رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أزمة ريجيني» تضع السياحة والاستثمارات الإيطالية في مهب الريح.. هل تضغط روما على القاهرة بورقة الاقتصاد.. ومراقبون يتخوفون من امتداد الأمر لدول الاتحاد الأوروبي

جريدة الدستور

سلسلة من الانتكاسات المتلاحقة شهدتها العلاقات الدبلوماسية بين روما والقاهرة، على خلفية مقتل الطالب الإيطالي جونيور ريجيني بمصر، كانت آخر حلقاتها ما أعلنته الخارجية الإيطالية، أمس، باستدعاء سفيرها لدى القاهرة، ماوريتسيو ماساري.

قرار الخارجية الإيطالية جاء عقب إعلان السلطات القضائية الإيطالية قطع تعاونها مع فريق التحقيق القضائي الأمني المصري المتواجد في العاصمة روما بشأن مقتل جوليو ريجيني، حيث حذر وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني عشية وصول الوفد المصري إلى روما، من أنه "إنْ لم يكن هناك أي تغير في أسلوب التعاون الذي عرضته مصر بالتحقيق في قضية مقتل ريجيني"، فإن "حكومتنا مستعدة للرد بتدابير فورية ملائمة"، مع "إبلاغ البرلمان بالأمر على وجه السرعة".

تحذيرات وزير الخارجية الإيطالي أثارت تكهنات عدة حول مستقبل العلاقات المصرية - الإيطالية لاسيما علي صعيد العلاقات الاقتصادية و التجارية بين البلدين.

وتشير التقديرات الرسمية الي أن حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة بين شهري يناير و أكتوبر قد بلغت 30 مليارا و 842 مليونا و 592 ألف جنيه، منهم 10 مليارات جنيه و196 مليونا و497 ألف جنيه صادرات، و20 مليارا و646 مليونا و95 ألف جنيه واردات، وذلك من إجمالي حجم التبادل التجاري مع دول غرب أوروبا و الذي يصل إلي 166 مليارا و498 مليونا و300 ألف جنيه.

وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء عن تراجع حجم الصادرات المصرية الي إيطاليا خلال الفترة بين شهري يناير و أكتوبر عام 2015 إلي 10 مليارات و196 مليونا و497 ألف جنيه، مقابل 16 مليارا و36 مليونا و641 ألف جنيه عام 2014، إلي خلال الفترة ذاتها من عام 2015 بتراجع بلغت قيمته 5 مليارات و840 مليونا و144 ألف جنيه.

وأشار الجهاز إلي أن إيطاليا تأتي في المرتبة الثالثة بقائمة أكبر خمس دول تستقبل الصادرات المصرية، وجاء الوقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطريها في المرتبة الأولي بين الصادرات المصرية بـ 4 مليارات و64 مليونا و496 ألف جنيه، وألمونيوم ومصنوعاته بمليار و598 مليونا و815 ألف جنيه، و756 مليونا و636 ألف جنيه للقطن، و451 مليونا و376 ألف جنيه لدائن ومصنوعاتها، و204 ملايين و562 ألف جنيه للأسمدة.

دكتورة عاليا المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا، أكدت أن إيطاليا تعد من الدول ذات الأهمية لدي مصر، نظرا لارتفاع حجم المعاملات التجارية بين البلدين نسبيًا عن مختلف دول الاتحاد الأوروبي حيث تأتي في مرتبة متقدمة بينهم.

وأشارت إلى أن أي تأثر سلبي للحادث علي الجانب الاقتصادي بين البلدين سينعكس أيضا بالسلب علي دول الإتحاد الأوروبي ككل و ليسن ايطاليا فحسب، مضيفه أن مدي تأثير الحادث علي العلاقات الاقتصادية يتوقف علي قناعة الجانب الإيطالي بسير التحقيقات وطريقة تعاطيه مع الأزمة.

وقال الدكتور ماهر هاشم الخبير الاقتصادي، إن الحادث في حد ذاته أخذ بعدا كبيرا يفوق حجمه الطبيعي سببها كان غموض وضبابية الحادثة وعدم الشفافية التي استغلتها عناصر معادية للوطن لتفجير أزمات أخري، لأن هناك دولا كبرى تحاول أن تفسد العلاقات المصرية الإيطالية والإقليمية والدولية، مخطط يجب أن نعي له ولا نعطي الفرصة لتحقيقه.

وأضاف أن إيطاليا تعد من أهم الدول بأوروبا لمصر حيث أنها الأقرب، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 6 مليارات دولار العام الماضي حسب التصريحات الرسمية، إضافة الي استثمارات واعدة بدأت تخترق السوق المصري قوامها 50 شركة تأتي في مقدمتها شركة إيني العاملة في مجال التنقيب عن الغاز الطبيعي والتي تعمل برأسمال 1.4 مليار دولار.

واستبعد هاشم أن تلجأ إيطاليا الي الضغط علي مصر بسلاح التبادل التجاري، مؤكدًا أن ايطاليا تعتبر مصر شريكا تجاريا رئيسا لها في المنطقة العربية، فالاقتصاد يجر السياسة وليس العكس ، والأزمة مجرد ورقة ضغط طبيعة تحاول بعض الدول الأوروبية استخدامها استغلالًا لنقص الشفافية في التعامل مع الأزمة.

كما استبعد أن تؤثر الأزمة علي الجانب الاقتصادي لاسيما وأن العلاقات التجارية بين البلدين تقوم علي أساس الشراكة المشتركة ولا تعتمد علي الاستثمار الثابت.

وأكد أن الكرة صارت في ملعب الحكومة المصرية التي يقع علي عاتقها مهمة مصارحة الجانب الإيطالي بالحقائق بكل شفافية ومصداقية، حتى وإن ثبت تورط أحد أجهزة الدولة في الحادث، لكي يتم تجاوز الأزمة بسلاسة، بينما في حال استمرار حالة التضارب في المعلومات و الضبابية جعل الفرصة سانحة أمام الأبواق الإعلامية المغرضة للوقيعة بين البلدين.