مثقفون خلال مناقشة رواية "الباص" للكاتب صالح الغازى: تحمل بعدا فلسفيا عميقا
أقامت رابطة الأدباء الكويتيين ندوة لمناقشة رواية الباص، للروائي المصري صالح الغازي، قدمها أستاذ المنطق وفلسفة العلوم في كلية الآداب بجامعة الكويت وعميد كلية الآداب جامعة المنيا الدكتور محمد السيد، والكاتبة هدى الشوا، والإعلامي والكاتب الدكتور حمد الجدعي، وأدارها أستاذ الترجمة بجامعة الكويت الدكتور محمد بن ناصر.
رواية "الباص" تحمل بعدا فلسفيا عميقا
واستهل الدكتور محمد السيد اللقاء مشيرا إلى أن: رواية الباص تتميز بجماليات السرد، وكذلك عرض الحوادث، أو نقل حادثة من صورتها الواقعة في الواقع إلى صورة لغوية، فالرواية عجيبة تشعر أحيانا أنها مجموعة من الذكريات التي سجلتها كاميرا لمصور بارع يلتقط ويتذكر أدق التفاصيل.
وأوضح “السيد” أن صالح الغازي اختار مكانًا لم يتناوله أحد من قبل بهذه الكيفية طوال الرواية، من جانب آخر وصف رواية الباص بأنها أحد الروايات المتميزة الفريدة، فهي متفردة مختلفة اختلافا كبيرا عن سائر الروايات التي قرئناها تحمل في طياتها مناقشة قضايا مجتمعية، ثقافية، اقتصادية، وسياسية كثيرة ومتعددة، وعلق قائلا: "الرواية تحمل بعدا فلسفيا عميقا".
وأوضح أن الرواية تصلح لعدة مجتمعات، خاصة المجتمعات الخليجية فتجد الرواية لو تحدثنا مثلا في قطر، أو السعودية أو الإمارات، تجد أن الهواجس واحدة والهموم متشابهة، والكاتب استطاع أن ينفذ إلى ما رواء الحياة اليومية الرتيبة، واستطاع أن ينقل لنا نقلًا أمينًا، وكأنه يحمل كاميرا يسجل بها أحداث الحياة اليومية، ولكن بمسحة إنسانية فريدة من نوعها.
وبدورها قالت الكاتبة هدى الشوا: إن رواية الباص لصالح الغازي "ابنة المدينة" إذا صح الوصف، في علاقات سكانها الإنسانية المعقدة، التي تشكلها التسلسلات الهرمية للرأسمالية المتوحشة، السريعة، الطاحنة لكل من يقف في طريقها، فإن رواية الباص لصالح الغازي تجعل من الباص، الفضاء المكاني المتحرك لرصد حركة تداول الرأسمالية الخليجية بنسخة كويتية.
وتابعت الشوا: “الباص في سردية الرواية وسيلة لنقل القوى العاملة من فئة المقيميين في الكويت إلى أماكن الإنتاج، فلا غرابة أن تتخذ الرواية من قلب مدينة الكويت، النابض بالأسواق التجارية والمالية، مسرحًا لأحداثها بين مسارات خطوط النقل العام في محطات المرقاب، والمالية، ودوار الشيراتون. في حين يكون بطلها أحمد صابر، ذلك الموظف في شركة اتصالات كبيرة، والذي يجد نفسه تائهًا في قاعة اجتماعات ضخمة في أول أيام دوامه، محاطًا ببحر من الموظفين في زي موحد، كأنه ذلك الترس في ماكينة الشركات العالمية الضخمة، ومراكز القوة والمال”.
وأضافت الشوا: “يمسك سارد العمل، أحمد صابر، راكب الباص يوميا إلى مكان عمله، بزمام مقود الحكاية، بضمير المتكلم في أغلب فصول الرواية، وهو الذي يرينا عبر شباب الباص، المدينة بعين المغترب من منظور الآخر”.
وبدوره قال الدكتور الجدعي رواية " الباص" من الروايات التي طرحت أكثر المواضيع حساسية في المجتمع الكويتي، ولكن تم طرحها في عمل أدبي روائي حمل رسائل وأبعاد إنسانية كبيرة.
وذكر الدكتور الجدعي بأن رواية "الباص" عمل إبداعي، حيث صنع الكاتب من "باص" المواصلات عالمًا لرواية وذكر فيه التفاصيل الدقيقة لحياة المغترب في الكويت، كيف يعيش، ويفكر، يحلم، ويطمح، وسرد كل المصاعب والمتاعب التي يواجها في حياته وأماكنه اليومية.
وعلق قائلا: “رواية الباص عمل إبداعي نفتخر فيه، وهو عمل كويتي مصري، ومصري كويتي، والرواية جاءت بجديد، وإن صح التعبير هي أول عمل أدبي يكتب عن جانب من جوانب المغتربين في الكويت والخليج العربي، وتم طرحه عمل أدبي صور كيف يعيش المغترب في دول الخليج، وأيضا سرد معاناة المغترب بين ما يسمى شوك الغربة والحنين للوطن والأهل”.
من جانبه أشار الروائي صالح الغازي إلى أن رواية " الباص"، خطوة لفهم الآخر، لافتا إلى أن باص الكويت سماته مميزة خصوصا أن لم يتناوله أحد من قبل، هو مختلف تماما عن باصات الدول التي الأخرى، مبينا أن الرواية تشمل حالة الغربة والحنين.
وأشاد بمبادرة (الباص وينه) وأوضح أن ساعة الشركة والموجودة على الغلاف الخلفي للكتاب كانت تنظم أيضا حركة الحياة في مدينة المحلة الكبرى من خلال صوت دقاتها..وكأنه يشير أنها توازي الباص كرمز لمدينة أخرى.
وقالت الكاتبة الدكتورة رحاب إبراهيم: إن هناك أحداث في رواية الباص تبدو عابرة لكنها تحمل حياة كاملة لأفرادها في كلمتين مثل السيدة التي تضطر للعودة لبلدها فجأة بعد وفاة زوجها في حادث. حياة كاملة تتبدل في لحظة.
وأشارت إلى أن هناك تعليقات تدعونا للتفكير والدهشة مثل: "كأن المدينة لم تصمم لغريب" والتركيز على الرمزية مثلا الكرة الصغيرة التي ترافقه منذ البداية جاءت له من الحلم وكأنها كرة القدر وعليه أن يتبعها للنهاية.
وفي مداخلة الكاتبة وفاء شهاب مدير تحرير مجلة العربي، أشارت إلى أن العرب في دول عربية لا يليق أن يطلق عليهم الغرباء أو المغترب لوحدة العادات واللغة والتاريخ.