رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأسرى المصريون.. من يثأر لهم؟


مرة أخرى.. نتذكرهم.. وكنا قد تناسيناهم.. أتدرون من هم: إنهم فلذات أكبادنا.. من تقدموا الصفوف فداء للوطن والذود عن العرض والكرامة. الأسرى المصريون أو الشهداء على روايتين أسماؤهم محفورة بحروف من نور فى سجلات التاريخ.

وأخيراً اعترف المجرمون بجرمهم بل وجريمتهم التى لا تسقط بالتقادم.. وجاء إقرارهم عبر أثير قناتهم الأولى.. فقد كشفوا عن ندالتهم وجبنهم وخستهم.. عندما قام رهط من حثالتهم يسمونهم بالجنود ونعرفهم جميعاً بالمرتزقة.. قاموا بقيادة غير المأسوف عليه بنيامين بن اليعازر فقتلوا مع سبق الإصرار والترصد وفى حالة من الاستقرار والاستمرار والهدوء وبدم بارد 250 جندياً وان شئت قل بطلاً مصرياً بعد أن جردوهم من ملابسهم وسلاحهم وما يحملون من عتاد.

الجريمة قاسية.. والجناة مازالوا أحياء يرزقون. قتلوهم كما قالوا : ودافعهم الحقد والانتقام. الجريمة التى ارتكبت فى حق الأسرى المصريين يجب ألا تمر علينا مرور الكرام. فهى مريرة.. وتزداد مرارتها إذا تقاعسنا وتخاذلنا عن محاكمة قاتليهم والثأر لهم. الأسرى المصريون ماتوا مرات مع أن الموت واحد والأجل واحد.

داسوهم بالدبابات يالها من خسة وياله من عار. قتلوهم فرادى وجماعات بالمخالفة لكل القوانين والشرائع السماوية والوضعية.. إنها أخلاقهم الدميمة وهذا عهدهم مع أنفسهم ومع الآخرين. وقد عرفوا بنقضهم العهود والمواثيق وعلى مر التاريخ.

الأسرى المصريون أنا وأنت نعرفهم. ولم لا.. وقد ارتوينا جميعاً بماء واحد وعشنا معاً الأتراح والأفراح.. وتمتد معرفتنا بهم إلى أسمائهم وشخوصهم فهم محمد ورفعت وصليب وعثمان.. أحملق فى عيونهم فأراهم عازمين جميعاً على الشهادة.. فقد أدركوا أن الموت هو نهايتنا جميعاً.. ومن الشرف أن نلقاه ونحن مرفوعو الرأس والهامة. الأوغاد أمروهم بالانكفاء على الأرض والسجود فى أماكنهم.. فكانت تسبيحا تهم زلزالاً ارتعدت من سماعه أركان قادتهم فى تل أبيب. طلبوا منهم رفع أيديهم فوق الرءوس فكانت إلى السماء سباقة تناشده وهو الرحيم أن يحميهم من بطش الأوغاد البغاة المعتدين.. كانوا جوعى وعطشى فنذروا جميعاً صياماً بل هو صيام الوصال.. فالله وحده كان يطعمهم ويسقيهم.من بينهم جاء صوته عالياً.. إنه محمد لقد تركت خلفى زوجة وأولاداً.. أما زوجتى فلها رب يحميها. ولأولادى فى أعناقكم دين ولهم حقوق من بديهياتها التربية والرعاية. وبالجندية لا تحرموهم.. فالمعركة حتماً قادمة والثأر آت لا محالة.. والحقوق لا تضيع.وأما عن دمائنا فمن العار أن تذهب سدى؟

أما صليب الذى كان قاب قوسين أوأدنى من دخول عش الزوجية فقد دعانا جميعاً مسلمين وأقباطاً للصلاة عليه والدعاء على من ظلمه.. وأما عن رفعت فقد ترك خطيبته وحيدة فريدة تلاطمها الأمواج ونوائب الدهر.. وقد أوصاها أن ترسم طريقها بنفسها.وأن تدعو له ولإخوانه بالرحمة والمغفرة. ومن هناك هتف عثمان مناشداً والديه وقد بلغا من الكبر عتياً.. طالبهم أن يمتثلا لأمر الله وبدورهما قالا: إن العين لتدمع والقلب ليحزن وإنا لفراقك يا عثمان لمحزونون. الشهداء جميعاً وعلى قلب رجل واحد........استصرخونا أن نظل على العهد والمبدأ قابضين وألا نفرط فى حقوقهم.. فهل وجدت دعوتهم فى قلوبنا صدى ؟ بالطبع لا.وحتى تعود الحقوق لأصحابها.. ويحاكم المجرمون على ما اقترفوه .فنحن جميعاً حكاماً ومحكومين متواطئن ومدانون.. تارة بالصمت وأخرى بالانسلاخ والانزواء عن قضية الأسرى.

وصدق الله تعالى حيث يقول «ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون».صدق الله العظيم.