العام السابق.
وأكدت أن ارتفاع نسبة العجز سيكون لها تأثير سلبي علي التصنيف السيادي لمصر، ما يعكس عجزا تجاريا هيكليا لا بأس به، وانخفاض فائض ميزان الخدمات وتراجعا حادا فى صافى الإيرادات، موضحة أن حادث انفجار الطائرة الروسية والذى هز ثقة السياح يعد أحد العوامل الرئيسية فى ارتفاع نسبة العجز.
وقدرت المؤسسة نسبة العجز الحالية فى الحساب الجارى بحوالى 5.8% من إجمالى الناتج المحلى فى الربع الرابع من 2015، مقارنة بحوالى 3.1% فى نفس الفترة من 2014.

"صندوق النقد"
بينما دفعت عمليات قطاع الموازنة العامة للدولة بصندوق النقد الدولي إلى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة إلي 11.7% خلال السنة المالية الحالية و11.5% خلال السنة المالية المقبلة.

"البنك الدولي"
وتشير تقديرات البنك الدولى إلى أن انخفاض أسعار النفط سيقلل عجز الموازنة المصرية بنحو 2% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2016، وفقا لبيان نشره البنك الدولى على موقع عبر الإنترنت.

ثانيًا: "النمو الاقتصادي":
واستحوذ معدل النمو الاقتصادي علي اهتمام المؤسسات الدولية، لاسيما في ضوء المتغيرات السلبية المتعلقة بنشاط السياحة، في أعقاب حادث الطائرة الروسية، وتراجع نشاط التجارة العالمية في قناة السويس.

"صندوق النقد"
ودفعت أزمة السياحة صندوق النقد الدولي إلي خفض توقعاته للنمو الاقتصادي بنحو 3.3% خلال عام 2016، على أن يرتفع المعدل فى عام 2017 إلى 4.3%، وذلك مقارنة بـ 4.2% فى العام الماضى.
وتوقع الصندوق في تقرير صادر عنه الشهر الجاري، تراجع معدل التضخم فى مصر إلى 9.6% فى العام الجارى و9.5% فى 2017، مقابل 11% فى 2015.
وحول معدل البطالة توقع صندوق النقد أن يصل إلى 13% خلال 2016، وأن يتراجع إلى 12.4% فى العام المقبل فى حين سجل 12.9% فى 2015.

"البنك الإفريقي للتنمية"
بينما تناول البنك الإفريقي للتنمية الأمر بنظرة مغايرة مطلع العام الجاري، وتحديدًا خلال شهر يناير الماضي، حينما قدم تقييمًا متعمقًا ودقيقا حول وضع الاقتصاد المصري، ليؤكد خلاله أنه تعافي بشكل مطرد من متوسط 2% في الفترة من 2011 إلي 2013 ليصل إلي 4.7% خلال التسعة أشهر الأولي من 2014-2015، وذلك حسبما جاء علي لسان ليلي المقدم ممثل البنك الإفريقي للتنمية بمصر.
وتوقع أن يسهم برنامج الحكومة الشامل للاقتصاد الكلي وما شهدته الفترة الماضية من زيادة فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فى استمرار تسارع النمو الذى يتوقع أن يصل إلى 5% خلال العام المالى 2018/2019 وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولى.
ورأي أن الحكومة المصرية تبدي التزامًا قويًا بالإصلاحات منذ 2014، كما شرعت فى الاستثمارات التحويلية لتحويل مصر إلى وجهة جاذبة للاستثمار وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.

"البنك الدولي"
في مطلع العام الجاري عمد البنك الدولي إلي خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري من 4.3% في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية 2015 الصادر يونيو الماضي، لـ3.8% نهاية يونيو المقبل.

"رؤية الحكومة"
بينما تبنت الحكومة رؤية مغايرة في المقابل، حيث عدلت معدل النمو المستهدف للعام المالي 2015-2016 ليصبح 4.5% بدلا من 5%، وذلك علي لسان الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط.
وحول توقعات صندوق النقد الدولي بتراجع معدل النمو فى مصر خلال العام المالي الجارى إلى ما يتراوح بين 3 إلى 4%، أوضح العربي أن الحكومة تقوم بإعداد تقارير دورية حول مؤشرات الأداء، مشيراً إلى أن صندوق النقد يتلقى نسخه منها، وأنه من خلال تلك التقارير سيقوم الصندوق بتعديل توقعاته عن مصر.

