رجائى عطية: المحاماة رسالة.. وأحاسب نفسى كل يوم
عقدت نقابة المحامين، اليوم الخميس، جلسة حلف اليمين القانونية للمحامين الجدد، لنقابات «شرق الإسكندرية- غرب الإسكندرية - كفر الشيخ – طنطا – المنوفية»، برئاسة نقيب المحامين رجائي عطية، وحضور أعضاء مجلس النقابة العامة حسين الجمال، وأبوبكر ضوة، وفاطمة الزهراء غنيم، ومحمد نجيب، وذلك بقاعة اتحاد عمال مصر.
واستهل نقيب المحامين، حديثه للأعضاء الجدد قائلًا: «لو كنت أنا من قمت بصياغة قانون المحاماة، والمادة الخاصة بالقسم لاستبدلت كلمة مهنة برسالة، لأن المحاماة رسالة وليست فقط مهنة، وعندما كتبت كتابي عنها أسميته رسالة المحاماة، وهذا ليس محض انحياز أو تعصب، بل المحاماة هي بالفعل رسالة».
وشدد النقيب العام، على أن المحاماة هي صوت الحق، وأن المحامين هم فرسان الكلمة، يسبحون ضد التيار في سبيل مناداتهم بالحق وتحقيق العدالة التي ينشدونها، ويناضل المحامي تحقيقًا لهذه الغاية نضالًا يضحي فيه بمصالحه وأمواله، بل وربما حياته نفسها، مضيفا: «هذا الكلام ليس إنشاء، وإنما حقيقة، وحسب القاضي أن تكون غايته أن يحكم بالعدل، وأن يسطر فيما يحكم به بالعدل، إنما المحامي والمحامية لا يكفيهما أن ينشدوا العدل، فهم واسطة عقد ينوب عن الغير للدفاع عن حقوقه عدلا، ويتجه إلى الغير ليحكم بالحق عدلًا».
وأشار «عطية»، إلى أن الكلمة هي عصب الحياة، ولكن ليس حسبها في المحاماة أن تكون فقط هكذا، وقيمة الكلمة في مغزاها ومعناها وما تنشده وتتجه إليه، ونحن جميعا مطالبون في إطار الرسالة أن تكون الكلمة متجهة إلى غاية وتنشد الحق وتسعى إليه وتحقق العدالة، هذه هي المحاماة.
وتابع: «أمر طبيعي أن كل شخص يدافع عن نفسه، ولكن المحاماة دفاع عن الغير وحماية له، ولا يقوم أحد بهذا إلا أن يكون صاحب رسالة، وأن يكون هذا المعنى أتيًا في ذهنه على الدوام وفي كل لحظة، وجميع الأنبياء والرسل في سبيل القيام برسالتهم كانت الكلمة عمادها».
وذكر نقيب المحامين، أن الواعظ والداعية الديني، يتحدث بالكلمة ولكن هناك فارقًا بينه وبين المحامي، فالواعظ يتحدث إلى جمهور ومتلقين مرحبين به راغبين في سماعه لا يقاطعه أحد ولا يضيق عليه أحد، وإنما الآذان تستمع وتنصت إليه في شغف والعيون مبهورة به، ويؤدي ما يؤديه في ظروف ميسورة وينطلق إلى ما يشاء، بينما يؤدي المحامي واجبه بالكلمة في ظروف بالغة العسر والضيق، نتحدث بالكلمة مقابل خصوم ونيابة عامة في القضايا الجنائية يتربصون بما نقول ويسعون إلى هدمه ويضيقون علينا، وجمهور القاعة ليس كله في صف الكلمات التي يؤديها المحامي، لأنه قد يكون منقسمًا، ورول مزدحم، وقاض قد يضيق صدره بمرافعات المحامين.
وأردف نقيب المحامين: «يستطيع المهني أن يؤدى عمله إذا أتقن تخصصه، الطبيب إذا ما أتقن علم الطب والأدوية يستطيع أن يؤدي واجبه، والمهندس إذا أتقن علوم الهندسة يستطيع أن يصمم المشروع وأن ينفذ ما صممه، والصيدلي يستطيع بعمله بالصيدلية وعلوم العقاقير والأدوية، إلا أن المحامي لا يكفيه أن يكون عالما عارفا بالقانون».
