الخطر الأكبر على الحشاشين.. حرب الإمام الغزالي وحسن الصباح
ربما كانت لنشأة الإمام الغزالي المغايرة سببا في مده بالكثير من القناعات التي عول عليها في كبره، والحكاية انه لما أحس الاب الغزالي بدنو اجله عهد بإبنيه أبي حامد وشقيقه الأصغر احمد إلى صديق له متصوف وأوصاه بصرف كل ما ادخره لتعليم ولديه وأنه يتمنى ان ينجحا فيما فاته ولم ينجح هو في تحقيقه وأن يكون ابنه فقيها.
وتربى الولدان عند صديق والهدما حتى نفدت المدخرات وكان رجل فقير فطلب منهما أن يلجئا لمدرسة وبالفعل انضما للمدرسة وكانا يحصلان على قوت يومهما وما يعينهما على وقتهما.
نشأ الغزالي على المذهب السني وكان فقيها عظيما فاق أستاذه الجويني الذي جعله مساعدا له في التدريس وقال له كلمته الشهيرة بعد تأليفه لكتابه "المنخول في علم الأصول": "دفنتني وأنا حيّ، هلّا صبرتَ حتى أموت؟".
الغزالي والصباح ونظام الملك
كان الإمام الغزالي معاصرا لفترة حسن الصباح ونظام الملك وعمر الخيام وكان نظام الملك وزير الدولة السلجوقية وهو الذي أحب نشر المذهب الشافعي في الدولة السلجوقية وأنشأ المدارس ومن هنا قصده الإمام الغزالي في الوقت الذي كان لنظام الملك مجلسا يجمع العلماء، فناظر الغزالي كبار العلماء في مجلسه وغلبهم، واعترفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل.
كان الوزير نظام الملك زميلًا للغزالي في دراسته، وكان له الأثر الكبير في نشر المذهب الشافعي والعقيدة الأشعرية السنّية، وذلك عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة، وقد قبل الغزالي عرض نظام الملك بالتدريس في المدرسة النظامية في بغداد، ولم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره".
وقوفه ضد الفرق
وقف الإمام الغزالي ضد الفرق وأصدر كتابه الشهير “فضائح الباطنية” ليشرح كل ما يتعلق بهذه الفرقة وكيف يستميلون الخلق ويؤثرون عليهم ويحاججونهم بمختلف التاويل وغيرها، يقول الإمام في الباطنية:" إنما لقبوا بها لدعواهم أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في الظواهر، مجري اللبن من القشر وأنها بصورها توهم عند الجهال الأغبياء صورا جلية، وهي عند العقلاء والأذكياء رموز وإشارات إلى حقائق معينة".
درجات الحيل
يذكر الإمام الغزالي في كتابه أن الباطنية نظمت على تسع درجات، وقد ذكرها الفنان نضال الشافعي في المشهد الذي جمعه بتلاميذه في المسجد، وقسم الإمام الدرجات إلى مراتب، أولها الزرق، والتفرس، والتأنيس، والتشكيك، والتعليق، والربط، والتدليس، والتلبيس، والخلع، والسلخ.
وضرب الإمام مثلا بالزرق وقال إنهم قالوا أن الداي ينبغي أن يكون فطنا ذكيا وصحيح الحدس وصادق الفراسة متفطنا للبواطن بالنظر إلى الشمائل والظواهر وليكن قادرا على ثلاثة أمور أولها وأهمها أن يميز بين من يجوز أن يطمع في استدراجه ويوثق بلين عريكته ما يلقى إليه على اختلاف معتقده، والثاني ان يكون مشتعل الحدس ذكي الخاطر في تعبير الظواهر وردها إلى البوطان وبالجملة فإذا لم يقبل المستجيب منه تكذيب القرآن والسنة فينبغي أن يستخرج من قلبه معناه الذي فهمه ويترك معه اللفظ منزلا على معنى يناسب هذه البدعة، والثالث من الزرق والتفرس وهو ألا يدعو كل احد إلى مسلك واحد بل يبحث عن معتقده أولا وما إليه ميله في طبعه ومذهبه.
الباطنية
أما عن الفرق والباطنية يقول الإمام الغزالي:" هذه الدعوة لم يفتتحها منتسب إلى ملة، ولا معتقد لنحلة معتضد بنبوة، فإن مساقها ينقاد إلى الانسلال من الدين كانسلال الشعرة من العجين، ولكن تشاور جماعة من المجوس والمزدكية وشرذمة من الثنوية الملحدين وطائفة كبيرة من ملحدة الفلاسفة المتقدمين وضربوا سهام الرأي في استنباط تدبير يخفف عنهم ما نابهم من استيلاء أهل الدين، وينفس عنهم كربة ما دهاهم من أمر المسلمين، حتى اخرسوا ألسنتهم عن النطق بما هو معتقدهم من إنكار الصانع وتكذيب الرسل، وجحد الحشر والنشر والمعاد إلى الله في آخر الأمر.
اقرأ أيضًا..