رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من المبادرة إلى المثابرة !! « 1- 2»


بحمد الله وتوفيقه فاقت ردود أفعال مبادرة إنقاذ الإعلام المصرى كل التوقعات وتحولت من مجرد مناقشات فكرية عن حال الإعلام المصرى الذى وصل إلى مستوى من عدم المسئولية والإسفاف والاستهتار تم تداولها مع الأصدقاء والزملاء الإعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعى إلى فكرة أينعت فى الذهن عندما طلب منى الصديق العزيز اللواء محمود متولى- مؤسس الصالون البحرى المصرى- إلقاء محاضرة عن «الإعلام بين الواقع والمأمول» لأعضاء الصالون وتناقشت مع الصديق الصحفى سيد زهيرى فى إمكانية تحويل الفكرة إلى مبادرة من خلال موقع أحوال مصر الإلكترونى الذى يرأس تحريره وأعلنت المبادرة فى الصالون خلال المحاضرة التى شاركنى فيها اللواء طارق مهدى الذى كان مشرفا على اتحاد الإذاعة والتليفزيون بعد ثورة يناير واقتربت من فكره خلال عملى رئيسا لقطاع الأخبار فى ذلك الوقت الصعب الذى كانت تمر به مصر وعندما كنت فى الصالون الآخر الداعم للمبادرة وصاحبه الصديق الشاعر الكبير د. أحمد تيمور اقترح إطلاق المبادرة فى أمسيته الشعرية بساقية الصاوى بعد إلقائه قصيدة عن حال الإعلام وبالفعل ووسط حضور كوكبة من مثقفى وإعلامى وفنانى مصر قمت بقراءة البيان التأسيسى لمبادرة إنقاذ الإعلام المصرى الذى أوضح أهدافها والآليات المقترحة لتنفيذ هذه الأهداف التى يمكن القول إنها حركت الماء الراكد، والحقيقة أن استخدام كلمة « إنقاذ» كان صادما للبعض لكنه كان مقصودا، فمازال لدينا الوقت للأخذ بيد الإعلام من مستنقع «التفاهة والسفاهة» كما قال شاعرنا الكبير د. تيمور فى قصيدته التى كشفت بأبياتها الصادرة من قلب وطنى يعشق تراب مصر عورة إعلام مريض فى النزع الأخير، وتلك الحقيقة المرة التى آن الأوان للتعامل معها بعقل واعٍ إذا أردنا العبور بالوطن إلى بر الأمان وكفانا صمتا إزاء إعلام يئن من جراحه نحن من نطلق على أنفسنا النخبة المثقفة ونستغرق الوقت والفكر والجهد فى حوارات بيزنطية نقلب فيها الدنيا ولا نقعدها عن قضايا تدخلنا فى دوائر مفرغة ولا تزيد الأمر إلا سوءا، ومن هنا كان من الضرورى أن نفكر بهدوء فى إنشاء ما يمكن تسميته مستودعا فكريا أو THINK TANK وهو وسيلة تعين صانع القرار على الاختيار بين البدائل المختلفة لحل المشكلات أو الأزمات وموجودة فى كثير من دول العالم المتقدم، وقلت لنفسى لماذا لا تنفذ هذه الفكرة فى مجال الإعلام الذى يعانى أزمة حقيقية ناجمة عن غياب آليات تنظيمه وترتب عليه فوضى وانفلات غير مسبوقين، ما أدى إلى تفشى نوع من الأمية أسميتها «الأمية الإعلامية» سواء عند المتلقى بسبب عملية ممنهجة لتجربف وعيه أظهرتها ثورة 25 يناير لكن كانت تتم منذ أكثر من ثلاثين عاماً قبلها، بعبارة أخرى فقد الإعلام دوره التنويرى وانجرف إلى مسارات تحكمها اعتبارات أخرى لم يكن فيها بناء العقل الجمعى وتشكيل الرأى العام وكذلك يعانى صانع وناقل الرسالة الإعلامية هو الآخر من أمية إعلامية نتيجة غياب القيم الأخلاقية والمعايير المهنية، وأهم القيم- من وجهة نظرى- المحاسبة الذاتية، الأمر الذى أدى إلى عدم اتساق الخطاب الإعلامى مع هوية المجتمع وللحديث بقية يوم الثلاثاء المقبل.