رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسى يبحث مع العلماء الارتقاء بالأخلاق


كنت أنوى الكتابة هذا الأسبوع، عن دور الحركة الإسلامية الوسطية، أو التى تزعم ذلك، فى محاربة الإرهاب مع التركيز على دور النهضة فى تونس اليوم، وخصوصاً بعد أن أقرت مجموعة الأزمة التونسية المشكلة حديثا...

... تطبيق قانون مكافحة الإرهاب بعد العملية الإرهابية التى وقعت فى قلب العاصمة تونس على حافلة من حافلات أمن الرئاسة، وبالقرب من وزارة الداخلية التونسية، وأسفرت عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص. رحم الله تعالى شهداء الأمة جميعا، وأيدَّ الأمة فى حربها ضد الإرهاب الذى شوَّه حياة العرب والمسلمين، وكان سبباً فى زيادة مرض الإسلاموفوبيا فى الغرب، وخصوصاً بعد أحداث الأسبوعين الماضيين فى باريس ومصر وتونس، واستمرار الصراع فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، ونشأة صراع جديد بين روسيا وتركيا بسبب إسقاط الطائرة الروسية على الحدود السورية التركية. كل الأزمات فى العالم العربى والإسلامى!!. وقد رأيت تأجيل ذلك الموضوع للأسبوع المقبل بمشيئة الله تعالى، حيث لفت نظرى اهتمام الرئيس السيسى بمنظومة الأخلاق بقوة وهو أمر ليس منه بمستغرب.

تفرد الرئيس السيسى بين الرؤساء، بالبحث مع أعضاء مجلس علماء وخبراء مصر للارتقاء بمنظومة الأخلاق والقيم فى المجتمع، فضلاً عن جانب ضرورى من التنمية فى مجالى التعليم والصحة والخروج من التخلف. قد يكون ذلك لشعور الرئيس السيسى بالخروج من النمطية فى تدريس أو تعليم أو تربية الأخلاق فى البيت والمسجد والمجتمع.نحن أمام اهتمام شامل من الرئيس بالتنمية المستدامة التى يجب أن تتميز فى العالم العربى والإسلامى بأن يكون أساسها الأخلاق، وليس المادة والقوة العسكرية والسيطرة والهيمنة، كما هو قائم فى النموذج الغربى. هذا التوجه من الرئاسة المحترمة هو توجه يسعى إلى تطبيق بعض مواد الدستور الجديد، الذى لم يطبق بعد، والذى ينص فى بابه الثانى – الذى يتناول المقومات الأساسية للمجتمع على الحق فى الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة «المادة 18». وينص الدستور فى المواد من 19 – 25 على ضرورة الارتقاء بالتعليم بكل مراحله والاهتمام كذلك بالبحث العلمى. إذن الحوار والنقاش بين الرئيس ومجلس علماء وخبراء مصر، يتناول قضايا التنمية فى مصر والخروج من التخلف بالسعى لتطبيق الدستور الجديد أو بعض مواده الأساسية فى هذا الحوار. الربط هنا بين التنمية والأخلاق هو ما نص عليه الدستور الجديد فى المادة «10» التى تنص على أن «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها».

طبعاً الأخلاق فضلاً عن العلم والتنمية هى أساس بناء مستقبل الأمم العربية والإسلامية، كما بنته فى العصور الأولى، وكما رأيناه فى السلف الصالح الذى ركزَّ فى كل شىء على الجوهر ولم يقتصر على الشكل فقط، بل ربما تكون الأخلاق المجال أو الشىء الوحيد الذى نستطيع بكل سرور ويسر، أن نقدمه للغرب والعالم كله، ونكون أساتذة له فى هذا الميدان. القرآن يقول لنا فى وصف أو مدح النبى صلى الله عليه وسلم «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» ويقول النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، لم يقل النبى صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأهدم قيم الجاهلية كلها، وأتبنى مكانها مكارم جديدة، لأن الإنسان العربى حتى فى جاهليته كانت عنده بعض مكارم الأخلاق منها، الكرم أو الشجاعة أو النجدة أو الحلم أو الأناة أو غير ذلك، ولذلك قالرسول الله صلى الله عليه وسلم - لأشجِّ عبد القيس - «إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة». قد نتعلم الأخلاق المهنية من الغرب مع الديمقراطية مثل انضباط قيام القطارات والطائرات والسيارات أو غير ذلك، ولكننا يجب أن نعلم الغرب بقية الأخلاق - ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الرضا والتعاون والتكامل بدلاً من السيطرة والهيمنة والاستغلال وعدم الرضا بما لديهم ومن ثم جاء الاستعمار والطمع والجشع. وللحديث صلة.. والله الموفق.