رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: التطرف يهدف لزوال الثقافة والدين والأسرة والدولة واللغة

الدكتور على جمعة
الدكتور على جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن بعض المدارس المتطرفة ترى من مدارس ما بعد الحداثة أن هناك خمسة أشياء يجب أن تزول حتى يستطيع الفكر البشرى أن يبدع، وأن ينطلق بدون أي عائق، وهذه الخمسة هي: “الثقافة، والدين، والأسرة، والدولة، واللغة”.

وأضاف أن “رفع سلطان الثقافة السائدة أمر سيؤدي إلى الاتجاه نحو (النسبية المطلقة) التي تدعو هذه المدارس الفكرية لتبنيها، والتحرر من سلطان الدين قد تم من قبل في الحضارة الغربية، والأسرة أصبحت تطلق عندهم على أي اثنين، فلم يعد المعنى زوجاً، وزوجة، وابنا، وابنة، أو أباً، وأماً، وعائلة. تلك المعاني التي ورثناها عمن قبلنا، ويعدون هذا من المعاني المعجمية، أي التي وجدناها في المعجم اللغوي، ومن هذا المدخل أصبح الشذوذ الجنسي الذي لعن عند عقلاء البشر، دع عنك الأديان كلها من حقوق الإنسان، ورَفْع سلطان الدولة، وأن يستبدل بها الجمعيات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، يحتاج إلى تغيير النظام القانوني والاجتماعي، بل قوانين الفكر والنموذج المعرفي والإطار المرجعي”.


وتابع أن “هذه الحقائق تجعلنا نذهب إلى أن هناك لغة مقدسة، إلا أن هناك فارقاً كبيرا بين اللغة المقدسة التي يجب الحفاظ عليها من أجل فهم النص، وقدسية اللغة التي تمنع من اتساعها وقيامها بواجب عصرها وزمانها، فهذه اللغة المقدسة يجب الحفاظ عليها في حدود النص المقدس حيث نحتاج إليه، وفي حدود أدوات فهمه على مستوى ألفاظه ومعانيه وعلى مستوى تركيباته ودلالاتها المختلفة وعلى مستوى سياقه أيضاً، وأن تطوير اللغة وارد، ولكن بصورة لا تفقدنا الاتصال بالتراكم المعرفي التراثي من ناحية، وأن تكون وعاءً قادراً على انطلاق الفكر بكل جوانبه العلمي والحسي والتجريبي وحتى الفكر الفلسفي، وإعمال العقل ليبقى الإنسان إنساناً يقوم بواجبه من عبادة الله، وعمارة الأرض، وتزكية النفس، وأن هذا التغير يجب ألا يمس أيضاً ثوابت البشر، وأن يكون في سعته متسقاً مع الاتساع الطبعي الذي هو من سنن الله في كونه”.

وأكمل: “لا بد أن نعي أيضاً أثناء عملية اتساع مآلات اللغة التي تبنتها المدارس المتطرفة لما بعد الحداثة، والتي انتشرت في عصرنا بسبب ثورة الاتصالات وظاهرة العولمة، أنها لا تتفق مع رؤيتنا للعالم ولا مع مقررات ديننا وأسس حضارتنا وتاريخنا، ومن ثم فتتحول اللغة إلى أداة هدم لحضارتنا وفكرنا وتراثنا، والحاصل: أن الاهتمام باللغة أمر جليل إذا أردنا لحضارتنا أن ترى النور”.