رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وجبة أم طبخة.. أم سياسة تحميل يا تموين؟!


ظهر اصطلاح الوجبات متماشياً مع سرعة إيقاع العصر وعمل الزوجات لملاحقة ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم تفرغهن للعمل المنزلى أو لأجل العاملين لساعات طويلة خارج المنزل، وتحول الأمر من ساندوتشات الفول والفلافل والبطاطس والباذنجان وأطباق الكشرى وأرغفة السمك والجمبرى والكبدة والمخ إلى الوجبات الجاهزة من الفراخ المشوية والأوراك والصدور والفراخ الكاملة المطهية ومعها البرجر ومنتجات اللحوم المفرومة وغيرها، وبالتالى فالأصل فى كلمة وجبة هى الطعام للتناول الفورى. بخلاف ذلك فقد تعودت سيدة المنزل أن تولف خضارها بنفسها واللحوم أو الدواجن أو أوراك وصدور الدجاج أو اللحوم المفرومة والأسماك. من الواضح أن التنوع هو الأصل ويحكمه ذوق كل أسرة فى استهلاك الغذاء، فالبعض يفضل الأرز بجوار الخضراوات المطبوخة والبعض يفضل المكرونة والبعض لا يفضل هذا ولا ذاك حتى مع الأسماك ويقتصر أكلها فقط مع السلطات.

ولا أدرى ماذا يدخل وزارة التموين فى موضوع الوجبات الغذائية سواء الجاهزة أو نصف المطهية مع ملاوعة وبيع سلع محملة والادعاء أنها وجبة بينما هى فى الحقيقة «طبخة» أو «مقترح طبخة» مصممة على ذوق وزير التموين وتفرض أنواعاً معينة من الخضراوات بجوار مصدر البروتين كأن تكون وجبة الأوراك ومعها بطاطس؟! طيب وأنت مالك بنوع الخضار فلربما رغبتربة الأسرة أن تطبخ مع الأوراك فاصوليا أو لوبيا أو ملوخية أو شوربة لسان عصفور أو شوربة خضراوات أو غيرها فما الذى يدخل الوزارة أى الحكومة فى فرض ذوقها على طعام الأسرة؟! أنا أتفهم كخبير أمن غذائى أن توفر وزارة التموين السلع منفردة أى الأوراك والفراخ واللحوم والمفروم والأسماك وبتخفيضات وتوفر بجوارها مختلف أنواع الخضراوات وكذلك الطماطم وتترك المستهلك يولف مايشاء منها ولا تفرض عليه مثلاً أن يطبخ ببرطمان الصلصة بينما هو يعشق الطبخ بالطماطم!. ومال وزارة التموين أن تفرض علينا أرزاً مع السمك المكريل؟! أليس هذا عودة لنظام التحميل المقيت؟! وأليس الفقراء يصرفون الأرز على بطاقات التموين؟! وبدل من أن يشترى الفقير الماكريل بعشرة جنيهات يشتريها بثلاثين بعد التحميل؟! ونفس الأمر فى اللحم المفروم عندما تتصور وزارة التموين أن اللحم المفروم مخصص فقط لصينية المكرونة بالبشاميل؟! وما الذى يمنع ربة المنزل أن تستخدم اللحم المفروم فى عمل كفتة بانيه بالبيض والبصل أو كبيبة أو تصنعها كفتة أرز مطبوخة أو تحولها إلى صينية كوسة أو بطاطس أو أى شىء آخر؟! لماذا تفرضون علينا إرادتكم فى الطعام؟، فطالما أن الأمر فى حقيقته طبخة وليست وجبة سابقة التجهيز فكل ماعليك أن توفر السلع فراد وتترك للمستهلك حق التوليف لطبيخه يختار من المتاح ما يشاء وطبقاً لميزانيته طبقاً للمثل القائل كل ما يعجبك وارتدى ما يعجب الناس، ولم يقل المثل كل ما يعجب وزير التموين وخبراءه؟! وهل يظن وزير التموين مثلاً أن هذا الإبداع العبقرى بالوجبات بنظام كل على مزاج وزير التموين غائب عن بائعى الخضراوات؟!، وبدل من أن يعرضوا البطاطس والفاصوليا والقلقاس والطماطم والكوسة ليختار منها المستهلك مايشاء فيعرضونها على صورة وجبات؟! وهل هذا النظام موجود فى أى بلد عربى أو أجنبى؟! أنا لا أدرى ماهذا التدخل المقيت فى أذواق الناس فى تناولهم للطعام سواء بلحوم مجمدة أو طازجة بأوراك أو بدجاج، بسمك مجمد أو ببلطى؟!

الأمر الثانى أن وزارة التموين المهمومة بالغلابة توفر الطبخة الواحدة مقابل 30 جنيهاً، وهذا يفتح النيران على الدولة ومرتباتها وما تصرفه من معاشات لعامة الموظفين ومعها مستويات الدخول للعامل والفلاح، لأنه إذا كانت وجبة الغذاء تتكلف وحدها 30 جنيهاً فينبغى أن نضيف إليها ولو نصفها للإفطار ومثله للعشاء أى 30 جنيهًا أخرى، ويصبح الطعام اليومى طبقا لفكر وزير التموين 60 جنيهاً يومياً أى 1800 جنيه فى الشهر للطعام فقط ثم نضيف إليها تكاليف التعليم والعلاج والسكن والكساء والاجتماعيات لنتجاوز الثلاثة آلاف جنيه شهرياً كحد أدنى لنفقات الأسرة؟! بينما المعاشات بين 300 وحتى ألف جنيه، ألا تعلمون أن حلقة مسقعة الفقراء باذنجان وفلفل وطماطم تتكلف عشرة جنيهات وحلة الكشرى عشرة جنيهات وحلة بطاطس «نى فى نى» عشرةجنيهات ووجبة كفتة أرز مطبوخة 20 جنيهاً؟!

يا حضرات العقل زينة ومن تدخل فى مالا يعنيه سمع ما لا يرضيه والعبقرية الطفولية وبال على صاحبها، وصاحب القرار ينبغى أن يتروى ويدرس كل شىء قبل التصرف ولا ينسى أنه محسوب على الدولة والناس ستقول الحكومة عملت كذا ونجحت أو فشلت؟! وفر السلع واترك الخيار للشعب ولا تؤكلنا على ذوقك.