الكنيسة المارونية في مصر تحتفل بذكرى شهداء أفسس السبعة
تحتفل الكنيسة المارونية في مصر بذكرى شهداء أفسس السبعة، والذين استشهدوا في أيام داكيوس سنة 250م أثار الاضطهاد ضد المسحيين، وقد زار أفسس وطلب من أشرافها أن يقدموا الذبائح للأوثان، مستخدمًا كل وسائل العنف، فتحولت المدينة كلها إلى حالة من الرعب. وشى البعض لديه بأن جماعة من الشبان في القصر لا يطيعون أمره، هم مكسيمليانوس - يمليخا - مرتيلوس - ديونيسيوس - يؤانس - سرافيون - قسطنطينوس - أنطونيوس.
أحضرهم الإمبراطور وسألهم أن يذبحوا للأوثان وإذ رفضوا جردهم من رتبهم وأعطاهم فرصة للتفكير. قام الشبان بتوزيع أموالهم على الفقراء، وانطلقوا سرًا إلى كهف كبير في جبل أنجيلوس Ochlon يمارسون العبادة. عند عودة الامبراطور، إذ ترك المدينة إلى حين، أمر أن يُسد باب الكهف بحجارة ليصير لهم قبرًا وهم أحياء.
وإذ كان أنتودورس وآوبوس وكيلا الملك مسيحيين مؤمنين سرًا، تشاورا معًا، وكتبا إيمان هؤلاء الشبان على صحائف توضع داخل صندوق نحاس يُختم ويترك عند مدخل الكهف إكرامًا لأجساد القديسين. في أيام ملك ثيؤدوسيوس الصغير سنة 408م، ظهرت بدعة تنكر قيامة الأجساد، اضطرب الملك نفسه وتشكك. إذ كان راعِ للغنم يود بناء حظيرة بجوار الكهف بدأ رجاله يقلعون الحجارة فنزعوا حجارة باب الكهف، وإذا بالفتية في اليوم التالي يقومون بأمر إلهي لرسالة خاصة، قاموا كمن كانوا في نوم ليلة واحدة. نزل يمليخا إلى المدينة ومعه بعض الفضة ليشتري بعض الضروريات، وكم كانت دهشة إذ رأى علامة الصليب منحوتة على باب المدينة، وإذ قدم بعض الدراهم للخباز دهش الرجل إذ وجدها ليست العملة السائدة في أيامه، وظنه أنه وجد كنزًا يرجع إلى أيام داكيوس (ديسيوس).
رآه الكل شابًا غريبًا، فسألوه عن أصله وجنسه، فأجابهم أنه من المدينة وأنه كان يعمل في القصر فحسبوه مجنونًا. هاجت المدينة كلها، وإذ سمع الأسقف ماريس استدعاه، وكم كانت دهشته إذ وجد نفسه في كاتدرائية أمام أسقف، فأخذ الشاب يروي له قصته مع زملائه الشبان، فلم يصدق شيئًا. عند الكهف انطلق يميلخا ومعه الأسقف وكبار القوم إلى الكهف للتأكد من صدق قوله، وهناك إذ دخلوا الكهف وجدوا الصندوق النحاس وقرأوا الصحائف التي به وتحققوا من الأمر. سمع الملك بذلك فأسرع بالحضور، وجاء يتحقق الأمر وهو يشكر الله الذي أكَد له القيامة عمليًا، وإذ التقى بهم سجد أمامهم وعانقهم وبكى. أكد له مكسيملياس أن الله قد سمح لهم بذلك من أجل إيمان الكنيسة، ثم رقد الشبان ودفنوا في مواضعهم بعد أن بسط الملك حلته الملوكية على أجسادهم وهو يبكي. أراد الإمبراطور أن يقيم لهم توابيت ذهبية، فظهر له المعترفون في حلم، قائلين له: "إن أجسادنا قد بُعثت من تراب، ولم تبعث من ذهب أو فضة، فدعونا على التراب في نفس موضعنا من الكهف ذاته، لأن الله سيبعثنا من هناك".
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: قال المسيح: "أَنا خُبزُ الحَياة. مَن يُقبِلْ إِليَّ فَلَن يَجوع ومَن يُؤمِنْ بي فلَن يَعطَشَ أبَدًا" هكذا يكون قد عبّر مرّتين عن "الشبع الأبدي" حيث لا ينقص شيء.
لكنّ الحكمة تقول: "الَّذينَ يأكُلوَننِي لا يَزالونَ يَجوعون والَّذينَ يَشرَبونني لا يَزالونَ يَعطَشون" فجسد المسيح، الذي هو حكمة الله، لا يؤكل ليُشبِع رغبتنا منذ الآن، بل ليجعلنا نرغب في هذا الشبع؛ وكلّما ذقنا حلاوته، كلّما أثيرت رغبتنا. لذا، مَن يأكله سيظلّ جائعًا حتّى ينال الشبع. لكن حين تُشبَع الرغبة، لن يجوعوا ولن يعطشوا أبدًا.
إنّ "الَّذينَ يأكُلوَننِي لا يَزالونَ يَجوعون". كما يُمكن سماع هذا الكلام عن العالم المستقبلي، لأنّه في "الشبع الأبدي" نوعٌ من الجوع الذي لا ينبع من الحاجة بل من السعادة. فهذا الشبع لا يعرفُ التخمة؛ والرغبة لا تعرف الأنين. فالرّب يسوع المسيح المدهش دائمًا بجماله والمرغوب دائمًا فيه، قيل عنه إنّ "المَلائِكَة يَشتَهونَ أَن يُمعِنوا النَّظَرَ فيه" هكذا، وحتّى حين نمتلكه، فإنّنا نرغب أكثر فيه؛ وحتّى حين يكون معنا، فإنّنا نبحث عنه وفقًا لما كُتب: "اِلتَمِسوا وَجهَه كُلَّ حين" فهو مَن نبحث عنه دائمًا، ذاك الذي نحبّه إلى حدّ امتلاكه دائمًا أبدًا.