نقاد: الغناء الهابط يدمر أخلاق الشعب.. ويهمله المسؤولون
لا يمل أهل المغنى من الحديث عن أزمة الغناء الهابط في مصر، ولا تمل وسائل الإعلام من تناول الظاهرة بالرصد والتحليل، غير أن كل ذلك الرصد والتناول لم ينعكس يومًا في صورة قرارات أو مواقف تفتح باب الأمل أمام مواجهة تلك الظاهرة، التي يمكن وصفها باللحن الحزين في بحر النغم.
لكن مؤخرًا بدأت نقابة الموسيقيين في اتخاذ قرارات جريئة يمكن اعتبارها بداية حقيقية لمواجهة تلك الظاهرة، بل وربما تفتح الطريق أمام محاصرة مطربات العري والإثارة، ومطربي الكلمات البذيئة.
القرارات صدرت عن نقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر بمنع المطربات المصريات والعربيات من الغناء بملابس مثيرة أو مبتذلة، والتحقيق مع أي مطربة تغني بملابس جريئة، سواء في الحفلات العامة أو في الأغاني المصورة فيديو كليب أو البرامج التلفزيونية؛ تمهيدًا لفرض عقوبات عليهن.
وجاء -في بيان صدر عن النقابة مؤخرا- أنه في حال عدم التزام أي مطربة بهذا القرار سيوجه إليها إنذار، ثم يتم فصلها من النقابة إذا كانت عضوا فيها، وفي حالة المطربات العربيات يوجه إنذار أولا، ثم تمنع المطربة من الغناء في مصر في المرة الثانية.
وقال الفنان هاني شاكر -في تصريحات صحافية- إنه مصمم على ظهور الفنانات بملابس تتماشى مع تاريخ الفن في مصر، ومن لا تلتزم فستتخذ تجاهها خطوات جادة، مشيرا إلى أنه بصدد اتخاذ مزيد من القرارات المشابهة، سعيا للارتقاء بالفن المصر، ومواجهة ثقافة العري والأغاني الهابطة والمبتذلة والكليبات الفاضحة، ليكون ما يقدم على الساحة الفنية فنا راقيا يليق باسم مصر، موضحا أن القرار اتخذ بإجماع مجلس إدارة النقابة، إيمانا بدورها في التصدي للابتذال الذي غزا الساحة الغنائية في السنوات الأخيرة والذي أثر سلبا في صناعة الغناء.
من جانبه، أعرب مصطفى كامل، نقيب الموسيقيين السابق، عن تأييده لقرار النقابة في تطهير المناخ الفني في شكل عام من الأوضاع السيئة التي عرفها خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أنه يعلم أن هاني شاكر بقامته الفنية لديه مشروع نبيل يريد تحقيقه، لكنه يخشى من أن يتخذ البعض ذلك القرار الذي اتخذه بخصوص ملابس الفنانات طريقا للارتزاق والرشاوى، ففي النهاية النقيب يصدر القرار، لكن من المستحيل أن يتابع كل أماكن الحفلات والملاهي الليلية في أنحاء مصر.
من جانبه، استنر الموسيقار الكبير حلمي بكر ما تشهده الساحة الغنائية من أعمال هابطة احتلت أماكن عالية لا تستحقها، معتبرا أن السبب في ذلك هو الجمهور الذي يصنع من شيء فاقد القيمة، أسطورة يتحاكون عنها.
وأضاف بكر: إن المطرب الشاب سعد لمجرد خير دليل على ذلك ، ولما حققه من شعبية بأغنيته "انت معلم"، رغم أنه لم يقدم جديدا فقط اعتمد على وسامته، وهذا ما يعجب المصريين، منوها أن هناك أصوات في مصر لم تحقق ربع شهرته، على الرغم من روعة أصواتهم.
ورأى أن على الفنان هاني شاكر أن يبدأ في منع العري من الأغنية وليس الفستان؛ لأن كلمات الأغاني بها ابتذال وعري أكثر من الفساتين ، وملابس المدعيات بأنهن مطربات.
