رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشروع استصلاح المليون فدان


بدأت فكرة مشروع استصلاح الأربعة ملايين فدان أثناء الحملة الانتخابية للرئيس السيسى بأن تقدم اثنان من أساتذة كلية الزراعة جامعة عين شمس، منهما الدكتور عادل البلتاجى الذى أصبح وزيرا للزراعة بعد ذلك بدراسة علمية إلى الرئيس تؤكد أن تطوير الرى فى أراضى الدلتا يمكن أن يوفر 12 مليار م3 من المياه تكفى لاستصلاح 2.5 مليون فدان، وأن تحويل المساحات المنزرعة بالخضراوات لنحو 2 مليون فدان إلى زراعة صوبات زراعية فالصوبة تقام على مساحة 1/8 فدان وتعطى محصول فدان، أى تضاعف الإنتاجية ثمانى مرات، وبالتالى يمكن اختزال زراعات الخضراوات إلى ربع مليون فدان فقط بدلا من 2 مليون فدان. وبذلك يكون ما تم توفيره من المياه من تطوير الرى ومن تحويل زراعات الخضر إلى صوبات يكفى لزراعة 4 ملايين فدان يمكن أن تضاف إلى الرقعة الزراعية المصرية الحالية. هذا الأمر يوضح أن الرئيس السيسى لم يجتهد أو يستبد فى أمر الأربعة ملايين فدان ولكن كانت له مرجعية علمية فى اثنين من خبراء الزراعة فى مصر ولكن للأسف كانت حساباتهما خاطئة، وكان ينبغى إبلاغ الرئيس بأنهما حاولا تطبيق هذه المنظومة طوال عشر سنوات وبميزانية 50 مليار جنيه «ذهبت أغلبها مكافآت» سواء مع الوزيرين: يوسف والى أو أمين أباظة فى محافظات كفر الشيخ والبحيرة والمنوفية وفشلت فشلا زريعا، بل إن مزارعى كفر الشيخ قاموا بتدمير كل ما تم تطويره من الترع والمساقى والمراوى بعد أن تضررت أراضيهم وزرعهم ضررا بالغاً. وقد سبق لى أن ذكرت عند تطبيق منظومة تطوير الرى فى مصر أنه ينبغى أن تطبق على شبكات نقل المياه فى الترع وفروعها وليس داخل الحقول لطبيعة الأرض السمراء سريعة التملح والتدهور خاصة أن مياه الرى من الترع والمصارف تضيف أكثر من 3 طن أملاح سنويا للفدان، وقلت أتحدى لو تم توفير مليار واحد من منظومة تطوير الرى، لأن وزارة الرى تصرف خمسة آلاف متر مكعب فقط للفدان، بينما يستهلك الفدان ستة آلاف م3 «2500 شتاء و 3500 صيفا»، وبالتالى فلا يمكن أن نوفر من المتوفر فعلا، ولأن أى تطوير للرى سيكون بغرض الوصول به إلى خمسة آلاف م3 للفدان والتى تضخها وزارة الرى فعليا تاركة الفلاح ليدبر بطريقته الخاصة الألف متر مكعب المتبقية سواء من المصارف الملوثة أو يدق ماسورة فى أرضه ليستخرج المياه السطحية أو أن يضرب رأسه فى أقرب حائط، والنتيجة أن وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» نشرت صورة لأراضى الدلتا المصرية فى بداية هذا العام وقد بدأت الأملاح تأكلها وتنتشر فى ربوعها بسبب نقص مياه الرى واستعاضتها بمياه المصارف المالحة والمياه الجوفية السطحية عالية الملوحة والملوثة ببقايا المبيدات والأسمدة، وحذر الباحثون فى مناقشات مستقلة للخريطة من أن الدلتا تشتعل بسبب نقص المياه وزيادة تركيز الأملاح فى أراضيها، بينما نحن مازلنا نستمع لوزير الرى بحتمية تحجيم مساحات زراعات الأرز الذى يقوم وحده بعمل الفيضان لغسيل هذه الأملاح، وبما سيؤدى إلى فقدان أراضى الدلتا التى تقترب وحدها من 4.5 مليون فدان بخلاف أراضى حوافها فى النوبارية والصالحية ومديرية التحرير ورمسيس والطرق الصحراوية وبلبيس ووادى النطرون وغيرها.

الحل الآن هو وضع استراتيجية عاجلة لاستصلاح المليون فدان الأولى كما خطط الرئيس وقبل أن يتطوع وزير الزراعة المستقيل والذى يخضع للتحقيق حاليا صلاح هلال بزيادتها إلى مليون ونصف المليون فدان بحثا عن القربى وإظهار عمله الدءوب، متناسيا أن الأرض ليست هى أساس الزراعة بل إن المياه هى الأساس ويليها الطاقة بشقيها الكهرباء والوقود وأخيرا تأتى الأرض، وسيظل الوزراء يكذبون على الرؤساء ويشتغلوهم طالما أن الرئاسة لا تمتلك المرجعيات العلمية من الخبراء الذين تحتكم إليهم لتقييم صحة ما يصل إليهم، وبالتالى نتلافى ماحدث فى اتفاقية عنتيبى وما يدور حاليا فى سد النهضة ومن قبل فى مشروعات توشكى وترعة السلام وفوسفات أبو طرطور وغيرها.

الأمر يحتاج إلى البدء بأول نصف مليون فقط بعد أن نتأكد من أن المياه الجوفية فى هذه الأراضى تكفى لمائة سنة على الأقل سواء فى غرب المنيا أو فى المغره أو فى أراضى الساحل الشمالى وزمام امتداد ترعة الحمام وترعة السلام من النيل بعد التأكد من توفير الكهرباء والسولار وتحديد المستهدفين ومدة التخصيص كحق انتفاع لمدة 49 سنة وليس 30 سنة فقط وكأنه إيجار وليس حق انتفاع.

نقطة نظام: مقال يحمل عنوان أغنية «قولوله»، وآخر يطلب إيقاف الاستصلاح دونا عن إرادة الرئاسة لا يليق بمقام المخاطب.