رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شاهد.. "الدستور" تخترق عالم "المشردين".. مثقف على الأرصفة.. وموظف بلا ملابس.. والمستشفيات تقسو عليهم

جريدة الدستور

عيون شاردة، ملابس بالية بالكاد تستر ما تبقى من الجسد الهزيل، الذي غيرت ملامحه الأيام، يصارع ليتحمل البرد القارس في الشتاء، والحرارة المحرقة للشمس في الصيف.

ينفر منهم المارة بسبب الرائحة أو ظنًا منهم أنهم يتسببون لهم بالأذى، ولكن ما لا يعرفه الناس أن من بين هؤلاء من كانت له حياة مستقرة، وأسرة ومنزل، وكانوا يوما ما يرتدون أفخم الملابس ويأكلون في أفخم المطاعم وليس من "صناديق القمامة".

وإذا ما نظرنا لأسوار وأبواب مترو الأنفاق، لوجدنا عشرات الصور حول غائبين نتيجة فقدان ذاكرة أو معاناة من أمراض نفسية جعلتهم يتركون منازلهم ولا يعرفون كيف يعودون لها مرة أخرى.

نماذج منتشرة في شوارعنا، حاول "الدستور" تسليط الضوء عليها، لتجد أي صدى عند المسئولين.

تروي والدة "إسماعيل سلمان هنداوى"، حكايته، فهو إحدى الحالات التي خرجت من المنزل وانقطعت أخبارها منذ 3 سنوات، تقول السيدة نجاة: "ابني حاصل على شهادة دبلوم صناعي وعمره 33 عاما، مطلق ولديه ابن في الثامنة من عمره".

وتضيف الأم الذي أثقلتها هموم البحث عن ابنها: "كان يعمل في الغردقة وانقطعت أخباره وتركني وترك ابنه ولا نعرف مصيره، كان يعانى من مرض نفسي ومبقاش ياخد العلاج ورجعت له الحالة تاني وزمايله في الشغل شافوه كان ماشى في الطريق من غير هدوم ومقدروش يمنعوه وبعدها اختفى".

حاولت الأم تمالك نفسها ودموعها، لكنها لم تستطع، وأعربت عن خشيتها من تحول ابنها لأحد المشردين الذين يعبثون في أكوام القمامة بحثا عن بعض فتات الخبز ليعيش أياما أخرى، أو ربما لقي مصرعه وهو يسير في الطريق، أو عثر عليه تجار لحوم البشر وتاجرو الأعضاء.

ميدان رمسيس
جلس أسفل الكوبري بجسد هزيل وملابس بالية، يعاني من حالة شلل، "أحمد حسن"، أحد المشردين الذي حاول البعض مساعدته وعرضه على طبيب أو نقله إلى أحد المستشفيات إلا أن المستشفى رفض استقباله، فأخذه شاب إلى منزله وقام بتنظيفه وإعطائه ملابس وذهب به إلى مستشفى حكومي آخر، فقبله وحجز لفترة وعندما ذهب للسؤال عنهه مرة أخرى لم يجده، قيل له إنه طرد من المستشفى لأنه مشرد وليست لديه أموال، بحث عنه بعد ذلك ولم يجده.

المثقف المشرد
حالته أثارت جدلًا واسعًا، على مواقع التواصل الاجتماعي، يدعى "وليد"، عثر عليه أحد الأشخاص يدعى محمد المغربي، الذي وجده نائمًا بجوار سور أحد الأندية، في منطقة الحلمية، وهو يصارع الموت، جسده مغطى بالتراب، شفتاه مشققة من العطش، ذهب إليه المغربي وتحدث معه، وعلم من طريقة حديثه أنه شخص مثقف، اشترى له بعض العصائر والطعام، ولكن للأسف "وليد" لم يستطع الأكل أو الشرب فمعدته التي فقدت التمييز أصبحت غير قادرة على تقبل الطعام.

وعلم منه المغربي، أنه يعانى مرض السكر ويحتاج للأنسولين، وطلب -مستنجدا- سيارة إسعاف وهو يقول: "بالله عليكم متسيبونيش أنا بموت.. ممكن تتصلي بالإسعاف".

وبعد أن اتصل المغربي بالإسعاف طلبوا منه أن يصف الحالة، ووصف لهم حالته وبعد ساعتين جاءت عربة الإسعاف، وكان "وليد" ينزف دمًا من فمه، وعندما شاهده المسعف قال للمغربي إنه متسول ولا يستطيع نقله إلى المستشفى، ولم يعرف مصيره.