رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السلام والاستقرار.. أو الدمار

قضايا أساسية عديدة، فى مقدمتها العدوان الإسرائيلى المتواصل على قطاع غزة، تناولها «إعلان البحرين»، أو البيان الختامى للدورة الثالثة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، التى استضافتها المنامة، أمس الأول الخميس. ومع تنديدهم بالعدوان، وتشديدهم على ضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار، أدان القادة العرب، كذلك، سيطرة القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطينى من معبر رفح، وجددوا رفضهم القاطع كل محاولات تهجير الفلسطينيين داخل أرضهم أو إلى خارجها.

أمام القادة العرب، أكدت مصر، بلسان رئيسها، أنها ستظل على موقفها الثابت، فعلًا وقولًا، برفض تصفية القضية الفلسطينية، ورفض تهجير الفلسطينيين، أو نزوحهم قسريًا، أو من خلال خلق الظروف، التى تجعل الحياة فى قطاع غزة مستحيلة، بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها. كما شدّد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أن مصير المنطقة ومقدرات شعوبها أهم وأكبر من أن يُمسِك بها دعاة الحروب والمعارك الصِفرية، لافتًا إلى أن التى أضاءت شعلة السلام فى المنطقة، عندما كان الظلام حالكًا، وتحملت فى سبيل ذلك أثمانًا غالية، وأعباءً ثقيلة، لا تزال، رغم الصورة القاتمة حاليًا، متمسكة بالأمل فى غلبة أصوات العقل والعدل والحق، لإنقاذ المنطقة من الغرق فى بحار لا تنتهى من الحروب والدماء.

واهمٌ، قطعًا، من يتصور أن الحلول الأمنية والعسكرية قادرة على تأمين المصالح أو تحقيق الأمن. ومخطئ، بكل تأكيد، من يظن أن سياسة حافة الهاوية يمكن أن تُجدى نفعًا أو تحقق مكسبًا. وعليه، نرى، كما رأى الرئيس أن هذه اللحظة الفارقة، تفرض على «جميع الأطراف المعنية» الاختيار بين مسارين: مسار السلام والاستقرار والأمل أو مسار الفوضى والدمار، الذى يدفع إليه التصعيد العسكرى المتواصل فى قطاع غزة. كما نرى، ومعنا كل عقلاء العالم، أن الأجيال الفلسطينية والإسرائيلية المقبلة، تستحق منطقة يتحقق فيها العدل ويعمها السلام ويسودها الأمن، وتسمو فيها آمال المستقبل فوق آلام الماضى.

القضية الفلسطينية، تاريخيًا وستظل، هى قضية العرب المركزية، منذ أن اجتمع، فى مصر، قادة الدول العربية السبع المؤسسة لجامعة الدول العربية، فى مثل هذا الشهر، منذ ٧٨ سنة. غير أننا، طوال تلك السنوات، لم نجد الإرادة السياسية الدولية الحقيقية الراغبة فى إنهاء الاحتلال، ووقف الجرائم والممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى الشقيق، التى بلغت ذروتها خلال العدوان الجارى، أو تلك الحرب، التى قال الرئيس، فى كلمته، إن التاريخ سيتوقف طويلًا أمامها، ليسجل مأساة كبرى عنوانها الإمعان فى القتل والانتقام، وحصار شعب كامل وتجويعه وترويعه، وتشريد أبنائه، والسعى إلى تهجيرهم قسريًا، واستيطان أراضيهم، وسط عجز مؤسف من المجتمع الدولى، بقواه الفاعلة ومؤسساته الأممية.

مصر المحكوم عليها بالعروبة والزعامة، والمقدّر لها أن تكون رأس العالم العربى وقلبه وضابط إيقاعه، بوصف جمال حمدان، قالت، بلسان رئيسها، للمجتمع الدولى وجميع الأطراف الفاعلة والمعنية، «إن ثقة جميع شعوب العالم فى عدالة النظام الدولى تتعرض لاختبار لا مثيل له»، لافتة إلى أن «تبعات ذلك ستكون كبيرة على السلم والأمن والاستقرار»، مشددة على أن «العدل لا يجب أن يتجزأ»، وأن «حياة أبناء الشعب الفلسطينى لا تقل أهمية عن حياة أى شعب آخر». وبوضوح أكثر، أكد الرئيس السيسى أن هذا الوضع الحرج لا يترك لنا مجالًا إلا لأن نضع أيدينا معًا، لننقذ المستقبل قبل فوات الأوان، ولنضع حدًا فوريًا لهذه الحرب المدمرة ضد الفلسطينيين، الذين يستحقون الحصول على حقوقهم المشروعة فى إقامة دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

.. أخيرًا، ولو استبعدنا «سكة اللى يروح ما يرجعش»، التى حذّر عقلاء فى تل أبيب «الحمقى الخمسة»، الذين يقودون دولة الاحتلال، من عواقب السير فيها، كما أوضحنا، أمس، نرى أن الولايات المتحدة، وأداتها فى المنطقة، بات عليهما الاختيار بين سكة السلامة أو سكة الندامة، أو بين المسارين، اللذين حددهما الرئيس السيسى: مسار السلام والأمل والاستقرار، أو مسار الفوضى والخراب والدمار.