رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منع ارتداء النقاب بجامعة القاهرة يثير الجدل.. السلفيين: "يخالف الدستور والدين".. وأساتذة الأزهر: ليس فرضًا ويصب في مصلحة الطلاب.. وعمان وتونس سبقتا مصر في تطبيقه

جريدة الدستور

"منع أعضاء هيئة التدريس من ارتداء النقاب أثناء المحاضرات" قرار أصدره الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، آثار به جدل كبير بين التيار السلفي والأزهر، حول مدى مخالفة ذلك القرار لنصوص الدين والسنة، ومدى معارضته للدستور والحرية الشخصية.

جاء القرار حرصًا من جامعة القاهرة على إتاحة مساحة من التواصل بين الطلاب والأساتذة، وبرر "جابر نصار" رئيس الجامعة قراره قائلا:"من حق الطالب أو الطالبة أن يرى وجه من يشرح لهم، للتواصل فيما بينهم، ولا يكون الشرح من وراء ستار، ووضع حد لشكاوى الطلبة من صعوبة التواصل في قاعات الدراسة.

ولم تكن مصر أول دولة عربية تمنع المعلمات من ارتداء النقاب بل سبقتها تونس في ذلك في شهر سبتمبر الماضي، وسلطنة عمان قبل أكثر من 20 عاماً.

علماء الأزهر أكدوا أن الأمر ليس به حرمانية، ويصح للمرأة الاكتفاء بارتداء الخمار فقط وذلك أثناء أوقات العمل الرسمية في المؤسسات الحكومية.

يكفي ارتداء الخمار الشرعي
محمود عبد الخالق، أستاذ فلسفة العقيدة بجامعة الأزهر، رأى أن النقاب يُمنع ارتداؤه في الجامعات والمصالح الحكومية؛ لأن من حق الطالب معرفة من يواجهه، والمسؤولين من حقهم التأكد من هوية الشخص، وعدم استطاع أي فرد انتحال شخصية أستاذ جامعي.

وأكد أن القرار ليس له آثار سلبية على الطالبات، ويدفعهم للاقتداء بالمدرسات وخلع النقاب، بل هو في صالحهم حتى يستطيعون التعامل والتواصل بشكل مباشر مع الأستاذ الجامعي، مشيراً إلى أن المرأة يكفيها الاكتفاء بالخمار الشرعي الذي يغنيها عن النقاب؛ لأنه يستر الجسد تمامًا، ولكن يجب أن يكون فضفاض، مصدقًا لقوله تعالى: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن".

وأوضح أنه من الناحية الدينية على المرأة الاكتفاء بما يستر عورتها، ويظهر كفها ووجهها، ومن ترتدي النقاب تحاول الاحتشام بشكل زائد، وهو أمر يعود لها في النهاية، ولكن خارج أوقات العمل في المؤسسات الرسمي؛ لأن الملابس الإسلامية لها شرطان فقط لا يصف ولا يشف وخلاف ذلك يعد مبالغات.

النقاب ليس فرض
أعرب أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، عن تأييده لقرار منع أعضاء هيئة التدريس من ارتداء النقاب أثناء المحاضرات، مشيرًا إلى أن القرار له أصل في الإسلام، ويتجلى ذلك في أن النبي –صلى الله عليه وسلم- منع المرأة المسلمة المحرمة بالحج والعمرة من ارتداء النقاب والقفازين أثناء الإحرام، والحكمة في ذلك التواصل مع المناسك والشعائر والآخرين.

وأضاف أنه لا يتصور عاقل أن النبي –صلى الله عليه وسلم- يأمر المسلمات بأمر يخالف فرضًا أو واجبًا، فإذا كان النقاب فرضًا ما أمر النبي بخلعه واجتنابه حال الإحرام، بالإضافة إلى أن النقاب عادة من العادات، فلا يأخذ حكما تكليفيًا، فلا يقال عنه واجب أو مندوب ولا يقال عنه حرام أو مكروه، بل هو جائز ومباح مثل عادات الناس وأعرافهم في الأكل والشرب والوسائل المعيشية.

وأكد أنه من المقرر فقهًا أن من سلطة ولي الأمر ومن يفوضه من المؤسسات والأجهزة ذات العلاقة تقييد المباح، وسيدنا "عمر" رضي الله عنه، منع الذبح عدة أيام في الأسبوع في عام الرمادة؛ تحقيقا للعدل ما بين الناس في تحمل الأزمات.

ولفت إلى أن الدول الخليجية الآن تمنع زواج بناتها من غير دول مجلس التعاون الخليجي، لمصلحة النساء في هذه الدول، بالتالي من حق وزير التعليم العالي ورؤساء الجامعات إصدار اللوائح التي تحقق الأمن المجتمعي وعدم التمايز الطائفي في المجتمع ومنها النقاب.

وأشار إلى أنه من الغريب أن مواطن النشأة في الخليج تتخلص منه حاليا، ويصدرون ذلك لمصر، وقد سبقتنا سلطنة عمان من 20 عاما بمنع ارتداء النقاب في المؤسسات التعليمية، بل ومنعت الطالبات من ارتداء النقاب أثناء المحاضرات وفي داخل المعامل.

وتابع قائلًا: "ياليت جامعة الأزهر بكلياتها وقطاع المعاهد الأزهرية يطبقون هذا القرار الإنساني العادل، موضحا أن إذا كانت أستاذ هيئة التدريس منقبة زوجها متشدد أو متغالي في دين الله، ورفض خلعها النقاب، فمن الخطر وجود زوجة المتشددين في مؤسساتنا المجتمعية فليذهبن إلى بيوتهن، ويأخذن بظاهر القرآن، يرحن ويسترحن، لأننا في دولة مدنية وفي مجتمع مدني.

يعيق عملية التواصل
وأيد عبد المنعم الشحات، القيادي بالدعوة السلفية، قرار منع ارتداء أعضاء هيئة التدريس النقاب أثناء المحاضرة، قائلا: قرار منضبط ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ولا يتناقض مع الحقوق الدستورية.

وأضاف أنه:"طالما أن النقاب يعيق عملية التواصل، وتم تخيير عضو هيئة التدريس ما بين خلع النقاب إذا رأته مستحبًا، أو الإبقاء عليه إذا رأته واجبًا على أن يتم توفير مادة لا تستدعي هذا التواصل فهذا قرار صائب، فمن غير المعقول أن يغطي عضو هيئة التدريس وجهه في مادة تستدعى إظهار حركة الشفايف".

واختلف ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، مؤكدًا أنه قرار مخالف للدستور والقانون، وتمييز ضد فئة معينة من أجل مذهبها الديني، ومخالف لكتاب الله وسنة رسوله.

وأوضح، إن النقاب أقل درجاته أنه مشروع، يستحب عند الجمهور وواجب عند بعض العلماء، مما يؤكد أنه لا يمكن اعتباره مخالفا للشريعة؛ لذلك فتدخل جامعة القاهرة بقرار إداري يمنع المنتقبات من التدريس هو تجاوز في حق المرأة المنتقبة.