رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المفضوح.. قصة قصيرة يكتبها: يسري أبو القاسم

يسرى أبو القاسم
يسرى أبو القاسم

قصة قصيرة لـ«يسرى أبو القاسم» 

وقف فجأة أمام السيارة الميكروباص التى كنا نستقلها .. ضغط السائق على الفرامل.. فانكب كل منا على الآخر .. كان رجلا أنيقا.. وبما أننى كنت أنا المجاور للباب فتحت له وقبل أن أغلق باب السيارة .. تبعته امرأة أربعينية.. ركبت بجواره.. ولا أعرف السر الذى دفعها إلى وضع كل هذه المساحيق رغم جمالها الذى لا يحتاج إلى كل هذا التكلف.. تحركت السيارة فإذا بالجميلة تحملق فى الرجل .. وكأنها تحذره من فعل شىء .. تحسست تليفونى .. وحافظة نقودى .. وسجائرى .. لكنى سخرت من تصرفى .. فالرجل وسيم وأنيق .. والسيدة تحمل من الحلى .. ما يجعلها هدفا للسرقة.. أخذ يتفحصنا واحدا تلو الآخر.. وصاحبة الحلى تترقبه .. أدهشتنا نظراته.. إلا أن وقاره وصوت المذياع العالى منعانا من التعليق .. وقفت السيارة وركبت فتاة محجبة.. ترتدى قميصا قصيرا.. على بنطال ضيق .. وبينما هى تصعد حاولت شد القميص من الخلف ودخلت السيارة.. فقال الرجل..

قرًب قرًب قرًب من غير كسوف

ألا أونا ألا دوه ألا ترى قرًب وشوف

دنيا فيها العجب دنيا قليلة الأدب

البنت ساترة شعرها لكن ضهرها مكشوف

نظرت إليه صاحبة الحُلى لكى يصمت.. فجاء صوت من الخلف.. لسيدة ثلاثينية .. متوسطة الجمال .. وقالت: يا راجل دور على حالك .. فقال الرجل: 

حالى والله أحسن من حالك

 قاعدة ع الفيس بتحبى فخيالك

 وجوزك الغلبان عليكى شقيان

 وبيحلف بأخلاقك وبجمالك

 بفزع قالت السيدة: يا فضيحتى .. وقف يا أسطى نزلنى.. فقالت الشابة صاحبة البنطال الضيق: وأنا هنزل .. قال السائق: يا فتاح يا عليم يا رزاق ياكريم ..

نزلتا فى ارتباك شديد ..ثم تحركت السيارة .. فقال رجل صعيدى: على الطلاج انت راجل مش مربًاى .. فقال الرجل:

بتدور على التربية ياواكل أبوك

طب كنت ترجع مال أخوك

 عامل فيها صعيدى مجدع

 وانت مش لاقى اللى يربوك

 فقال الصعيدى: نزلنى يا بو عمه ..

نزل الصعيدى وهو يرتعد .. مازالت المرأة تحملق فى الرجل .. ولا تتكلم ومازال ينهرها بنظراته .. فقال الراكب الجالس على الكرسى الأمامى .. والذى يبدو على هيئته أنه يشغل منصبا مهما .. اضطرته الظروف ليركب معنا .. يا أخينا عيب اختشى ..

فقال الرجل:

الأخ بيقول اختشى 

والأستاذ شغلته مرتشى

 حرامى ومنافق بالنهار

 وبالليل قميصه شفتشى

فتح الموظف الباب دون وعى .. فضغط السائق على الفرامل .. فنزل الموظف.. ثم هرول فى أحد الشوارع .. فجأة طالب الركاب السائق بالوقوف.. ونزلوا جميعا .. لم يبق إلا أنا والسائق والرجل والجميلة فسألت الرجل .. من أنت؟ ومن تلك الجميلة؟ فقال هى الدنيا.. وأنا ضميركم الذى تفرون منه. تمت.