رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيانات "المركزي" عن حجم الاحتياطي الأجنبي غير دقيقة.. وخبراء: سياسات المركزي تدمر العملة الأجنبية.. ومخاوف من انفجار الأوضاع بالشارع

جريدة الدستور

شكك خبراء ومصرفيون في صحة الأرقام المعلنة من قبل البنك المركزي فيما يتعلق بالاحتياطي النقدي الأجنبي والبالغ 18 مليار دولار، مؤكدين أن البنك المركزي دمج عددًا من الودائع العربية التي قدمت لمصر قبل وبعد مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري من دول الخليج بجانب بعض الودائع الليبية، مشيرين إلى أن تلك الودائع لا يجوز دمجها في الاحتياطي النقدي نظراً لأنها مستحقة السداد بجانب كونها قابلة للاسترداد في أي وقت وفق رغبة الدولة المودعة.

واتهم الخبراء، البنك المركزي بتدمير الاحتياطي الأجنبي بسياسته النقدية المتبعة والتي تسببت في إهدار نحو 50 مليار دولار خلال السنوات القليلة الماضية، محذرين من أن الزيادة في حجم الدين العام قد تتسبب في التهام أي ارتفاع في معدلات التنمية أو زيادة في الإيرادات من قبل قناة السويس أو أي من المشروعات الكبرى.

وقالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، إن تقديرات البنك المركزي بخصوص الاحتياطي النقدي غير دقيقة، مشيرة إلى أنه يشمل ودائع الدول الأخرى، لأن تلك الودائع ترفع مستوى السيولة وليس الاحتياطي.

وأشارت إلى أن ا"لاحتياطي يجب أن يكون قادرًا على تغطية حاجات المصانع من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وتغطية متطلبات التجارة للسلع الأساسية ودفع أقساط الديون الخارجية المتزايدة بجانب فوائد تلك الديون".

ولفتت إلى أن المستثمرين، أرسلوا شكاوى عديدة للرئيس السيسي، من سياسات المركزي، التي أضاعت الاحتياطي، مؤكدة أنه تم غلق آلاف المصانع لعدم توافر العملة اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج.

وحذرت "فهمي" من استمرار الأزمة التي سيكون من شأنها تشريد العمال واشتعال البلاد بالاحتجاجات، وهو ما يستوجب إحداث تغيير في قيادات البنك المركزي المسئولة عن تلك السياسات بجانب المجموعة الاقتصادية بالحكومة، مشيرة إلى أنها لا تعلم السبيل لعلاج تلك الأزمة والخروج منها.

وتساءلت: "كيف لم يتم اتخاذ إجراءات استثنائية لمنع استيراد السلع الاستفزازية والمنتجات التي لها بدائل بالسوق المصري من خمس سنوات شهدت فيها البلاد ظروفًا استثنائية ولو لمدة 6 أشهر على الأقل لرفع الضغط على الاحتياطي".

من جهته قال وائل النحاس، المحلل المالي، إن الأرقام التي أعلنها البنك المركزي، تشمل 6 مليارات دولار، حصلت عليها مصر عقب مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، بالإضافة إلى 7 مليارات كودائع تم إيداعها بعد ثورة يناير.

وأضاف أن "البنك المركزي يحتاج 500 مليون دولار شهريًا لسداد الالتزامات أي نحو 6 مليارات دولار سنويًا، في حين أن قناة السويس وحدها تدر سنويا ما يقدر بـ 5.4 مليار دولار، وبذلك فأن المركزي لا يلجأ للاحتياطي إلا لسد ثغرات بسيطة".

وأكد أن "المركزي ينتهج سياسات خاطئة حيث بلغ الدين الخارجي 43 مليار دولار منها 34 مليار تم اقتراضهم بسعر 5.6 جنيه ولم تتخط الفائدة حاجز الـ5% وبعدما رفع المركزي سعر الدولار إلى 8 جنيهات و8.25 بالسوق السوداء تصل الفوائد إلى 60% من أصل الدين، مضيفاً أن ذلك فيما يتعلق بحجم الفوائد فقط وهو يؤكد سوء السياسة النقدية والتعامل مع الدولار، بجانب العطاءات والمناقصات التي تسببت في رفع الدولار 6.12 جنيهات، وتم تحذير المركزي حينها من هذا الأسلوب الذي أتبعته إيران قد أتبعت أثناء الحظر الدولي عليها وتسبب في انهيار عملتها بنحو 60% خلال عام واحد.

