رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شهداؤنا فى الحج

الحجاج المصريون، الذين راح منهم أكثر من نصف ضحايا، أو شهداء، موسم الحج هذا العام، تصدروا أيضًا، قائمة الأكثر إجراءً للمكالمات، فى يوم عرفة، لأنهم، ببساطة، كانوا الأكثر عددًا، دون احتساب «غير النظاميين»، أو غير المسجلين رسميًا، الذين قال «مسئول مصرى يشرف على بعثة الحج» لـ«وكالة الأبناء الفرنسية» إنهم أحدثوا «فوضى كبيرة فى مخيمات الحجاج المصريين» وتسببوا «فى انهيار الخدمات» و«ظلوا لفترة طويلة دون أكل أو مياه أو مكيفات»!

فى كل أنحاء العالم، زادت الوفيات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على ٦٥ سنة، بنسبة ٨٥٪ تقريبًا، بحسب إحصاءات «منظمة الصحة العالمية». وفى غالبية قارة آسيا، يعانى المليارات من الحرارة الشديدة، هذا الصيف. وأمس الأربعاء، مثلًا، ذكرت جريدة «تايمز أوف إنديا»، أن موجة حارة شديدة تجتاح الهند، هى الأشد منذ ست سنوات، وأودت بحياة خمسة أشخاص، على الأقل، هذا الأسبوع، فى العاصمة نيودلهى، التى وصلت درجات الحرارة فيها إلى ٥٠ درجة مئوية. وعليه، لم يكن مفاجئًا أن تصل درجة الحرارة فى مكة المكرمة، الإثنين الماضى، إلى ٥١.٨ درجة مئوية، وأن يؤدى هذا الطقس الحارّ، أو الملتهب، إلى تسجيل عدد كبير من حالات الوفاة فى موسم الحج.

يتأثر الحج، بشكل متزايد، بتغير المناخ، وفقًا لدراسة سعودية، أجرتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، الشهر الماضى، أوضحت أن درجات الحرارة فى منطقة أداء الشعائر ترتفع بنسبة ٠.٤ درجة مئوية كل عشر سنوات، وتوقعت أن يصل الارتفاع إلى ٥.٦ درجة مئوية بحلول نهاية القرن. كما سبق أن حذرت دراسة أجرتها مجلة «جيوفيزيكال ريسيرش ليترز»، Geophysical Research Letters، سنة ٢٠١٩، من تزايد «الخطر الشديد»، الذى يتعرض له الحجاج، بسبب تغير المناخ. وهناك دراسة أخرى نشرتها دورية «جورنال أوف ترافل آند ميديسين»، المتخصصة فى «طب السفر»، خلال السنة الجارية، أكدت أن الحجاج من الدول الأقل حرارة، هم الأكثر عرضة للوفاة، بمعدل ٤.٥ أضعاف، أو بنسبة ٤٥٠٪ من السكان المحليين، السعوديين، الذين اعتادوا على درجات الحرارة المرتفعة. 

المهم، هو أن وزارة الخارجية، التى أعربت عن خالص تعازيها لذوى المتوفين من حجاج بيت الله الحرام، أكدت، فى بيان، استمرار جهودها على مدار الساعة لتأمين عودة جميع الحجاج المصريين إلى أرض الوطن بسلام. وأشارت إلى أن بعثات مصر الدبلوماسية والقنصلية فى المملكة، وكل أجهزة الوزارة المعنية، تبذل جهودًا مكثفة، بالتعاون مع السلطات السعودية، وبعثة الحج الرسمية المصرية، لمتابعة عمليات البحث عن المواطنين المصريين المفقودين، لافتة إلى أن السفارة المصرية فى الرياض قامت بإيفاد بعثة قنصلية إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة للوقوف على تطورات الوضع الراهن، وإجراء الزيارات الميدانية للمستشفيات والمراكز الطبية التى يتواجد بها مواطنون مصريون للاطمئنان على أوضاعهم، والتأكد من حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة، إضافة إلى اتخاذ كل الإجراءات الخاصة بنقل جثامين المواطنين الذين وافتهم المنية، ويرغب ذووهم فى إعادة جثامينهم إلى أرض الوطن. 

قامت القنصلية المصرية فى جدة، أيضًا، بتدشين غرفة طوارئ، تعمل على مدار اليوم، لاستقبال اتصالات مَن انقطعت اتصالاتهم بذويهم فى مكة المكرمة أو المدينة المنورة أو المشاعر المقدسة. وهناك غرفة عمليات بالقطاع القنصلى بوزارة الخارجية، جرى تخصيصها لاستقبال اتصالات المواطنين الخاصة بطلب البحث عن المفقودين، أو شحن جثامين ذويهم. كما يمكن لمن يرغب فى تقديم أو متابعة تلك الطلبات، التوجه مباشرة إلى مقر وزارة الخارجية بجاردن سيتى، أو عبر الاتصال التليفونى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن درجات الحرارة الشديدة فى باريس، التى ضربتها سلسلة من موجات الحر القياسية فى السنوات الأخيرة، قد تؤدى إلى انهيار أو وفاة المتسابقين فى دورة الألعاب الأوليمبية، التى تستضيفها العاصمة الفرنسية، الشهر المقبل، بحسب تقرير «رينجز أوف فاير»، الذى أصدرته منظمة «كلايمت سنترال»، Climate Central، بالتعاون مع جامعة «بورتسموث» البريطانية، ورياضيين أوليمبيين.