رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اسرائيل تفتح «الملف المثير» من جديد..

«أملاك اليهود فى مصر والدول العربية».. الأهداف الخفية وراء مساعي الاحتلال السرية بالقضية وحقيقة اللجوء للتحكيم الدولى.. خبراء يكشفون لـ«الدستور» مدى أهمية التحركات الإسرائيلية

جريدة الدستور

بين الحين والآخر، تثير دولة الاحتلال الإسرائيلي، مزاعمها حول وجود ممتلكات لليهود فى مصر وعدد من الدول العربية، وتدعي أنها سُلبت منهم بالقوة، معتبره أن الأنظمة العربية فى الفترة ما بين 1948 و 1951، أجبرتهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم قبل مغادرتهم إلى إسرائيل.

ملخص القضية
بحسب الخارجية الإسرائيلية، فإنه تم طرد نحو 850 ألف يهودي، في تلك الفترة، أو تم إجبارهم على مغادرة البلدان العربية، وهؤلاء تعتبرهم إسرائيل لاجئين، وتزعم أن أملاكهم التى تركوها قسرًا، تقدّر بنحو 6 مليارات دولار، أي ما يساوي ضعف أموال اللاجئين الفلسطينيين، التى التهمها الاحتلال، والمقدّرة بـ3.9 مليار دولار، حسبما قدرته إحدى الدراسات الإسرائيلية.

الإسرائيليون يسعون إلى إنشاء صندوق دولى يستند إلى اقتراح الرئيس كلينتون لعام 2000 وقرار الكونجرس رقم 185 لعام 2008، لتعويض اللاجئين الفلسطينيين واليهود على حدٍ سواء، بحث تشارك فيه إسرائيل أيضا، ولو بشكل رمزى.

في مارس الماضي، وتحديدًا بعد مرور أقل من يومين على تهريب تل أبيب 17 يهوديًا يمنيًا فى عملية سرية بالتعاون مع "الوكالة اليهودية"، ووزارة الخارجية الأمريكية، فتحت دولة الاحتلال الإسرائيلي ذلك الملف المزعوم مجددًا، فيما يخص أملاك اليهود فى مصر فى فترة الخمسينيات والستينيات، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.


جولة جديدة
وبالأمس، كان الملف الذي عملت إسرائيل على ترك بابه مواربًا، على موعد مع جولة جديدة من المناقشات، إذ كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن نشاط سري ، تقوم به وزارة الخارجية الإسرائيلية بالتعاون مع مجلس الأمن القومي، بهدف استعادة أملاك اليهود العرب ، في الأراضي العربية وإيران قبل هجرتهم إلى إسرائيل عام 1948.

وبحسب موقع واللا الإسرائيلي، قال المدير العام لوزارة المساواة الاجتماعية، آفي كوهين، خلال اجتماع عقد في لجنة الهجرة والاستيعاب التابعة للكنيست، إن إسرائيل استثمرت في هذه العمليات السرية ملايين من الشواقل، على أمل الخروج بنتائج ملموسة في هذا الصدد، خلال شهرين.

خطوات تحفيزية
ولفت كوهين، خلال الاجتماع، إلى أن القرار الذي اتخذه نتنياهو، وجيلا جمليئيل وزيرة المساواة الاجتماعية، يستهدف الضغط على الدول العربية من أجل إعادة أملاك اليهود، إلى حدٍ قرار نتنياهو بمنح جائزة رئيس الوزراء لباحثين في موضوع يهود الدول العربية وإيران، ممن تولّوا كشف أماكن أملاك اليهود فى الدول العربية وإيران.

بحسب مراقبين، يشكل الملف استمراراً لسياسة الانتهازية، التي يجيدها نتنياهو، حيث دأب على التلويح بورقة اليهود العرب ويهود إيران، كورقة مفاوضات ومقايضة مقابل ملف اللاجئين الفلسطينيين، وغيره من الملفات السياسية، حتى إن المشاركون في اجتماع اللجنة البرلمانية، دعوا إلى الربط بين استعادة "أملاك اليهود" في دول عربية وبين أي مفاوضات سياسية محتملة.

مجرد زوبعة
وفي رأي أستاذ الدراسات العبرية، بكلية الألسن جامعة عين شمس، الدكتور منصور عبد الوهاب، فإن فتح إسرائيل لهذ الملف، ليس إلا مجرد زوبعة تقوم بها على فترات لردع العالم العربي، حتى تكمم أفواه العرب عن المطالبة بحقوقهم ، خاصة مصر، إذ تخشى تل أبيب من أن تطالبها القاهرة بتعوضيات عن الأسرى المصرين الذين قتلتهم، أو تعويضات عن استخدمها بترول سيناء لمدة 6 سنوات حتى عام 1967.

ويقول منصور لـ"الدستور"، إن إسرائيل تريد أن تغطي على قضية حقوق عرب 1948، مضيفا أنه من الأولى أن يطالب كل صاحب حق بحقه، ومن الغريب أن تنصّب إسرائيل نفسها متحدثًا رسميًا ومحاميًا عن اليهود، في حين أنهم أولى بذلك.

واستبعد أستاذ الدراسات العبرية، أن تستند دولة الاحتلال إلى القانون الدولى، مؤكدًا أنها تعى تمامًا أنها ستكتوي بنفس النار إن فعلت، حيث ستلجأ الدول العربية إلى اتباع نفس الأسلوب، استنادًا لنفس القانون.
ويضيف الخبير السياسي حسام سويلم، فى تصريحات لـ"الدستور"، أن إسرائيل تفتح هذا الملف بين الحين والآخر الملف بلاطائل ولا فائدة، بل إنها اتصلت بالعديد من الحكومات العربية المختلفة، لكنها لم تلق أي استجابة مؤكدًا أن مصر عوضت اليهود الذين خرجوا منها عام 1956.

سبب خفي
لكن نائب وزير الخارجية السابق، داني أيالون، الذي شغل منصب سفير إسرائيل بالأمم المتحدة، وأحد أبرز من روجوا لهذه الإستراتيجية، أوضح المزيد عن أسباب فتح الملف حين أكد أنه ردٌ على المطالب الفلسطينية بحق العودة للاجئين أو التعويض وفقاً لقرارات الأمم المتحدة.

ويلقى هذا الملف توافقًا من الحومة والمعارضة على حدٍ سواء، إذ أكد رئيس المعارضة ورئيس حزب المعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوج، أن هذا الملف يندرج ضمن برنامج حبه السياسي، قائلا: إذا ما تم التوصل إلى اتفاق إقليمي فلا شك أن هذا الأمر سيكون على الأجندة.

أدلة داحضة
وبعكس ما يقوله إبراهام بيتين رئيس لجنة الهجرة والاستيعاب البرلمانية بالكنيست، بشأن أن اليهود تركوا الدول العربية قسرًا، فهناك أبحاث إسرائيلية تشير إلى أن معظم من هاجروا بعد عام 1948 هاجروا طواعية، أو أن المؤسسات الصهيونية سعت إلى دفعهم إلى الهجرة إلى إسرائيل.

كما أن كثيرًا من تقارير الاستخبارات والأرشيف الصهيوني ومذكرات عدد من قادة إسرائيل، وأشهرهم شلومو هليل، الذي شغل مناصب وزارية رفيعة، كشفت عن دور الوكالة الصهيونية في تدبير عمليات تفجير في الوطن العربي، في أحياء يهودية، وتنظيم حملات تهجير سرية لليهود إلى فلسطين، ما يثبت أنهم لم يتعرضوا لعمليات طرد وترحيل.