رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهواء مسئولية


أتحدث اليوم عن قضيتين فى غاية الخطورة تتعلقان بالإعلام المصرى وحالة الفوضى السائدة التى أصبحت تضر ليس فقط بالعقل الجمعى المصرى ولكن أيضا بالأمن القومى وبصورة مصر فى ذهنية الآخر لأنه عندما يصبح دور الإعلام معول هدم ولا يتعامل إلا من منظور سوداوى ضاربا عرض الحائظ بكل المعايير الأخلاقية والمهنية لابد هنا من وقفة حاسمة ليس فقط من الدولة ولكن من كل الجماعة الإعلامية. القضية الأولى تتعلق بمسئولية الهواء ووظيفة مقدم البرامج أو المذيع، فقد شاهدت على أحد مواقع التواصل الاجتماعى فيديو لمذيعة للأسف الشديد تعمل فى إحدى قنوات تليفزيون الدولة «قناة القاهرة» وتخلط بين وظيفتها محاورة أو مقدمة برامج وبين وظيفة أخرى هى الناشط السياسى، التى أصبحت إحدى سمات إعلام مصر الوطنى سواء كان عاما أو خاصا من منطلق مظلة الحرية الإعلامية وحرية التعبير.هذه المذيعة هاجمت بشكل متعمد الرئيس عبد الفتاح السيسى ووصفته بصفات تضعها تحت طائلة القانون وليس فقط المحاسبة المهنية والإدارية لأنها استخدمت خطابا مرسلا لا يستند إلى معلومات موثقة وكان معها – على الهواء – ضيفا لم يستطع ردها ولم تترك له فرصة لكى يقول جملة مفيدة، وأتصور أن هذه المذيعة التى لا أعرف اسمها يجب أن يرسلها الأخ د.هانى جعفر- رئيس قطاع القنوات الإقليمية- إلى دورة فى مركز تدريب متخصص لكى تتعلم من جديد قواعد الحوار التليفزيونى وهى فى عجالة شديدة التوازن فى عرض الموضوع والدقة فى سرد المعلومات ومراعاة المصلحة العامة، وأن يكون محامى الغائب إذا غاب الرأى الآخر ويتعلم المذيع أن يكون وسيطا وليس طرفا فى الحوار ويستخدم مصطلحات واضحة غير قابلة للتأويل، وأتساءل: أليس للبرنامج سكريبت أو نصا يقوم بإعداده وكتابته معد متخصص ويلتزم به مقدم البرنامج، فإذا كان هذا من عنديات المذيعة فإنه خطأ مطلوب أن تحاسب عليه مهنيا وإداريا، أما إذا كان هذا موجودا فى نص لأن مكتوب معد سلفا فإننا أمام كارثة يا سادة فالكلمة كالرصاصة إذا أطلقت لا تعود.وربما هذا ما دفع الرئيس السيسى إلى أن يخص قناة خاصة غير مصرية ومشفرة يعنى ليست موجهة لعامة الناس بالحديث إليها حتى لو كان من خلال مداخلة هاتفية وهذه هى القضية الثانية، لقد قلت الأسبوع الماضى فى حوار مع إحدى القنوات الفضائية إن الرئيس «زعلان» من الإعلام خاصة أن الصورة تصل إليه فيها قدر كبير من الضبابية، والإشكالية هنا لماذا نظهر الرئيس بأقل مما يجب أن يظهر عليه؟ منذ عهد جمال عبد الناصر مرورا بأنور السادات وحسنى مبارك كان الناقل الرسمى لأحاديث الرئاسة هو إذاعة وتليفزيون الدولة وينقل عنه الآخرون، حتى جاء حكم الإخوان فاخترعوا فكرة وجود تليفزيون موازٍ بمؤسسة الرئاسة وعندهم حق لأنهم لا يثقون فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون بكل قطاعاته الذى كان يديره إعلاميون ليسوا من الإخوان كما لجأوا إلى قنوات أخرى مثل «الجزيرة» و«مصر 25».وبعد سقوط حكم الإخوان للأسف عدم الثقة فى إعلام الدولة فيما يتعلق بالنقل الحصرى لأنشطة مؤسسة الرئاسة ظل موجودا لدى من يتخذ القرار فى هذا الشأن، وأعتقد أنه ليس الرئيس السيسى طبعا، لأن هناك مستشارين فى إدارة أنشطة الرئيس إعلاميا!!