رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أعمال أدبية تنبأت بالثورة»: « أجنحة فراشة» سلماوي رسمت سيناريو أحداث يناير.. و«قبل الطوفان الجاي».. كانت «جرس الإنذار» الذي تجاهله مبارك ونظامه

جريدة الدستور


لم تكن الساحة الإبداعية بعيدة عن الأحول السياسية، قبل عام 2011 التي انطلقت في بداياته ثورة 25 يناير، فهناك العديد من الأعمال الأدبية التي تنبأت بقيام ثورة يخرج فيها الشعب للمطالبة بالعدالة الحرية وتكافؤ الفرص، وتوفير لقمة العيش.
كانت رواية «أجنحة الفراشة» الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية للكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب وأدباء العرب سابقا، تنبأت بحدوث موجة عارمة من الاحتجاجات التي لن يقدر النظام على إيقافها أو التصدي لها، متحدثا في عن دور التكنولوجيا الحديثة مثل الهواتف المحمولة وتجمعات الفيس بوك وكافة مواقع التواصل الاجتماعي في إشعال فتيل الثورة وتغيير شأن البلد تماما ليضع الجميع أمام مفاجأة كبيرة لم يتوقعها أحد.
ولم يكتف "سلماوي" في روايته بتحديد أسباب سقوط الحكومة، لكنه ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير عندما نجح في وضع خطوط سيناريو ثورة 25 في روايته الصادرة قبل اندلاع الثورة بقليل، فأشار على سبيل المثال إلى قيام الحكومة باعتقال جميع أقطاب المعارضة، وكل المتعاملين معهم، ومن ضمنهم مجموعة الشباب وقود العصيان المدني، وكذلك تخيل امتناع معظم الموظفين للذهاب إلى أعمالهم، وغلق التجار أبواب محالهم، حتى تضطر الحكومة للاستقالة، فتبرز هيئة وطنية تعد لانتخابات حرة على مستوى البلاد.
أما الكاتب محمد علي خير، في كتاب "الطريق إلى قصر العروبة" الصادر عن دار صفصافة، عرج المؤلف إلى المجالات ذات الأثر في اتخاذ القرار السياسي في بلادنا، وأكد على أننا بحاجة إلى صياغة دستور جديد يصاغ بما ينفى السلطات الاستبدادية لرئيس الدولة.
وأوضح خير، في مقدمة كتابه أن جوهر الكتاب يسأل عن القوى السياسية التي تؤثر وتحسم شخصية رئيس الجمهورية "أي رئيس".
وعن دار نشر مدبولي صدرت أيضا رواية بعنوان "ماسبيرو" للروائي نصر رأفت، التي دارت أحداثها بالكامل داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون، واستعرض أسرار وكواليس وخبايا حياة الموظفين اليومية بما فيها من أسرار وصراعات ومشاكل وأزمات وانحرافات ورشوة وفساد.
وتكشف الرواية الكثير من مجالات العمل داخل هذا المبنى العملاق الذي يضم 45 ألف موظف، وهو أكبر مبنى حكومي يجمع هذا العدد الهائل من البشر.
وقال نصر رأفت في بداية الرواية، ماسبيرو صندوق عجائب كبير، فيه سلاطين يحكمون بغير ما أمر الله وفيه أكابر يبصمون على الأوراق دون أن يروها وفيه عساكر مدججون بالأوسمة دون أن يروها وفيه نجوم مرشحون لجائزة الأوسكار، وليس لهم إنجاز يذكر! فيه حاشية تمتص دم الموظفين الصغار بلا ضمير وفيه جنرالات يجلسون ساعة المعركة تحت السيشوار هذا المبنى الضخم العملاق الذي يشبه الديناصور المنقرض ماسبيرو فيه ملاك واحد وألف شيطان رجيم! وتنتهي أحداث الرواية باحتجاجات كثيرة يقودها موظفو ذلك المبنى ضد رؤسائهم ويطالبون بالكشف عن الفساد.
ويشير الكاتب محمد طعيمة، إلى كتاب "جمهوركية آل مبارك" الذي قام للمرة الأولى بطبعه ونشره عام 2009، على نفقته الخاصة ، بل وكان يقوم بتوزيعه بنفسه ، ثم صدرت الطبعة الخامسة قبل تفجر أحداث الثورة المصرية عن "دار الثقافة الجديدة".
وجمع المؤلف وعنوان الكتاب بين كلمتي الجمهورية والملكية في إشارة إلى اختلاط الأمور، وتحول الجمهورية إلى حكم ملكي يتوارثه الأبناء ، حيث يؤكد المؤلف في أحد المقاطع " في ظل حكم الأب بالشراكة مع الابن تآكل الرصيد الاقتصادي والسياسي والإقليمي والاجتماعي والثقافي ولانتمائي للبلد.
مقدمة الكتاب كتبها الروائي المصري صنع الله إبراهيم "فيما بعد.. عندما ينجلي غبار المعركة، ويفوز الشعب المصري بحقه في اختيار حكامه، سيكون القارئ بحاجة إلى سجل بأعمال أعاقت "فضيحة التوريث" منها هذا الكتاب.
وتوقع الكاتب على أبو المكارم"، في رواية "الموت عشقا" التي صدرت عن مكتبة مدبولي عام 1990 ، تدهور الحركة التعليمية والأوضاع الاجتماعية والسياسية في مصر منذ التسعينات من القرن الماضي، ومشهد اكتساح الحزب الوطني في الانتخابات البرلمانية ، ومحاولات الحكومة تكميم أفواه معارضيها الذين كانوا أشبه "بقنابل موقوتة" قابلة للانفجار في أية لحظة.
ومن ناحية أخرى أكد الشاعر الكبير سيد حجاب "أنه قد تنبأ بثورة 25 يناير، منذ ثلاث سنوات نظرا لتصاعد المعركة السياسية في مصر ما بين فريقين الأول حريص على استقلال مصر، والثاني من بيدهم القرار في البلاد لديهم مشاريع مرتبطة بعلاقات خارجية".
لذا فان "حجاب" كان يرى أن الأمل في دخول قوى جديدة إلى الساحة السياسية وهي وحدها الكفيلة بإحداث التغيير والإصلاح المنشود في مصر، وهو ما حدث مع ظهور شباب المدونين ، ومستخدمي الإنترنت الذين يستخدمون أرقى أحدث تقنيات العصر، واستطاعوا أن يستشعروا بهموم الشعب المصري وأحلامه.
وأشار إلى ديوان "قبل الطوفان الجاي" الصادر عن دار ميريت عام 2009 ، والذي يتضح من عنوانه وكأنه تحذير وبمثابة نبوءة في أن واحد بأحداث الثورة المصرية ، وإننا لا نزال نمتلك فرصة أخيرة، وإن كانت صغيرة للتغيير للأفضل قبل أن يجرفنا الطوفان.. طوفان الشباب الذي جاء ليكتسح وجه الماضي والحاضر ويبشر بمستقبل أفضل لمصر والمنطقة العربية ككل.