ثالثًا: الاحتياطي النقدي وقرارات المركزي بخفض قيمة العملة
عمد البنك المركزي خلال الأشهر القليلة الماضية إلي خفض قيمة العملة الوطنية أكثر من مرة، لمواجهة أزمة نقص حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي، وتباينت تعليقات المؤسسات الدولية حول هذه القرارات كالآتي:

"فيتش"
أثرت أزمة نقص المعروض من النقد الأجنبي علي نظرة مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني للاقتصاد الوطني، معتبرة أن استمرار تلك الضغوط قد يدفع مصر للجوء إلى صندوق النقد الدولى.
ووصفت المؤسسة في تقرير صادر عنها مارس الماضي، سياسات الحكومة المتعلقة بسعر الصرف بالمرنة، والتي ستؤثر إيجابًا على التصنيف الائتمانى، رغم مواجهة الدولة صعوبات تتعلق بتباطؤ النمو وارتفاع مستويات التضخم والاحتياجات المالية الضخمة.
كما توقعت أن تستمر الضغوط التضخمية بعد تخفيض قيمة العملة المحلية، وتكبُّد تكلفة أعلى للواردات المصرية، فضلًا عن مخطط الحكومة لتنفيذ ضريبة القيمة المضافة التى مِن شأنها تفاقم الضغوط على المستوى العام للأسعار، إضافة إلي أنه سيدعم سيولة النقد الأجنبي في القطاع المصرفي المحلي على الأرجح.
وبنظرة تحليلية تناولت "فيتش" قرارات المركزي الأخيرة، معتبرة إياها تعكس تعكس الضغوط الواقعة على العملة المحلية، على خلفية اتساع عجز الحساب الجارى وتدفقات رأس المال الأجنبية غير الكافية والمستويات المنخفضة للاحتياطى الأجنبى الذى يغطى أقل من 3 شهور من المدفوعات الخارجية الراهنة.
وحمل تقرير "فيتش" في طياته انتقادات لسياسات البنك المركزي، حيث رأي أن توقعات خفض العملة حدَّ من قدوم الاستثمارات الأجنبية الفترة الماضية علي خلفية محاولات البنك المركزى المصرى إعادة بناء الاحتياطى الأجنبى الذى تَراجع إلى نحو 16.5 مليار دولار بنهاية فبراير الماضى.
ورأت أن مبادرات البنك المركزى التى أطلقها عبر البنوك الحكومية في إشارة إلي الشهادات التي طرحها بنكي "الأهلي و مصر" بعائد 15% شريطة التنازل عن الدولار، ستعزز من زيادة موارد النقد الأجنبى.
واختتمت فيتش تقريرها بتوقع إقدام «المركزى» المصرى على إجراء خفض جديد لقيمة العملة فى الفترة المقبلة، على أن يتجاوز 9 جنيهات بنهاية 2016، لكنها قالت إن هناك حاجة للمزيد من الإجراءات بما في ذلك إلغاء جميع الحدود على إيداعات الشركات بالعملات الأجنبية.

"البنك الدولي"
ووصف البنك الدولي إجراءات البنك المركزى المصرى الأخيرة فيما يتعلق بتخفيض قيمة العملة بالخطوة الهامة، خاصة إذا تم مقارنتها بما فعلته الصين على مدار الـ 30 عاما الماضية، والتي نجحت فى الحفاظ على تحقيق معدلات نمو تتراوح بين 10 % إلى 11% لمدة 30 عاما مع وضع تخفيض قيمة العملة فى الاعتبار وبشكل متعمد.

"صندوق النقد"
رحب "صندوق النقد الدولي" بالخطوة التي اتخذها البنك المركزي المصري، معتبرًا إن القرار من شأنه تحسين توافر النقد الأجنبي ودعم الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وخفض الاحتياجات التمويلية.

"موديز"
قالت مؤسسة التصنيف الائتمانى موديز، إن القرار يدعم إيجابية التصنيف الائتمانى للبلاد، ويقرب أسعار الصرف الرسمية من أسعار السوق، ويحد من الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي.
وتوقعت «موديز» أن يدعم تخفيض العملة المحلية زيادة الصادرات المصرية إلى الخارج، فضلاً عن زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.