رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لله وللوطن وللتاريخ.. وليس لسعد الجيوشى


منتهى الإهانة تلك الطريقة التى يتم بها اختيار وإعفاء الوزراء من مناصبهم وتدل على ارتباك وسوء إدارة للمشهد فما بين النفى والتأكيد عن إجراء تعديل وزارى تترك الأمور لوسائل الإعلام يومياً تشكل الحكومة...

... قمة المهانة للوزير الراحل والقادم وللوزير الذى سوف يرحل والذى سوف يأتى وللحكومة بل لمصر كلها وأنا أتعجب من دولة تسعى للبناء وتغيير حكومتها كل ستة أشهر، ولهذا كانت الاعتذارات كثيرة وأصبح من يتولى المناصب أنصاف وأرباع المواهب أما الكفاءات فإنها تفضل لنفسها الابتعاد عن هذا المشهد المهين والذى تدفع البلد فاتورته بمزيد من الديون والقروض وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه.

هل منطقى أن يأتى إلينا مستثمرون يتفاوضون كل ستة أشهر مع وزير مختلف بفكر ورؤية مختلفة، لو أن الدولة لديها رؤية ثابتة طويلة المدى غير مرتبطة بشخص الوزير كنا تقبلنا هذا الوضع لأن الشخص هنا غير مؤثر فى المعادلة لأنه سوف ينفذ فقط الرؤية الموجود ولكن ولأننا بلا خطة فالوزير مطلوب منه التخطيط والتفكير والتنفيذ وبالتالى نبدأ كل مرة من تحت نقطة الصفر، وهنا أسجل شهادة أمام الله والوطن والتاريخ عن رجل عملت معه لمدة ستة أشهر كان يحقق كل ساعة إنجازاً فى وزارته إنجازاً فى استبعاد مسئول فاسد أو فاشل أو مقصر فى عمله أو يسىء معاملة المواطنين إنجازاً يتحقق فى اتخاذ قرارات لم يجرؤ أى وزير سابق على اتخاذها مثل إلغاء الميدالية المجانية للسفر فى السكة الحديد والتى كانت تمنح إلى من لا يستحقها من علية القوم وتكلف الدولة 500 مليون جنية سنوياً من دماء الفقراء.

إنه د. سعد الجيوشى، وزير النقل السابق، النموذج للمسئول الوطنى المحترم العاشق لتراب مصر والذى يعلى من مصلحة بلده على مصلحته الشخصية صاحب قرار ولا يخشى فى الحق لومة لائم قد يتهاون فى حقه ولكنه لا يفرط فى حق بلده ويسعى إلى أى فكرة للتطوير حتى لو كانت لدى المختلفين معه هو مثال لما يجب أن يكون عليه المسئولون لو توافر أمثاله فى كل المؤسسات أقسم بالله شهوراً وليست سنين وتضع مصر أقدامها على طريق التقدم والرخاء، لقد رأيت سعد الجيوشى يحترق يومياً من أجل هذا الوطن يبدأ يومه من السابعة صباحاً حتى منتصف الليل ما بين جولات ميدانية واجتماعات رفض كل دعوات العشاء والاحتفالات والاستقبالات من أجل التواجد مع عمال الورش فى السكة الحديد ومترو الأنفاق وتفقد الطرق والكبارى وعلى مدار 180 يوماً تولى فيها المسئولية تحقق فى وزارة النقل ما لم يتحقق فى تاريخها، لم تطأ قدماه أى دولة أخرى سوى بريطانيا لاستعادة مقعد مصر فى المنظمة البحرية الدولية ونقل تجربتها فى النقل الحضرى.

الجيوشى وضع نموذجاً لكيفية إدارة الدولة ولأول فى تاريخ مصر أن يكون هناك تفكير خارج الصندوق والاستعانة بخبراء متطوعين يضعون رؤية وخطة للوزارة على مدى 14 سنة حتى تكون هناك رؤية الدولة غير مرتبطة بشخص الوزير.

اختار الطريق الصعب للبناء بالاستثمار والتصنيع المحلى بعيداً عن القروض والاستيراد حتى لا تغرق الدولة فى الديون وحتى بعد إبلاغه بقرار استبعاده تفاوض مع السفير الكندى فى القاهرة لتحويل قطار المونوريل من قروض إلى استثمار ونجح فى ذلك.

ولأننى رأيت فيه نموذجاً وطنياً محترماً وكنت مؤمناً بما يقوم به رغم إرهاقى الشديد معه ولكن إيمانى العميق أننى كنت أقدم شيئاً مفيداً لبلدى تحملت الكثير ثم استقلت من عملى بعد إعفائه من منصبه اللهم احفظ مصر.