رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شهادة بريطانية للمدارس الحكومية


طيرت لنا الأخبار أن مئات من المدارس الخاصة فى بريطانيا تواجه مصاعب مالية نتيجة تراجع الإقبال على التعليم الخاص ولارتفاع مستوى التعليم بالمدارس الحكومية، ولما كانت بريطانيا صاحبة الريادة فى الاهتمام بالتعليم، فقد قلت فى سرى «عقبال عندنا» فقد أصبح التعليم الخاص فى مصر نوعاً من الوجاهه الاجتماعية، وبدأت الريادة فى الإقبال على هذا التعليم من الأسر القادرة التى على استعداد لدفع آلاف الجنيهات سنوياً لأطفالها فى المراحل الأولى من السلم التعليمى، فيبدأ التعليم الخاص من الروضات، وتركز هذه الروضات على بعض مظاهر الفخامة من حيث البناء والأثاث والمساحات الخضراء، وقلة عدد الأطفال فى الفصل، والله وحده يعلم المحتوى التعليمى الذى يتعاطاه هؤلاء الأطفال الصغار، فمعظم مناهجهم وكتبهم تأتى من الخارج، ولا يستطيع الطفل الذى يبدأ سلمه التعليمى فى هذه الروضات أن يلتحق بالروضات الحكومية، فيواصل تعليمه حتى المرحلة الثانوية بالتعليم الخاص والتكاليف الباهظة، وقد لايعجب أسرته إلحاقه بالجامعات الحكومية، فيلتحق بالجامعات الأجنبية بمصر وما أكثرها، ويتخرج فيها وهو جاهل وغريب تماماً مجتمعه المصرى، أما التعليم الحكومى فهو تعليم الغلابة وغير القادرين على دفع آلاف الجنيهات، والذى يقبل عليه أغلبية أبناء الشعب، فأسر هؤلاء الغلابة ليس أمامها إلا إلحاق أطفالها بالروضات الحكومية وفى أحسن الظروف، فسعيد الحظ من أطفال الغلابة هو الذى يجد له مكاناً فى أى روضة من الروضات الحكومية حتى لو كانت تبعد عن مسكنه مئات الأميال. ولذلك فليس أمام أولياء الأمور إلا القبول بحتمية حل التعليم الحكومى، لا ننكر أن هناك اختلافاً بين التعليم الخاص والتعليم الحكومى من حيث الشكل والمضمون، ولكل منه محاسنه وسوءاته، والتعليم ليس حشو عقول الطلبة بالمعلومات التى تشتمل على الغث أكثر من الثمين، عن طريق بعض المقررات التى عفا عليها الزمن، فالتعليم أقدس من ذلك بكثير، فالمهمة الأولى للتعليم هى إعداد مواطن صالح، يعرف كيف يحترم الآخر ويشعر بالانتماء لوطنه، لا يهدمه بل يساعد فى بنائه و يحافظ على قيمه الأصيلة .

ويبدو أن بريطانيا صاحبة الريادة دائماً عند المصريين فى كثير من الأمور، وأوضح مثال على ذلك، الاستعانة بشركة بريطانية لتأمين حركة الطيران المصرية، كأن مصر خلت من الكوادر فى هذا المجال، ويصح القول هنا إن أهل مصر أدرى بمواطن قوتها وضعفها، ولكن يبدو أن وزارة المالية لديها فائض من الدولارات فطيرتها للشركة البريطانية، هل أمن الطيران المصرى يحتاج إلى انشطار الذرة، لقد نجحت مصر فى كثير من المواقف لعمليات التأمين، وخير دليل على ذلك هو تأمين المؤتمر الاقتصادى الذى عقد بشرم الشيخ، أم أن عقدة الخواجة مازالت تسيطر على قراراتنا.

 عضو اتحاد المؤرخين العرب