رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

‏«برلمان المطبلاتية».. النواب يصفقون 23 مرة في 15 دقيقة مدة زيارة «سلمان».. ومراقبون: «تحولوا من نواب إلى هتيفة طمعًا في عطايا المملكة»

جريدة الدستور

«23 تصفيق خلال 15 دقيقة».. كان النهج الذي سار عليه نواب البرلمان، بالأمس، خلال زيارة العاهل ‏السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى مجلس النواب، فلم يعلو صوت خلال الجلسة على صوت ‏التصفيق الحاد والمبالغ فيه من قبل أعضاء المجلس، فلم يكن الملك سلمان يختتم إحدى جمله حتى ‏يتبعها تصفيق حاد.‏

‏23 مرة صفق فيها أعضاء مجلس النواب ، كانت مدتها 4 دقائق مُجمعة من 15 دقيقة هي مدة الزيارة، ‏فكانت أطول مدة صفق فيها الأعضاء للملك هي لحظة دخوله القاعة، واستمرت دقيقة ونصف، كما صفقوا ‏بعدها 5 مرات قبل أن يبدأ رئيس مجلس النواب في كلمته للترحيب بالعاهل السعودي.‏

وتخلل خطاب الملك سلمان 3 مرات تصفيق، وفي خطاب عبدالعال، عندما كان يذكر السعودية أو الملك ‏سلمان، كانت تضج القاعة بالتصفيق، فصفق النواب 15 مرة.‏

كما تخللت زيارة الملك سلمان، لمجلس النواب هتافات وإلقاء للشعر، وقام عضو بالبرلمان وألقى شعرًا ‏وقال فيه:«سلمان مرحى أنت في المواقف شامخًا»، كما هتف أحد النواب قائلاً: «يا سلمان مرحب بيك ‏الشعب كله بيحيك»، وهتف آخر: «عاش الملك سلمان».‏

«نفاق، تطبيل، صورة سيئة، وهتيفة».. على تلك الكلمات الأربعة، اتفق خبراء الشأن السياسي، حول هذه ‏السلوكيات التي قام بها النواب بالأمس، مؤكدين أن النواب صدروا صورة سيئة عن المجلس، الذي مهمته ‏التشريع وليس «التطبيل»، متوقعين أن يوافق بعد هذا الاستقبال على كل اتفاقيات الزيارة بما فيها «ترسيم ‏الحدود»‏.

«غير موفق».. كذا وصف أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تصفيق النواب خلال لقاء ‏الملك سلمان، مؤكدًا أن الأمر كان مُبالغ فيه بدرجة كبيرة، ولا يليق بسلطة تشريعية هدفها مراقبة الزيارة ‏ومناقشة ما ينتج عنها، وليس «التطبيل» للملوك بما لا يخدم مصلحة الشعب.‏

وأوضح أن الترحيب وحسن الاستقبال أمر مطلوب، لكن المبالغة فيه فسرها الكثيرون أنها نوع من التذلل ‏والنفاق للملك؛ من أجل الاستثمارات السعودية التي تم التعويل عليها الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى ‏أنها دلالة على أن ما يهم النواب الممثلين عن الشعب هو الشكل وليس مضمون الزيارة.‏

ولفت إلى أن صورة مصر لا تحتمل تشويهًا أكثر من ذلك، حتى يتم نفاق سلمان بهذه الطريقة العلنية، ‏الذي وضح للعالم أن مجلس النواب المصري، مهمته التصفيق الذي تعدى عدد مراته دقائق كلمة العاهل ‏السعودي نفسها، وليس التشريع.‏

وأضاف، أن البرلمان لا يعرف معنى التشريع، ومنذ بداية جلساته وهو يظهر نفس السلوكيات، حتى بات ‏أدائه ينتقل من سيء إلى أسوء، مشيرًا إلى أن الترحيب بالملوك له تقاليد وبروتوكولات متعارف عليه، ليس ‏من ضمنها المبالغة في التصفيق بشكل يظهر النواب بالمنافقين، لأنه مرتبط بمواقف واعتبارات معينة.‏

جمال أسعد، المحلل السياسي، أوضح أن النائب هو ممثل عن الشعب المصري، والبرلمان واجهة ‏تشريعية، مهمتها رقابية وليس «تطبيلية»، مشيرًا إلى أن النواب لم يراعوا في مثل هذه السلوكيات أنهم ‏ممثلين عن الشعب المصري، وأن وسائل الإعلام العالمية تراقب وتتابع الزيارة عن كثب.‏

ولفت إلى أن التصفيق الزائد كان دلالة على عدم معرفة النواب بقيمة مناصبهم النيابية، ويتصورن أنهم ‏هتيفة ودورهم هو التجميل وفعل كل ما تريده السلطة التنفيذية، موضحًا أن الترحيب به كان أمرًا ‏ضروريًا لكونه ملك دولة شقيقة، ولكن ليس بالمزايدة أو المبالغة.‏

وأضاف، أن ما فعله النواب هو وصمة في تاريخه، لأن الترحيب لا يتدنى لهذا المستوى، الذي وصل إلى ‏حد النفاق الواضح، وأعاد التاريخ إلى الوراء، في عصر الحزب الوطني، الذي كان يمارس كل نفاق ‏للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.‏

وتساءل: "هل الترحيب والتصفيق الزائد يعد دليل أن النواب سيوافقون على كل الاتفاقيات التي تم إبرامها ‏بما فيها ترسيم الحدود"؟.. لافتًا إلى أن هذا الاستقبال يعني أن الأغلبية البرلمانية توافق على كل قرارات ‏الرئيس بلا نقاش.‏

ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، أكد أن النواب مثلوا بهذا التصفيق المبالغ فيه، كأنهم "لوبي" للملكة ‏العربية السعودية داخل السلطة التشريعية، مشيرًا إلى النواب صدورا للعالم صورة أن برلمان مصر به ‏نواب يحملون قدرًا لا بأس به من التفاهة والنفاق من أجل الاستثمارات.‏

وأشار إلى أن تأثير هذه الاستثمارات هو ما دفع النواب لهذه المسرحية الهزلية، التي لا داع لها، وأظهرتهم ‏في شكل المنتظر للعطايا والمنح التي يعطيها الملك لهم، نتيجة نفاقهم الجيد، مشيرًا إلى أن البعض وصف ‏سلمان بـ"ملك الملوك" كأنه آله، تقدم له القرابين.‏

ووصف تصفيق النواب بالسيئ، وما زاده سوءً هو كلمة رئيس المجلس المستشار علي عبدالعال، الذي ‏بالغ بدوره في الترحيب بشكل مُحرج للمجلس أمام العالم، موضحًا أن هذه المبالغة كان مُعدة من قبل، ودليل ‏على ذلك الشعر الذي ألقاه البعض.‏

وأضاف، أن النواب صدروا صورة سيئة عن البرلمان، ومسئول عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس ‏المجلس الذي أدار الجلسة بتلك الصورة.‏