كما دعاه إلى تقييم الأعضاء الموجودين في النقابة ، وإلغاء كامل للعضوية التي تتم بشكل غير شرعي ، حتى تكون النقابة خالية من تلك المبتذلات اللواتي أتلفن الفن وحققن شهرة واسعة وأموالا بدون أدنى مجهود.
المطربة نادية مصطفى ، عضو مجلس نقابة الموسيقيين ، قالت إن مطربات كثيرات يصدرن أغنيات لعرض أجسادهن لا أصواتهن ، وهي تسمع كلمات وألفاظ في الأغنيات تخجل منها ، ولا تصدق أن ما يتم ترديده هو أغنية من الأساس ، مشيرة إلى أن قرار النقابة بملاحقة مطربات العري ليس مطاطا ، فالفرق واضح بين الفن الراقي والابتذال.
وترى نادية مصطفى أن أي فنانة هدفها تقديم الرقي بالتأكيد لن يزعجها هذا القرار، فالفنان لديه مسؤولية أمام جمهوره، مضيفة أن قرار النقابة لا يشمل المطربين لكن ، ما المانع أن يحترم الفنان هيبة المسرح ويرتدي ملابس مناسبة وسيجري تطبيق القرار في الحفلات أولا ، ثم ندرس مسألة الكليبات لأنها تتطلب جهود جهات أخرى مثل الرقابة ونقابة المهن التمثيلية بحثا عن الارتقاء بمنظومة الفن كاملة.
يقول الناقد الموسيقي أمجد مصطفى إن الأغنية المصرية تعانى من انهيار كبير يهدد وجودها فالأمر لم يعد مجرد مشهد عاري أو أغنيه مصورة تعتمد مغنيتها أو مطربها على مشاهد لجذب الجمهور المراهق، لكننا نعيش في مهزلة كبيرة أخرى متمثله في ألوان موسيقية وغنائية مهينة للغناء المصرية متمثلة في تلك النوعية التى يطلق عليها أغاني المهرجانات وهى في الأساس أغاني تعبر عن السكارى ومدمني المخدرات ونشأت من هذا الوسط الغريب لتنشر وتصبح الآن تتحدث باسم الغناء المصري ، وهذا النوع من الغناء هو الامتداد الطبيعي لما أطلقوا عليه في حقبة التسعينات موسيقى الجيل التي أدخلت علينا قواعد غربية غريبة علينا وادعى مستوردوها أنهم يطورون من أداء الأغنية المصرية ، لكن للأسف هذا التطوير الذي زعموه أخذنا إلى سابع أرض.
وأضاف "مصطفى": إنه على النقابة الآن أن تضرب بيد من حديد وتمنع تلك الأصوات النشاز عن الغناء طالما استمرت في تقديم هذا الهزل والعبث، فالقرار الأخير لهاني شاكر والخاص بمنع المطربات العاريات قرار منقوص لأن أغلب من يقدمن هذا النوع من الغناء راقصات وبعضهن يقضى عقوبه الحبس الآن، وكان عليه أن يحارب كل أشكال الإسفاف لأن الأزمة أن مصر تعانى من مشاكل في الكلمة واللحن والأداء وليس المظهر فقط، ولوكان قد بدأ بمحاربة الأشكال الموسيقية الهابطة أولا لكان هذا القرار من شأنه القضاء على المتسربين الذين تسربوا إلى ساحة الغناء.
ومضى قائلاً: الأغنية المصرية تحتاج أيضا إلى تدخل الدولة بقوة لأن هناك جهات تتبع الدولة أصبحت تنشر هذا النوع من الغناء تحت راية الإعلام المصري والتي تتمثل في تلك الإذاعات الكثيرة التي نطلق عليها شعبي وغيرها، وبعد أن كان مصدر الهبوط هو الكاسيت أصبحت الإذاعات هي مصدره الآن، وعلى الإعلام الرسمي المسؤول والمشرف على هذه الإذاعات أن يوقفها فورا لأن العائد المادي ليس كل شيء، الأهم أن نعيد إلى الغناء المصري هيبته.