رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جيل الإصلاح


بناء الدول وتقدمها والانتقال بها من تحديات الوجود إلى مرحلة الاستقرار لجنى ثمار التنمية ليس بالأمر الهين اليسير_ كما يظن البعض_ لذلك بعد مقالى السابق «كن منطقياً ولا تكن معوقاً» والذى كان موجهاً لأعضاء الجهاز الإدارى لحثهم على الاتقان والسرعة والانضباط وإزالة جميع العقبات والعراقيل التى تواجه المواطنين، تولدت فكرة جيل الإصلاح وخطابى هذا_كذلك_موجه إلى جميع الأشخاص القائمين على أمر تقديم الخدمات سواء كانوا موظفين عموميين أو غيرهم مما اُسند إليهم تقديم الخدمات للمواطنين بل لو أردت أن تقول إنه موجه لجُل أبناء هذا الشعب العظيم_من باب التذكرة مع افتراض حسن النية قائم لخلق جيل من المصلحين_ لأن مسئولية البناء مسئولية مشتركة ولن يكون هناك بناء ما لم يكن القائمون عليه مصلحين، واذا رجعنا إلى الأمم السابقة نجد أن القرآن الكريم وجميع الرسالات السماوية عظموا من دور المصلحين فى مرحلة البناء لأن الإصلاح هو سبب تقدم الأمم ورقيها وتمتعها بنعيمها وأن الفساد هو سبب زوال الأمم، قال تعالى فى سورة هود «وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ» ومن هنا يتبين لنا أن الإصلاح شرط لعدم الهلاك، كما أن الإصلاح لابد أن يتطابق فيه القول مع الفعل، فمتى تناقض القول مع الفعل فقد اختل ميزان الإصلاح. هذه الإطلالة ضرورية حتى نعرف كيف نجح الناجحون وكيف تقدمت الأمم السابقة والحالية التى تعاصرنا، لأنه لا يمكن لدولة ان تتقدم مالم يكن لها نصيب من الأشخاص المصلحين الذين يعمرون ويبنون ولا يفسدون، ومع ذلك فإن الفساد بصوره المختلفة منتشر فى بقاع كثيرة من العالم وليس عندنا فقط طبقاً لتقرير المختصين فى هذا الشأن، ومهما حاولت الدول منع الفساد بصورة نهائية سواء كان ذلك بتغليظ العقوبات والتى تصل فى بعض الدول إلى الإعدام أو خلق بيئة طاردة للفساد عن طريق الاعتماد بشكل كلى على التكنولوجيا الحديثة والتى تجعل هناك رقابة مستمرة على أصحاب النفوس الضعيفة فتقويها بكثرة مراقبتها وجودها على الطريق الصحيح، فإن خلق جيل الإصلاح قد يساعد فى إدراك غاية إكمال البناء وإذا كنا نؤمن بأن الفاسدين نفوسهم ضعيفة فهذه الحقيقة يجب أن تكون هى مقدمة الحديث عن مكافحة الفساد وتذكير هذه النفوس وعلاجها وتقويتها، وبذلك تكون قد تكونت الإجابة عن سؤال من أين يبدأ الإصلاح؟ نقول إن الإصلاح يبدأ ببناء جيل مصلح فى كل شىء وأينما وجد_لا يقبل بالعشوائية التى تحيط بنا فى كل الأماكن_ وإذا كنا نرى كذلك أن الموظف هو معول البناء والذى يجب أن نغذى فيه حب الصالحين وكره الفاسدين فإذا أحب الصالحين وأبغض الفاسدين كان شخصاً صالحاً فى ذاته ولكن هذا لا يكفى فلابد من هذا الشخص أن ينتقل إلى مرحلة أعلى فى الدرجة هى أن يكون مصلحاً فى محيطه وليس مفسداً، فمتى كان القائم على تقديم الخدمة للناس مصلحاً مهما كان موقع مسئوليته رئيس أو مرؤوس رسمى أو غيره، تكون لدينا جهاز إدارى قوى يكون وبحق عنصراً فعالاً فى بناء مصر المستقبل... حمى الله مصر وشعبها