رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المعلم فى زمن «ثورة الملوخية»


يبدو أن مشاكل المؤسسة التعليمية وتداول أخبارها فى وسائل الإعلام حكاية قديمة حتى فى زمن المؤسسة التعليمية المتميزة الناجحة والجاذبة لطلابها، نذكر منها ما جاء فى مقال افتتاحى للضاحك الباكى الشهير فكرى أباظة المحامى- رئيس تحرير مجلة المصور- فى عددها رقم 59 منذ أكثر من 70 سنة...

... يتحدث عن تقديم الوجبات الغذائية فى المدارس ويعرب عن انزعاجه لنشر جريدة الأهرام خبراً فحواه أن الدكتور على بك يحيى كبير أطباء وزارة المعارف تفقد أحوال المدارس فيما يختص بالطعام، فوجد أن الأوانى نحاسية قابلة للصدأ وأن أمرها يهمل فى كثير من الأحيان، وأن الطلبة يصرفون من جيبهم الخاص لشراء المأكولات وأن الدكتور يضع الآن الترتيبات لتلافى كل ضرر، وسد كل نقص!! ويقول الكاتب ساخراً كعهده مع القارئ معقباً على الخبر إنه يعد بحق موضوعاً خطيراً يتجاوز فى أهميته تصريح 28 فبراير، وانعقاد البرلمان وصيانة الدستور.. ويستطرد: ولم لا .. أليس الطلبة الأعزاء هم رجال المستقبل، وصحتهم هى أعز شىء فى الدولة؟

ويذكر الضاحك الباكى القارئ بطرافته المعهودة حكاية «ثورة الملوخية» فيقول « ولئن نسيت فلن أنسى ما حييت مظاهرة هائلة قام بها الطلاب فى مدرسة السعيدية بمناسبة الملوخية الخضراء» .. ومعلوم علم اليقين أن الملوخية الخضراء الجديدة تستلزم «عيشاً» أكثر من العادة ولكن مقرر الطالب رغيف واحد .. ولنا أن نتصور إلى أى حد مؤثر كان مشهد حسرة الطلاب وهم يعيدون أطباق الملوخية العزيزة ولايزال بها ما بها من ملوخية.. فقامت الثورة.. وتأثر بالفعل بوقائع المشهد ناظر المدرسة الكريم فأمر بصرف المزيد من « العيش» لكل طالب وانتهت الثورة بسلام.. لقد كانت المؤسسة التعليمية فى زمن ثورة الملوخية الخضراء تعمل بكفاءة وجودة رائعة، وكان لدينا النظم التعليمية عالية المستوى التى تتكامل فيها الخدمات والرعاية للأبناء، فكنا نفاخر بمخرجات تلك المؤسسات، أما عن حال المدرسة والأساتذة والتلاميذ فى زماننا السعيد، فسأترك القارئ مع هذه المجموعة من مانشيتات الصفحات الأولى والتعليمية، بل وصفحات الحوادث التى تشير بالفعل إلى خطورة ما يحدث فى مؤسساتنا التعليمية فى السنوات الأخيرة .. ولى أمر تلميذة بالفيوم يطعن مدرساً بمطواة فى وجهه!.. العثور على جثة تلميذة بمدرسة بسمالوط!.. حدث فى مدرسة حكومية : خلع ملابس الطالبات للتفتيش عن 10 جنيهات!.. استمرار مهازل التربية والتعليم: ولى أمر يقتحم المدرسة ويضرب الناظر بالسكين!.. الفراش.. ضرب الموجه!.. لرسوب ابنهما فى امتحان نصف العام: أمين شرطة وزوجته يلقنان المدرسة علقة ساخنة!.. فصل 6 طلاب اعتدوا بالسيوف على مدرس!.. فصل 6 طلاب فى بورسعيد ضربوا مدرساً وصعقوا زملاءهم « بالكهرباء»!.. 1722 محضراً خلال عام واحد : المعلمون .. رسل على أعتاب السجون!!.. معلمو مصر يحلمون بـ 3 آلاف جنيه .. ومعلمو أمريكا يطالبون بــ 9 آلاف دولار!! هل تعلم عزيزى القارئ أن واحدة من جرائدنا قد نشرت فى نهايات العام الماضى أن طلاب مدرسة إعدادية فى مدينة برج العرب، قد قاموا بتصميم وتحرير مجلة أطلقوا عليها «الفضائح»، واعتادوا أن يلقوها ليلاً من فوق سور مدرستهم ليعبروا عن غضبهم واحتجاجهم على أفعال فضائحية لأساتذتهم تنوعت أشكالها، ولا تعليق لدى إلا أن نحلم بعودة زمن «الضاحك الباكى» حتى نعيش أحداث «ثورة الملوخية» والمعالجة الطبيعية البسيطة لمواجهتها دون تهوين أو تهويل للأزمة.. أناشد وزيرنا الجديد، وحتى لا نشهد ثورة أطفال «كى جى 1» الذهاب بسرعة لإصلاح الخطاب التربوى بعيداً عن عصا « الميس المفترية».