رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تكشف تفاصيل مؤامرة انهيار أجزاء كبيرة من هرم "زوسر"

جريدة الدستور

نور عبدالصمد يناشد اليونسكو بحماية الهرم من عبث «الهواة»

استشارى المشروع يصرخ: أوقفوا العمل فوراً لأن الهرم يهتز

خبير «سينتاك» يقتلع حجراً من الهرم بيده وهو يقول: يمكنكم اقتلاع هذه الأحجار بمنتهى اليُسر

تصريحات وزير الآثار الأسبق والشركة الإنجليزية تكذب ادعاءات وزارة الآثار

زاهى حواس: الغرض من هذا المشروع هو البحث عن مقبرة «إيم حتب»

استيقظ العالم منذ عدة أيام مضت، على كارثة جديدة تهدد بانهيار هرم زوسر المدرج؛ نتيجة عمليات الترميم الخاطئة التى قامت بها شركة «الشوربجى» للمقاولات.. ثم الشركة الإنجليزية التى تدعى «سينتاك».

هرم زوسر، هو الأول من نوعه فى التاريخ.. كما أنه أيضاً أول صرح معمارى يبنى بالحجرالجيرى، وهذا مثبت على رأس قائمة اليونسكو كأهم المواقع الأثرية على المستوى العالمى.. وقد بناه «إيم حتب» أول مهندس معمارى عرفته البشرية.

ترجع فكرة ترميم هذا الهرم إلى الدكتور زاهى حواس ـ رئيس المجلس الأعلى للآثار ـ آنذاك ووزير الآثار فيما بعد، حيث تعاقد كطرف أول مع شركة «الشوربجى» عام 2006 على أن تنتهى الشركة من المشروع أواخر عام 2009 طبقاً للعقد المبرم بين الطرفين، لكن المفاجأة حدثت عندما تباطأت الشركة وتقاعست عن أداء عملها فى الموعد المحدد.. كما طلبت الشركة نفسها 32 مليون جنيه خارج بنود العقد، سجلت على أنها أعمال إضافية بالمخالفة للقانون.. علماً بأن قيمة التعاقد الأساسى لترميم الهرم هى 20 مليون جنيه تقريباً، ولم تكتف الشركة بهذه المبالغ، بل طالبت للمرة الثانية بمبلغ إضافى وصل إلى 25 مليون جنيه.. وهذا ما صرح به مدير الشركة المهندس ميشيل فريد فى حلقة للإعلامى يسرى فودة منذ 10 أيام تقريباً فى برنامج «آخر كلام».

مخالفات صريحة

مصادر مؤكدة بوزارة الآثار أوضحت أن المبالغ الإضافية التى تطالب بها «الشوربجى» لاستكمال عملها فى ترميم الهرم فيها مخالفة صريحة لقانون المناقصات والمزايدات، الذى ينص على عدم تجاوز الأعمال الإضافية نسبة الـ25٪ من قيمة العقد الأصلى وهى 5 ملايين جنيه وليست 57 مليوناً.

المصادر نفسها كشفت عجز شركة «الشوربجى» عن استكمال المشروع؛ لعدم تخصصها فى عمليات الترميم.. الأمر الذى جعل مسئولى وزارة الآثار يسندون هذا العمل إلى شركة إنجليزية تدعى «سينتاك»؛ لإنقاذا ما يمكن إنقاذه على اعتبار أن الشركة الإنجليزية سبق وأجرت ترميمات على مبنى البيت الأبيض الأمريكى.. لكن مع مرور الوقت اتضح أن «سينتاك» أيضاً ليست بها أى خبرة فى هذا العمل، بدليل المصيبة الكبرى التى تعرض لها هرم «زوسر» المعرض حالياً للانهيار.

قرار حواس

«الدستور» حصلت على فيلما وثائقيا بالصوت والصورة للدكتور زاهى حواس، يتحدث فيه من داخل هرم زوسر عن المخاطر التى لحقت بهذا الأثر الفريد.. حيث أصدر «حواس» قراراً بعدم دخول أى شخص إلى الهرم؛ بسبب حالته الخطيرة.. موضحاً حالة الانهيار فى ممراته وسقفه الداخلى.

