"ليتني أجعلك تحب الكتب أكثر من والدتك".. وصية قوية من"خيتي" لابنه "بيبي"
قدمت الحضارة المصرية القديمة، خلاصة عملها وأدبها إلى العالم، فاشتهر الأدب المصري القديم بالتعاليم والرسائل البليغة من الآباء إلى الأبناء، وأشهر هذه التعاليم التي وصلت إليها هي تعاليم الحكيم “خيتي بن دواوف” لابنه “بيبي”.
ونستعرض في التقرير التالي، كيف رسخ "خيتي" حب القراءة والكتب لابنه "بيبي"، وفقًا لـ موسوعة مصر القديمة (الجزء السابع عشر) باسم "الأدب المصري القديم"، لـ العالم الأثري الكبير الدكتور سليم حسن.
تعاليم الحكيم “خيتي بن دواوف” لابنه “بيبي”
عُرفت أيضًا هذه التعاليم باسم تعاليم "دواوف" إلى أن أكد العالم "جاردنر" أن اسم كاتبها هو "خيتي بن دواوف"، وأن "خيتي" كتبها لابنه "بيبي".
ويشير العالم الأثري سليم حسن، إلى أن هذه النسخ من التعاليم وصلت إلى علماء الآثار على هيئة أوراق بردي، وبعضها على لوحات خشبية، وفقرات على قطع الخزف، وشظيات من الحجر الجيري الأبيض الأملس، مشيرًا إلى أن " أقدم فقرات وصلت إلينا منها هي التي اهتدى إلى حلها "بيانكوف"، ويعود عهدها إلى أوائل الأسرة الثامنة عشرة.
ويرجع السبب في ازدهار التعاليم والأدب وحب القراءة في ذلك الوقت، إلى انتشارها في مدارس عهد الرعامسة، التي كانت تتغنى بأهمية المدارس والتربية المدرسية وبامتداحها لمهنة الكاتب.
مدرسة جامعة يتعلَّم فيها أولاد علية القوم مصر القديمة
ويفتتح الحكيم "خيتي" تعاليمه ورسائله إلى ابنه "بيبي" بذكر اسمه وابنه الذي من أجله كُتِبت هذه النصائح فيقول:
“تعاليم ألَّفَها مسافر في حجرة سفينة اسمه “خيتي” بن “دواوف” لابنه “بيبي”، حينما سافر مصعدًا في النهر إلى عاصمة الملك ليلحق ابنه بالمدرسة بين أولاد الحكَّام".
ويحلل كبير الباحثيين الأثريين، سليم حسن، هذا العنوان، مشيرًا إلى أنه يكشف لنا عن حقائق خطيرة من الوجهة التعليمية والتاريخية، فمنه نعلم أنه كان يوجد "مدرسة جامعة يتعلَّم فيها أولاد علية القوم في عاصمة الملك"، وأن العاصمة كانت وقتئذٍ في الوجه القبلي؛ لأنه كان على "خيتي" أن يقلع بسفينته مصعدًا في النهر، ومن الجائز أنها كانت وقتئذٍ "أهناس المدينة" أو "طيبة".
وصية الحكيم "خيتي" إلى ابنه: ليتني أجعلك تحب الكتب أكثر من والدتك
وينصح الحكيم "خيتي" ابنه الصغير بأن يحب العلم أكثر من حبه لأمه، ويقول له، إنه عاجز عن تصوير جماله له، ثم يشير إليه بأن صناعة الكتابة تفوق كل الحرف، وأنه لو تعلمها فإن القوم يهنئونه على ذلك فيقول:
"لقد رأيتَ مَن ضُرِب، فعليك أن توجِّه قلبك لقراءة الكتب، ولقد شاهدت مَن أُعتِق من الأشغال الشاقة. تأمَّلْ! لا شيء يفوق الكتب".
ويضيف الحكيم خيتي: "اقرأ في نهاية «كمت» (لعله اسم كتاب قديم) تجد فيه هذه: إن الكاتب عمله في كل مكان في حاضرة الملك، ولن يكون فقيرًا، والرجل الذي يعمل على حسب عقل غيره لا ينجح. ليتني أجعلك تحب الكتب أكثر من والدتك، وليت في مقدوري أن أُظهِر جمالَها أمام وجهك، إنها أعظم من أي حرفة… وإذا أخذ (التلميذ) في سبيل النجاح وهو لم يزل طفلًا، فإن الناس تهنِّئه، ويُكلَّف تنفيذ الأوامر، ولا يعود إلى البيت ليرتدي ثوب العمل (مثل أرباب الحِرَف الأخرى)".
أقرأ أيضًا