رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حلم أرض الكنانة والحرمين!! «١-٢»


الاتفاق المصرى السعودى على إنشاء جسر الملك سلمان الذى يربط بين المشرق والمغرب العربيين فى واقع الأمر ليس مجرد طريق برى يمتد بين البلدين كى يسهل حركة النقل والتنقل بينهما بما ينعش المنطقة تجاريا ويختصر المسافة والزمن ويسهل سفر المعتمرين والحجاج من وإلى الأراضى المقدسة، إنما المشروع الذى تأخر كثيرا يفتح آفاقا جديدة لمعانى كم نفتقدها فى عالم اليوم مثل التواصل الحضارى والإشعاع الثقافى والتنمية الشاملة بين الدول العربية فى قارة آسيا والدول العربية فى قارة أفريقيا.

ويعد الجسر معبرا لإحياء الفكر القومى العربى الذى توارى نتيجة سيطرة الأفكار الانعزالية على الفكر والعقل العربى منذ أكثر من أربعين عاماً نتيجة عوامل متداخلة منها تسلل الضعف إلى الجسد العربى وتراجع خطط التكامل الاقتصادى بين دول أمة العرب الواحدة التى يجمعها الدين واللغة والتاريخ والمستقبل والمصير - هكذا علمونا فى المدارس- وسادت أفكار الفردية ونبذ العمل المشترك، ما أدى إلى انعكاس هذا الضعف على القرار العربى بكل مستوياته.

وتمثل هذا الضعف فى التنظيم الإقليمى الذى تجسده جامعة الدول العربية وكان من الطبيعى أن تتنامى الظواهر السلبية فى عالمنا العربى ومنها ظاهرة الاستقطاب التى تكرس للتباعدات السياسية والاقتصادية وتغذى الجوانب الصراعية بين دول المنطقة بل داخل الدولة الواحدة نجد أنه قد نشبت نزاعات وتفجرت نزعات إثنية، ومن ثم تم خلق بيئة غير مواتية ترفض التعاطى مع أى أفكار من شأنها أن تحث على الوحدة العربية والتضامن بين شعوبنا. ولاشك أن المشهد شجع أطرافا أخرى غير عربية على إعادة رسم خريطة مصالحها بما يتفق مع أطماعها الإقليمية وتحقيق اكبر استفادة ممكنة من هذا الوضع، ويمكن القول إنه لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط إنما حيكت مخططات فى الخفاء منذ نحو عقد لتقسيم الدول العربية وتحويلها إلى دويلات بهدف تفتيت العالم العربى لصالح هذه الأطراف غير العربية ومن بينها إسرائيل وإيران وروجت آلة الإعلام – ومن بينها نوافذ إعلامية عربية تعمل بأجندات خارجية -للأفكار الانعزالية، وأنه لا فائدة للتحرك العربى الجماعى ويجب أن تعمل كل دولة من أجل الحفاظ على مصلحتها فقط بعدما لم تجد أفكاراً ومشروعات وجدوا معها أنه لا قيمة لأى تعاون بين أطراف الجسم الضعيف وأسهم التكرار فى ترسيخ هذه الأفكار وتأكيد الحالة السلبية التى يعيشها الوطن العربى وعليه كان طبيعيا أن تسود مظاهر نظرية الفوضى التى وصفها البعض بـ«الخلاقة» فى محاولة لتجميل الصورة المشوهة التى تشكل واقعا صادما.

وهكذا آن الآوان لكى يتفق العرب على التعاطى مع هذا الواقع بشكل يعيد صياغته من جديد والانتقال من حالة سلبية إلى حالة إيجابية تغير منه وتوقف مداً تراجعياً يصب فى بئر الانهزامية أصيبت به أمتنا العربية وتقطع الطريق على المتربصين والراغبين فى الإجهاز على العالم العربى، ولاشك أن أى تحريك للم الشمل العربى لابد أن يأتى من أكبر دولتين عربيتين مصر والمملكة العربية السعودية، وبالتالى أى تقارب بينهما هو فى الصالح العربى قبل أن يكون فى صالح الدولتين فقط وعليه جاء الاتفاق على إنشاء مشروع جسر الملك سلمان بين مصر والسعودية.