رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا نهضت الصين.. ولم تتقدم مصر؟


سؤال يتكرر دائماً فى كل محفل وعندما يتلاقا الرئيسان المصرى والصينى، فمن المعروف أن الثورة الشيوعية قد نجحت فى الصين عام 1949 ومنذ هذا التاريخ عمل زعماء الصين على القضاء على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها بطرق غير تقليدية وتتلاءم مع البيئة الصينية، معتمدين فى بناء المستقبل انطلاقاً من حضارة الماضى، وتقدمت الصين بأقدام راسخة لتحقيق نهضتها، والثورة المصرية التى قامت بعدها بسنوات قليلة عام 1952 وتزعمها بعض الشباب من الجيش وأيدها الشعب قلباً وقالباً، وكان لها تطلعاتها وأهدافها المحددة لتحقيق النهضة الحقيقية بعد أن أزاحت الملكية الفاسدة، وبدأت خطوات الإصلاح، وتداول على حكم مصر بعد جمال عبدالناصر الرؤساء ولا يمكن ؤنكار جهود بعضهم ولا وطنيتهم، ومع ذلك لم تتحقق فى مصر نهضة تماثل نهضة الصين. ربما كان الموقع الجغرافى للصين فى شرق العالم جعلها تتقوقع على نفسها وتنظر إلى داخلها وتفتش عن إمكاناتها،وساعدهم سور الصين العظيم على هذا التقوقع واختارت من مفردات حضارتها لتنهل ما يصلح لنهضتها الحديثة، فى الوقت الذى تقع مصر فى قلب العالم، وتأتيها الأمواج العاتية من كل ناحية، فموقع مصر الجغرافى الفريد كان له وجهاه، فابتليت مصر بالاستعمار البريطانى العنيد الذى أذاق المصريين شتى ألوان الظلم والعذاب، واستنزف العدو الرابض على حدود مصر الشرقية مواردها فى عدة حروب بدأت بحرب 1956 وتلتها نكسة عام 1967 وما أعقبها من تدهور لكل الأحوال المصرية، ثم انتهت الحروب بانتصار 6 أكتوبر عام 1973واستعادة شبه جزيرة سيناء، والزعيم الصينى وقائد ثورتها «ماوتسى تونج» كان يتصرف بحرية دون أن ترتفع جمعيات حقوق الإنسان وأتباعها باعتراضاتها على قتل هذا أو سجن ذاك، وحظرت الصين كل الفلسفات والأيدولوجيات إلا ماركسية ماوتسى تونج، وكان أشهر قادة وزعماء القرن العشرين وله تأثير مباشر وعميق على أعداد ضخمة من سكان الكرة الأرضية يفوق كثيراً ما كان لغيره من زعماء هذا القرن، وتصرف بحرية كاملة،فلم يكن أمامه غير نهضة الصين فحسب، والأهم من كل هذا أنه لم يواجه الجماعات الإرهابية على كل لون، لكى تستنفد طاقاته واقتصاده وتشتت ميادينه، لعرقلة مسيرة النهضة، كما أن الصين اهتمت بالبحث العلمى والعلماء وآمنت بالتقدم العلمى، فمن أقوال «ماوتسى تونج» فى هذا الصدد «لابد لنا أن نرفض وننقد كل النظم البورجوازية، ولكن لا ينبغى أن يحول بيننا وبين معرفة العلوم والتكنولوجيا المتقدمة الموجودة لدى العالم الرأسمالى»، فأنشأت أكاديمية العلوم الصينية عام 1949، وأتبعتها بإنشاء عدة هيئات للبحث العلمى فى جميع المجالات، وتنبأ أحد الكتاب بأن الصين ستصل بحلول عام 2020 إلى مستوى المعيشة الموجودة فى أرقى الدول، ولذلك فالعلاقات الحالية مع الصين تدعونا لأخذ القدوة والتفاؤل.

■ عضو اتحاد المؤرخين العرب