«برلمان المطبلاتية».. النواب يصفقون 23 مرة في 15 دقيقة مدة زيارة «سلمان».. ومراقبون: «تحولوا من نواب إلى هتيفة طمعًا في عطايا المملكة»
«23 تصفيق خلال 15 دقيقة».. كان النهج الذي سار عليه نواب البرلمان، بالأمس، خلال زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى مجلس النواب، فلم يعلو صوت خلال الجلسة على صوت التصفيق الحاد والمبالغ فيه من قبل أعضاء المجلس، فلم يكن الملك سلمان يختتم إحدى جمله حتى يتبعها تصفيق حاد.
23 مرة صفق فيها أعضاء مجلس النواب ، كانت مدتها 4 دقائق مُجمعة من 15 دقيقة هي مدة الزيارة، فكانت أطول مدة صفق فيها الأعضاء للملك هي لحظة دخوله القاعة، واستمرت دقيقة ونصف، كما صفقوا بعدها 5 مرات قبل أن يبدأ رئيس مجلس النواب في كلمته للترحيب بالعاهل السعودي.
وتخلل خطاب الملك سلمان 3 مرات تصفيق، وفي خطاب عبدالعال، عندما كان يذكر السعودية أو الملك سلمان، كانت تضج القاعة بالتصفيق، فصفق النواب 15 مرة.
كما تخللت زيارة الملك سلمان، لمجلس النواب هتافات وإلقاء للشعر، وقام عضو بالبرلمان وألقى شعرًا وقال فيه:«سلمان مرحى أنت في المواقف شامخًا»، كما هتف أحد النواب قائلاً: «يا سلمان مرحب بيك الشعب كله بيحيك»، وهتف آخر: «عاش الملك سلمان».
«نفاق، تطبيل، صورة سيئة، وهتيفة».. على تلك الكلمات الأربعة، اتفق خبراء الشأن السياسي، حول هذه السلوكيات التي قام بها النواب بالأمس، مؤكدين أن النواب صدروا صورة سيئة عن المجلس، الذي مهمته التشريع وليس «التطبيل»، متوقعين أن يوافق بعد هذا الاستقبال على كل اتفاقيات الزيارة بما فيها «ترسيم الحدود».
«غير موفق».. كذا وصف أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تصفيق النواب خلال لقاء الملك سلمان، مؤكدًا أن الأمر كان مُبالغ فيه بدرجة كبيرة، ولا يليق بسلطة تشريعية هدفها مراقبة الزيارة ومناقشة ما ينتج عنها، وليس «التطبيل» للملوك بما لا يخدم مصلحة الشعب.
وأوضح أن الترحيب وحسن الاستقبال أمر مطلوب، لكن المبالغة فيه فسرها الكثيرون أنها نوع من التذلل والنفاق للملك؛ من أجل الاستثمارات السعودية التي تم التعويل عليها الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أنها دلالة على أن ما يهم النواب الممثلين عن الشعب هو الشكل وليس مضمون الزيارة.
ولفت إلى أن صورة مصر لا تحتمل تشويهًا أكثر من ذلك، حتى يتم نفاق سلمان بهذه الطريقة العلنية، الذي وضح للعالم أن مجلس النواب المصري، مهمته التصفيق الذي تعدى عدد مراته دقائق كلمة العاهل السعودي نفسها، وليس التشريع.
وأضاف، أن البرلمان لا يعرف معنى التشريع، ومنذ بداية جلساته وهو يظهر نفس السلوكيات، حتى بات أدائه ينتقل من سيء إلى أسوء، مشيرًا إلى أن الترحيب بالملوك له تقاليد وبروتوكولات متعارف عليه، ليس من ضمنها المبالغة في التصفيق بشكل يظهر النواب بالمنافقين، لأنه مرتبط بمواقف واعتبارات معينة.
جمال أسعد، المحلل السياسي، أوضح أن النائب هو ممثل عن الشعب المصري، والبرلمان واجهة تشريعية، مهمتها رقابية وليس «تطبيلية»، مشيرًا إلى أن النواب لم يراعوا في مثل هذه السلوكيات أنهم ممثلين عن الشعب المصري، وأن وسائل الإعلام العالمية تراقب وتتابع الزيارة عن كثب.
ولفت إلى أن التصفيق الزائد كان دلالة على عدم معرفة النواب بقيمة مناصبهم النيابية، ويتصورن أنهم هتيفة ودورهم هو التجميل وفعل كل ما تريده السلطة التنفيذية، موضحًا أن الترحيب به كان أمرًا ضروريًا لكونه ملك دولة شقيقة، ولكن ليس بالمزايدة أو المبالغة.
وأضاف، أن ما فعله النواب هو وصمة في تاريخه، لأن الترحيب لا يتدنى لهذا المستوى، الذي وصل إلى حد النفاق الواضح، وأعاد التاريخ إلى الوراء، في عصر الحزب الوطني، الذي كان يمارس كل نفاق للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وتساءل: "هل الترحيب والتصفيق الزائد يعد دليل أن النواب سيوافقون على كل الاتفاقيات التي تم إبرامها بما فيها ترسيم الحدود"؟.. لافتًا إلى أن هذا الاستقبال يعني أن الأغلبية البرلمانية توافق على كل قرارات الرئيس بلا نقاش.
ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، أكد أن النواب مثلوا بهذا التصفيق المبالغ فيه، كأنهم "لوبي" للملكة العربية السعودية داخل السلطة التشريعية، مشيرًا إلى النواب صدورا للعالم صورة أن برلمان مصر به نواب يحملون قدرًا لا بأس به من التفاهة والنفاق من أجل الاستثمارات.
وأشار إلى أن تأثير هذه الاستثمارات هو ما دفع النواب لهذه المسرحية الهزلية، التي لا داع لها، وأظهرتهم في شكل المنتظر للعطايا والمنح التي يعطيها الملك لهم، نتيجة نفاقهم الجيد، مشيرًا إلى أن البعض وصف سلمان بـ"ملك الملوك" كأنه آله، تقدم له القرابين.
ووصف تصفيق النواب بالسيئ، وما زاده سوءً هو كلمة رئيس المجلس المستشار علي عبدالعال، الذي بالغ بدوره في الترحيب بشكل مُحرج للمجلس أمام العالم، موضحًا أن هذه المبالغة كان مُعدة من قبل، ودليل على ذلك الشعر الذي ألقاه البعض.
وأضاف، أن النواب صدروا صورة سيئة عن البرلمان، ومسئول عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس المجلس الذي أدار الجلسة بتلك الصورة.