ويشير وزير الآثار الأسبق فى الفيلم باللغة الإنجليزية قائلاً: سقف الهرم يسقط فى هذا الجزء وهذا الجزء.. ويظهر فى المشهد صورة الهرم من الخارج ويبدو وكأنه بناء حديثا لا علاقة له بالتاريخ!! وفجأة يظهر فى الفيلم مذيع الجمعية الجغرافية الأمريكية ليؤكد أن حجرة الدفن الخاصة بالملك «زوسر» منهارة!! وهنا تطرح المصادر عدة أسئلة عن سبب تواجد هذا المذيع داخل الهرم؟!

ويقترح الدكتور حسن فهمى ـ استشارى شركة «الشوربجى» قائلاً: لابد من عمل خطة لمنع السقف من الانهيار.. وفى مشهد مأساوى فى الفيلم تظهر صورة لسقف الهرم المشيد فوقه ست مصاطب بارتفاع 62 متراً من الأحجار، وبها التجاويف والشقوق التى تهدد بمزيد من الانهيار لمبنى الهرم ككل.. كما يظهر نفس المشهد صورة لأحجار سقف الهرم، وهى مفككة أو منهارة تماماً.

«إيم حتب»

بعد هذه المشاهد يظهر حواس وهو يعلن من داخل الهرم أن الغرض من هذا المشروع هو البحث عن مقبرة المهندس «إيم حتب».

وفى مشهد مستفز، يصرح أحد خبراء «سينتاك» قائلاً: لابد من رفع أعمدة حديدية لمنع استمرار سقوط الهرم إضافة إلى عمل ثقوب داخل سقف الهرم لوضع هذه الأعمدة بداخلها وهنا لابد من كشف أبعاد هذه الجريمة الشنعاء.. لأن المعروف عالمياً تحريم وتجريم استخدام حديد التسليح أو ما شابه فى عمليات الترميم الأثرية..

وحذرت المصادر من المساس أو العبث بمحتويات الهرم، لافتة إلى احتوائه على 11 تابوتاً لمومياوات «بنات» الملك زوسر، وجميعها من مادة الألبستر فضلاً عن تابوت الملك المصنوع من مادة الجرانيت الوردى.

توقف العمل

بعد ذلك يصرح «حواس» فى أبريل من العام الماضى 2013 أى وقت حكم الجماعة الإرهابية لمصر فى نفس الفيلم ليعلن أن العمل فى هرم «زوسر» توقف لأنهم قالوا مفيش فلوس، ثم يستكمل حواس قائلاً: انظروا إلى سقف الهرم يمكنكم أن تروا هذا الانهيار.. إذاً اعترف «حواس» بانهيارات كبيرة فى هذا الهرم يكذب مزاعم وزير الآثار الحالى الذى نفى أكثر من مرة للصحفيين وجود أى انهيارات فى الهرم.. هذا إلى جانب أن الشركة الإنجليزية والشركة المسئولتين عن عملية الترميم تؤكدان أن كلام «حواس» وتكذبان كلام الوزير.

من المفارقات الغريبة فى هذا الفيلم أيضاً أحد خبراء «سينتاك» وهو يقتلع أحد أحجار السقف بيده قائلاً: يمكنك نزع هذه الأحجار بيدك وبمنتهى اليُسر»!!

ننتقل إلى مشهد آخر لايقل جهلاً عما سبق.. حيث يظهر الفيلم شركة «سينتاك» وهى تستخدم شنيوراً قطره «3» بوصة لكى تثقب به أجزاء كبيرة من الهرم بواسطة خبير فى الثقوب يدعى مالكوم سبرنج.

وفى هذا المشهد الهزلى التآمرى على الهرم، يتدخل الدكتور حسن فهمى ـ استشارى المشروع ـ صارخاً: «أوقفوا هذا العمل فوراً، لأن الهرم يهتز».

فى السياق السابق، اتصلنا بالدكتور نور عبدالصمد ـ كبير الأثريين بوزارة الآثار ـ لنسأله عن تفاصيل عملية الانهيار التى تعرض لها الهرم فأجاب قائلاً: لقد أرسلت رسالة إلى السيدة إيرينا بوكوفا ـ مدير عام اليونسكو ـ تضمنت الوقائع الكاملة التى تعرض لها هرم «زوسر» على يد الشركة المصرية والإنجليزية من تخريب سواء عن عمد أو عن جهل، وطالبت هذه السيدة بحماية هذا الأثر الفريد من نوعه، خوفاً عليه من الانهيار التام.