وأفاد نقيب المحامين، أن مصير ما يقوله المحامي معلق بمدى اقتناع القاضي به، وإن أخفق فيه فقد أخفق في واجبه ورسالته، كما أنه يجب أن يكون عارفًا بالدين بعامة سواء ديانته أو باقي الأديان السماوية الأخرى، وأن يكون متقنًا للغة الفصحى والعامية، والفلسفة، والطب الشرعي، المنطق، الفلك، وغيرها، فهى عدة المحامي، ويجب أن يكون واسع الثقافة.
وأكد «عطية»، أن هذا ما يلح على شباب المحامين به، ناصحًا إياهم بألا يكتفوا بمعرفة القانون، بل يجب أن يكونوا موسوعي المعارف، ولا يتركوا بابًا من أبواب المعرفة إلا غاصوا فيه، مشيرا إلى أنه على مدى 61 عاما اشتغلتها في المحاماة التي عشقها ولا يزال، صادفه مواقف طارئة وعسيرة ولكن الذي ساعده على أن يجتازها، وأن ينجح فيما يبديه أن لديه مخزون معرفي ولا يكف عن تنميته، لأنه عدته في الإقناع، والمواقف التي قد تطرأ أثناء الجلسات، مردفًا: «المحامي يجب أن يكون محلقًا فى السماء خارج السرب، وما يؤديه المحامى رسالة قوامها الحجة والبيان والإقناع».
كما أكد نقيب المحامين، أن الكلمة لا يمكن أن تكون ذات قيمة ما لم تكن التزامًا بقضية وسعيًا لغاية تتفق مع الحق والعدل، والمحاماة تشرف بكل هذا، وتسعى سعيها لتحقيق هذا كله، ولذلك لم تكن صدفة أو ضربة عشوائية أن ترتبط الكلمة بكل مكاناتها الأدبية والفكرية بالمحاماة، وكانت من أكثر المهن التي حفلت بالأدباء والمفكرين، أمثال محمد حسين هيكل، توفيق الحكيم، يحيى حقى، الدكتور محمد مندور، محمد عبدالله محمد، أحمد لطفي السيد، محمد التابعي، إحسان عبدالقدوس، موسى صبري، فكري أباظة، مكرم عبيد، وغيرهم كثر، متحدثًا عن بعضهم حتى يكونوا مثالًا يحتذى به.
وفي سياق آخر، قال نقيب المحامين، إن المحاماة كما هى رسالة، فإن القيام بأعباء النقابة العامة والنقابات الفرعيات رسالة، لأنها مسئولة فى أدائها عن المحاماة التى هى رسالة وعن المحامين.
واستطرد النقيب العام: «أقسم بالله أننى أحاسب نفسي في كل يوم؛ ماذا صنعت، وماذا فعلت، وماذا أنجزت، وما الذي عساي قد أكون أخفقت فيه، ومع اعتقادي أن كثيرين من أعضاء مجلس النقابة العامة، وكل النقابات الفرعية، يحاسبون أنفسهم هذه الحساب، ولكني لا أجد بأسًا في أن أناديهم أنه على كل منا أن يحاسب نفسه عما قام به وفاء بالرسالة التي حملتها إياه الجمعية العمومية التي انتخبته، ماذا قدم للنقابة العامة أو الفرعية، وماذا قدم للمحاماة، وماذا قدم للمحامين، لا أن تكون مهمته أن يعرقل النقيب ويعجزه عن أداء رسالته».
وفي الختام، أوصى النقيب العام شباب المحامين قائلاً: «على كل منكم أن يختم يومه بهذه المراجعة ليقول لنفسه ماذا فعلت هذا اليوم، وكيف أديت، وما الذي أضفته إلى علمي بالقانون ومعارفي ومخزوني الفكري والثقافي، يوم تفعلون ذلك سوف ترتفع راياتكم، وسوف ترتفع راية رسالة المحاماة».