وتابع: "العملة المصرية تنهار قيمتها بنحو 25% كل عام ثم يتحدث المسئولون عن التنمية الاقتصادية، بينما التنمية الاقتصادية تعني أن يكون هناك معدلات نمو مرتفعة يتبعها تخفيض للتضخم ورفع دخل الفرد الحقيقي وليس متوسط الدخل، إلا أن كل هذا تعمل سياسة البنك المركزي على تدميره وتصبح المجهودات والتصريحات والمؤتمرات المعنية بالتنمية غير مجدية، فإذا لم يصلح مثلث التنمية الاقتصادية فلا حديث عن التنمية مستديمة أو غير مستديمة.

وأردف أن الدين العام زاد نحو 120% منذ 2011، وفي ظل الآمال القائمة ببدء تعاظم إيرادات قناة السويس بحلول 2020 يجب التساؤل حول وضع الدين حينها فالمؤشرات الحالية والاتجاهات التي تسير بها الدولة والتوقع بوصول الدولار إلى 10 جنيهات فالدين العام مرشح أن يتراوح بين 4 : 5 تريليون جنيه ما ينذر بالتهام أي عمليات نمو أو زيادة في الإيرادات، مطالباً بالإعلان عن خطة واضحة لتوفير السلع الغذائية والأساسية والموارد حتى هذا الحين، مؤكداً أنه من غير المقبول اتخاذ سياسات ضريبية تعسفية تطيح بالاقتصاد كاملاً.
وأشار إلى أن "كثيرًا من رجال الصناعة أغلقوا أعمالهم بعدما ارتفع سعر الدولار من 5.60 جنيه إلى 8 جنيهات، ما تسبب في ارتفاع فوائد القروض عليهم والسبب في ذلك السياسة النقدية للدولة، وبجانب ذلك ارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج ما تسبب في زيادة أسعار المنتجات أكثر من الخارج وأبرز دليل على ذلك هو خروج شركة مرسيدس من السوق المصري بجانب أحد شركات الكمبيوتر.
وأردف أنه تم تدمير صناعات الدواجن واللحوم المحلية بارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانية ومستلزمات المزارع المستوردة من الخارج، مضيفاً أن السياسات المحلية تدمر في الوقت الحالي بسبب السياسات النقدية، متابعاً أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت من 8 مليارات دولار إلى 18 مليار دولار بينما أنخفض دخل الدولة من السياحة إلى حوالي 7.5 مليار دولار بعدما كان 12 مليار دولار.
وأوضح أن انخفاض دخل السياحة بواقع 5 مليار دولا لا يمكن أن يتسبب في هذه الأزمة خاصة بعدما ارتفع دخل الدولة الدولاري من تحويلات المصريين بالخارج، مشيراً إلى أن الحديث حول ارتفاع معدلات السياحة أمر أخر غير واقعي ولا يجوز احتساب الوفود السورية والليبية كسياح والدليل أن الفنادق بشرم الشيخ لا تعمل بكامل كفاءتها إلا في الأعياد بحضور المصريين.
ولفت إلى أن معدلات البطالة في مصر وفق الإحصائيات التي تطلقها الأمم المتحدة يتراوح بين 22% : 25% وليس كما تعلن الجهات الرسمية، مؤكداً أن معدلات التضخم هي الأخرى لا تعلن بشكل صريح ولا تحسب بأسلوب دقيق، مضيفاً: "أتمنى أن يكون لدى الحكومة رؤية تقديرية للموقف الحالي في ظل الانهيارات التي يشهدها العالم".
وأضاف أن العالم بات يعاني من نقص في الموارد وتخبط في السياسات المالية وكل دولة تسعى للحفاظ على اقتصادها، ويجب أن تمتلك الدولة المصرية سياسة تحفظية لتحمي رجال الصناعة والأعمال المصريين، مضيفاً:" الطوفان القادم أعنف وهناك دول ستتلاشى من الخريطة وأخرى ستضيع ومن الضروري أن نؤمن أنفسنا ونعي وجهتنا القادمة لتفادي المشاكل".